يقترب مجلس النواب (اللجنة القانونية) من مناقشة صيغة النظام الانتخابي، وليس هناك ولو الحد الأدنى من الرؤية المشتركة، أو مشروع يشكل أرضية ينطلق منها النقاش.لدينا “الصيغة الاحتيالية” التي تحدثنا عنها في المقال الماضي، ويتم تداولها بين بعض النواب، ولا ندري مدى حظوتها في دوائر القرار.
ونأمل ألا يكون لها أي حظوة، لأنها صيغة بائسة؛ فهي القانون القديم بعد إضافة مقعد يتم التنافس عليه على مستوى المحافظة، وليس هناك أي دور أو معنى لهذه الإضافة سوى الادّعاء بأن هناك صوتا آخر.لو أردنا إضافة صوت آخر على مستوى المحافظة، يعطي قيمة مضافة ويؤثر في العملية الانتخابية، فهو يجب أن يكون مفتوحا لجميع المرشحين؛ فيختار الناخب مرشحا من داخل دائرته وآخر من خارج دائرته ضمن المحافظة، أي أن كل مرشح يحتاج إلى أصوات الناس داخل وخارج دائرته، وهو يمكن أن يحصل على أصوات من كل المحافظة، مما يحسن نوعية المرشحين ويوسع تمثيلهم لقطاعات المواطنين من شتى التلاوين، الذين يعطيهم الصوت الثاني هامشا أوسع للاختيار خارج إطار القرابة.هذا ليس اقتراحا للنظام الانتخابي، وحتى صيغة الصوتين بهذه الطريقة ليست كافية، لكنْ هناك ضباب كامل يلف الموقف والنواب في قلب هذا الضباب.
ولا تصدر عن دوائر القرار أي إشارات، وكأن الخطوط أقفلت على خلوتهم بانتظار خروج الدخنة البيضاء. وهنا نضع أيدينا على قلوبنا، فقد اعتدنا أنه كلما انكفأ أصحاب القرار على دائرتهم الضيقة جدا، وأقفلت خطوط التشاور والاتصال، فالمضمر هو إدارة الظهر للجميع، وطبخ صيغة برؤية ضيقة وحسابات قصيرة معاكسة للإصلاح، وتكون النتيجة أسوأ من كل التوقعات.وليس بالضرورة أن تكون هناك صيغة قد باتت جاهزة.
وانطباعي أن تصورا نهائيا لم يتبلور بعد، لكن يجب إعادة التذكير والتنبيه أن ثمة أسسا إذا تم تجاوزها نكون قد ضربنا عرض الحائط بكل ما توصلت إليه النخب السياسية، وما عبرت عنه القوى الاجتماعية في اللقاءات مع اللجنة القانونية، وهي: الدوائر الواسعة، وأكثر من صوت للناخب، ووجود قوائم التمثيل النسبي.ويجب فتح اتصالات فورا مع القوى السياسية لتداول الصيغ المقترحة، وضمان الخروج بصيغة توافقية.
ونحن لا نقبل طبعا أن يفرض طرف تحت الضغط وتهديد المقاطعة صيغته الخاصة، لكن ليس مقبولا فرض صيغة أخرى نقيضة للمبادئ المشار إليها آنفا. ويجب أن لا تأخذ أحدا العزة بوجود أغلبية نيابية جاهزة، فنقترف إثم العودة للمربع الأول.إن مشروع صوتين للدائرة وصوتا للقائمة يمكن أن يكون بديلا معقولا، ومن الأفضل أن يكون صوتا الدائرة حرين، بدلا من تقسيمهما إلى صوت للدائرة وصوت للمحافظة، شريطة توسيع الدوائر لتضم ما لا يقل عن 5 مقاعد.
أما القائمة، فتستحق رؤيا أخرى غير المتداولة، وهي 15 مقعدا ينزل لها المرشحون على حدة.إن قيمة إدخال قوائم التمثيل النسبي هي في شمولها الدوائر والمحافظات، وألا نكون قد عزلنا التنمية السياسية في دائرة ضيقة يرجح أن يستفيد منها طرف واحد فقط، ولسنا هنا بصدد الدخول في تفاصيل الفترة، ولكن عنوانها هو نظام العضوية المختلطة بديلا للنظام المختلط المتوازي الذي تمثله الصيغة التي قدمتها حكومة عون الخصاونة، والتي طبقت في مصر وفلسطين، ولذلك حديث آخر.
،الغد