لماذا لا نحتفل بالمولد النبوي ؟!!
الحمد لله الذي أرسل رسوله بالهدى ودين الحق ليظهره على الدين كله وكفى بالله شهيداً،
وأشهد أن لا إله إلا الله وحده لا شريك له إقراراً به وتوحيداً، وأشهد أن محمداً عبده ورسوله
صلى الله عليه وعلى آله وصحبه وسلم تسليماً مزيداً إلى يوم الدين
أما بعد..
في مثل هذه الأيام يحتفل الكثير من البشر بيوم مولد سيد البشر محمد صلى الله عليه وسلم،
وهم من وقت ليس ببعيد يعدون العدة ويجهزون الأجهزة استعداداً للاحتفال لهذا اليوم، فالأضواء قد علقت في أعمدة الشوارع،
والبيوت قد زينت بالزهور والورود، والحلويات قد أصبح لها سوق رائجة للبيع، وبعض الأمكنة استئجرت حتى يقام بها هذا
الاحتفال، ويقيمون الابتهالات والدعوات في المساجد، أضف إلى ذلك آلات المعازف والطبول والدفوف لإقامة المهرجانات
الاحتفاليَّة بذكره مولده ـ صلى الله عليه وسلم ـ وأشياء كثيرة كثيرة قد نُفِضَ عنها الغبار استعداداً لذكرى المولد النبوي!!
فهل بهذا يكون الإحتفال بمولد سيد البشر ؟؟
إن الناظر في السيرة النبوية وسيرة الصحابة والتابعين وتابعيهم وتابع تابعيهم بل إلى ما يزيد على ثلاثمائة وخمسين سنة هجرية
لم نجد أحدا لا من العلماء ولا من الحكام ولا حتى من عامة الناس قال بهذه العمل أو أمر به أو حث عليه أو تكلم به.
إذن السؤال المهم متى حدث هذا الأمر
وهل الذي أحدثه علماء أو حكام وملوك وخلفاء أهل السنة ومن يوثق بهم أم غيرهم ؟
إن أول من أحدث ما يسمى بالمولد النبوي هم بنو عبيد الذين اشتهروا بالفاطميين أظهروا للناس أنهم شرفاء فاطميون
فملكوا البلاد وقهروا العباد ولم يكونوا لذلك أهلا ولا نسبهم صحيحا بل المعروف أنهم (بنو عبيد ) ؛
من نسل القداح الملحد المجوسي
وعبيد هذا كان اسمه ( سعيدا) فلما دخل المغرب تسمى بـ ( عبيد الله )
وزعم أنه علوي فاطمي وادعى نسبا ليس بصحيح وكان زنديقا خبيثا عدوا للإسلام متظاهرا بالتشيع متسترا به حريصا
على إزالة الملة الإسلامية قتل من الفقهاء والمحدثين جماعة كثيرة وكان قصده إعدامهم من الوجود لتبقى العالم كالبهائم
فيتمكن من إفساد عقائدهم وضلالتهم والله متم نوره ولو كره الكافرون.
وهل يقول عاقل أن هؤلاء الزنادقة الملحدون قد اهتدوا إلي شيء من الحق
لم يعرفه الصديق والفاروق وعثمان وعلي والصحابة والسلف الأئمة وأهل الحديث؟
أيتها العفيفة ..
أما علمتي ماذا في المولد؟ وما الذي يصنع فيه؟
إن الذين يحتفلون بالمولد هم في أحسن أحوالهم مبتدعون، مفتئتون على رسول الله صلى الله عليه وسلم
مستدركون عليه. مجهلون لسلف الأمة وأئمتها.
فالمولد عندهم بدعة أنشأت بدعاً منكرة، بل شركاً وزندقة، فالاحتفال بالمولد عند أهله المبتدعين نظام وتقليد معين،
واحتفال مخصوص بشعائر مخصوصة معهم آلات الغناء وأشعار تقرأ على نحو خاص، وهذه الأشعار تتضمن الشرك الصريح،
والكذب الواضح، وعند مقاطـع مخصوصة من هذا الشعر يقوم القوم قياماً على أرجلهم زاعمين أن الرسول صلى الله عليه وسلم
يدخل عليهم في هذه اللحظة ويمدون أيديهم للسلام عليه، وبعضهم يُطفئ الأنوار، ويضعون كذلك كأساً للرسول صلى الله عليه
وسلم ليشرب منه، فهم يضيفونه في هذه الليلة!! ويضعون مكاناً خاصاً له ليجلس فيه بزعمهم – إما وسط الحلقة،
وإما بجانب كبيرهم.. الذي يدَّعي بدوره أنه من نسله…
[يقول الشيخ ابن باز -رحمه الله-:"وهذا من أعظم الباطل وأقبح الجهل؛ فإن الرسول -صلى الله عليه وسلم-
لا يخرج من قبره إلى يوم القيامة، ولا يتصل بأحد من الناس، ولا يحضر اجتماعاتهم، بل هو مقيم في قبره إلى يوم القيامة،
وروحه في أعلى عليين عند ربه في دار الكرامة".]
