لماذا تغيرنا؟. هذا سؤال تصعب الاجابة عليه واذا كانت هناك جهة ما تستطيع الاجابة عليه نتمنى ذلك فقد تغيرنا كثيرا في السنوات الأخيرة سواء من ناحية تعاملنا مع بعضنا البعض أو مع قضايا الوطن وأصبح سلوكنا مختلفا تماما عما كان عليه في الماضي فقد كانت العاصمة عمان نموذجا في النظام والنظافة حتى أن الاخوة العرب الذين كانوا يزورونا اما للسياحة أو للعمل كانوا يندهشون ويعجبون بنا وبعاصمتنا وبتنظيمنا العام لكن ذلك كله تغير فالنظافة تراجعت كثيرا وأصبحت الفوضى تسود معظم مناطق العاصمة الرئيسية فالبسطات تنتشر في أهم المناطق التجارية فمعظم الأرصفة في منطقة البلد تحتلها هذه البسطات وكذلك في جبل الحسين حتى أصبح المرور صعبا جدا بالنسبة للمشاة وبعض السائقين يخترقون قواعد المرور في وضح النهار بدون أي رقابة أو عقاب حتى أصبح اجتياز الاشارة الضوئية وهي حمراء مسألة عادية جدا ونشاهده في اليوم عدة مرات والوقوف المزدوج للسيارات حتى في الشوارع الرئيسية المهمة أصبح أمرا عاديا وكذلك المرور بعكس السير في الشوارع.
أما المشاجرات بين طلاب الجامعات فقد أصبحت مع الأسف ظاهرة فلا يمر يوم لا نسمع فيه عن مشاجرة في احدى الجامعات حتى بعض الجامعات التي كان يتفاخر مسؤولوها بأنها محصنة من هذه المشاجرات لحقت أخواتها وامتدت لها هذه المشاجرات.
أما التحرش بطالبات المدارس فلا يمر يوم لا نسمع فيه شكوى من بعض أولياء أمور الطالبات على برامج البث المباشر من التواجد اليومي لطلاب المدارس عند مدارس البنات ومضايقة طالبات هذه المدارس والتحرش بهن بالرغم من تصريحات بعض مسؤولي الأمن بأنهم سيتخذون كل الاجراءات لمنع ذلك.
ونأتي الى الاضرابات والاعتصامات والتوقف عن العمل فكل فئة من هذه الفئات التي تقوم بهذه النشاطات لا تلجأ الى الحوار بل تلجأ رأسا الى الاجراءات التصعيدية بغض النظر عما تتركه هذه الاجراءات من آثار سيئة سواء على العمل أو على اقتصاد الوطن.
واذا أردنا أن نتحدث بصراحة أكثر فبعض مؤسسات الدولة أصبحت مع الأسف مترهلة ولا تقوم حتى بأبسط الواجبات المطلوبة منها واذا أردنا أن نعطي مثلا على ذلك فهو ما حدث في بعض مراكز التربية الخاصة من تجاوزات على نزلاء هذه المراكز من المشرفين عليها في غياب أي رقابة رسمية عليهم.
المشكلة أن لدينا قوانين ولدينا قضاء نزيه عادل لكننا مع الأسف لا نطبق هذه القوانين ونتعامل مع كل الذين يخترقون القوانين والأعراف والنظام العام بالقبضة الأمنية الناعمة وهذه القبضة الناعمة قد تنفع في الحراكات الشعبية التي تعتبر تعبيرا عن الرأي لكنها لا تنفع مع التجاوز على القوانين ولا تنفع مع المستهترين بل بالعكس من ذلك تزيدهم استهتارا وتجعلهم يتجاوزون أكثر على نظامنا وقوانينا العامة.(الدستور)