ثم يقوم (الذِكر) فيهم علي نظام مخصوص بهز الرأس والجسم يميناً وشمالاً وقوفاً على أرجلهم، وفي أماكن كثيرة يدخل
حلقات (الذِكر) هذه الرجال والنساء جميعاً.
وتذكر المرأة هزاً علي ذلك النحو حتى تقع في وسط الجميع ويختلط الحابل بالنابل فيعم الضجيج والصياح والغناء لساعات
وساعات، فينشغلون بها عن واجبات للدين ومسنوناته!
حتى أن شعوباً كثيرة ممن ابتليت بهذه البدعـة المنكرة اذا أرادت أن تصف أمرا بالفوضى وعدم النظام يقولون (مولد)
يعنون أن هذا الأمر في الفوضى وعدم النظام يشبه الموالد.
والعجب كل العجب من تهافتهم على هذه الأعمال المخالفة للشرع، وتكاسلهم عن واجبات الدين وسننه!!
ومن بدعهم:
إنفاق الأموال على هذا الاحتفال المبتدع، فتقام السرادقات الكبيرة، وتوقد الأنوار الكثيرة، وتقدم أنواع من الحلوى
والمأكولات والمشروبات على جموع الناس، ويتنافس الأغنياء في ذلك، مما لا يخلو من رياء وسمعة.
ومن بدعهم:
الطواف بالشوارع في مراكب مـُزيـَّنة، مغنين ومنشدين وراقصين، في جموع لا تخلو من اختلاط، تنتهي بالجميع إلى قبور
الصالحين، أو مساجد بنيت على أضرحة، أو أماكن أعدت لهذه الاحتفالية، فتلقى الكلمات، وتنشد الأشعار، وتتلى المدائح
النبوية التي لا تخلو من غلو في النبي -صلى الله عليه وسلم- يصل إلى الشرك -والعياذ بالله تعالى.
وقد يقول قائل
ما سبب الحكم على أن من احتفل بذكرى مولد النبي صلى الله عليه وسلم أنه قد ارتكب بدعة منكرة في الدين؟
لقد أفتى علماء العالم الإسلامي على اختلاف أماكنهم وأزمانهم ومذاهبهم الفقهية بحرمة عمل المولد
وأنه من البدع المحدثة التي لاأصل لهاوذلك للأسباب التالية:
1ـ أن النبي صلى الله عليه وسلم لم يحتفل بمولده في حياته وهو المبلغ للدين، ولم يأمر بذلك.
2ـ أن الخلفاء الراشدين لم يفعلوا هذا الاحتفال مع أنهم أحب للرسول صلى الله عليه وسلم منا.
3ـ أن الرسول صلى الله عليه وسلم أوصانا بالتمسك بسنته، وأن لا نعبد الله إلا بما شرع، وذكرى المولد لو كان فيها خير
لذكر لنا رسول الله صلى الله عليه وسلم منها خبراً، ومن تعبّد الله بما لم يشرعه لعباده وعلى لسان رسوله،
فقد اتهم الرسول صلى الله عليه وسلم بالقصور أو بالتقصير في تبليغ دعوة الله.
4ـ قال الإمام مالك بن أنس: “لا يصلح آخر هذه الأمة إلا بما صلح به أولها”،
فما دام أن السلف لم يفعلوا مثل هذه البدعة المحدثة فحري بنا ألا نفعلها، وقد قال الناظم:
وكل خير في إتباع من سلف *** وكل شـر فـي ابتداع من خلف
5ـ أن يوم المولد وليلته لو كان لها مزية لاختصت بفضل معين، ثم إن محبة النبي صلى الله عليه وسلم وتذكر سيرته
لا تكون في يوم واحد بل في كل الأيام نقرأ سيرته ونتبع ما شرعه لنا صلى الله عليه وسلم.
عن عبد الله بن عمرو بن العاص ـ رضي الله عنهما ـ قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم:
“ما بعث الله من نبي إلا كان حقاً عليه أن يدل أمته على خير ما يعلمه لهم، وينذرهم من شر ما يعلمه لهم” رواه مسلم.
6ـ إن هذه الموالد فيها اختلاط الرجال بالنساء، وفيها الغلو بمحمد صلى الله عليه وسلم حتى أنّ بعضهم قد يجعله
في مقام الربوبية، وبعضهم يظن أن محمداً صلى الله عليه وسلم يحضر المولد فيقومون له محييين ومرحبين،
ويكون كذلك من المنكرات مشاركة المعازف من الطبل وآلات الموسيقى، وكذلك بعضهم يستغيث بمحمد صلى الله عليه وسلم
ويطلبوا منه المدد والغوث وأنه يعلم الغيب.
وكل هذه الأمور منكرة محرمة وبعضها فيها شرك بالله ـ عياذاً به سبحانه ـ فكيف إذا اجتمعت كلها.
7ـ الرسول صلى الله عليه وسلم أخبرنا في الحديث الصحيح فقال:
“إياكم ومحدثات الأمور، فإن كل محدثة بدعة، وكل بدعة ضلالة، وكل ضلالة في النار” رواه النسائي
8ـ من فعل هذه البدعة فقد تشبه بأعداء الله فإن النصارى يحتفلون بعيد ميلاد المسيح عيسى بن مريم والرسول
حذرنا من التشبه بأعداء الله فقال: “من تشبه بقوم فهو منهم” رواه أحمد
9ـ من احتفل بذكرى المولد فقد اتهم ديننا بالنقص، ولو كان قصد هذا المبتدع حسناً؛
فإن بدعته طعن في دين الله عز وجل وتكذيب لقوله تعالى:
{الْيَوْمَ أَكْمَلْتُ لَكُمْ دِينَكُمْ وَأَتْمَمْتُ عَلَيْكُمْ نِعْمَتِي وَرَضِيتُ لَكُمُ الْإسْلامَ دِيناً } [المائدة: 3].
10ـ إن الكفار أعداء الله يفرحون بإقامة هذه البدع؛ لأنهم قرءوا كتبنا الإسلامية وعلموا أنه متى أحدث في الدين بدعة ماتت
سنة من سنن المصطفى صلى الله عليه وسلم،بما يروه في هذه الموالد من الخروج عن الشرائع، واجتماع النساء، وإتباع الشهوات،
والرقص، وفعل المحرمات.
11ـ إن الاحتفال بذكرى المولد بدعة يفتح الباب للبدع الأخرى والاشتغال بها عن السنن، ولهذا تجد المبتدعة ينشطون في
إحياء البدع ويتكاسلون عن السنن ويبغضونها ويعادون أهلها.
والبدعة أحب إلى إبليس من مائة معصية؛ لأنها تجر الإنسان إلى الشرك بالله وقد لا يعلم ذلك، ولأن صاحبها يعتقد أنه على
صواب ويجادل عن جواز بدعته، أما صاحب المعصية يعلم أن المعصية غير جائزة وقد يتوب منها ويستغفر الله عز وجل.
فلأي سبب يفرح أصحاب البدعة بميلاده، ولا يحزنون بموته لولا قسوة القلب
أختاه الغالية:
يصور دعاة الاحتفال والاحتفاء بيوم مولد الرسول صلى الله عليه وسلم على أنه هو مقتضى المحبة والتعظيم
لرسول الله صلى الله عليه وسلم، وأن يوم مولده يوم مبارك ففيه أشرقت شمس الهـداية، وعم النور هذا الكون،
وأنه إذا كان العظماء يُحتفل بمولدهم ومناسباتهم فالرسول صلى الله عليه وسلم أولى لأنه أعظم العظماء وأشرف القادة..
قال الله تعالى:(ثُمَّ جَعَلْنَاكَ عَلَى شَرِيعَةٍ مِنَ الْأَمْرِ فَاتَّبِعْهَا وَلا تَتَّبِعْ أَهْوَاءَ الَّذِينَ لا يَعْلَمُونَ) (الجاثـية:18)
ويعرض دعاة الاحتفال بالمولد محبة النبي والإحتفال بمولده على أنها خصومة بين أحباب الرسول صلى الله عليه وسلم وبين
أعدائه وخلاف بين من يعظمون الرسول صلى الله عليه وسلم ويقدرونه وينتصرون له، وبين من يهملونه،
ولا يحبونه ولا يضعونه في الموضع اللائق به.
وهذا من أعظم التلبيس وأكبر الغش للناس، وعامة المسلمين.
ولتعلمي يقينا:
أن الله تعالى قال:
{وما كان لمؤمن ولا مؤمنة إذا قضى الله ورسوله أمراً أن يكون لهم الخيرة من أمرهم ومن يعص الله ورسوله فقد ضل ضلالاً مبينا}
[الأحزاب: 36].
إن الذين لا يرون جواز الاحتفال بمولد الرسول صلى الله عليه وسلم خوفاً من الإبتداع في الدين هم أسعد الناس حظاً بمحبة
النبي صلى الله عليه وسلم وطاعته، فهم أكثر الناس تمسكاً بسنته، واقتفاءاً لآثاره، وتتبعاً لحركاته وسكناته، وإقتـداء به في كل
أعماله صلى الله عليه وسلم وهم الذابون عن سنته، والمدافعون في كل عصر عن دينه وملته وشريعته بل إن رفضهم للإحتفال بيوم
مولده وجعله عيداً إنما ينبع من محبتهم وطاعتهم له فهم لا يريدون مخالفة أمره، لأنهم يعلمون جازمين أن إضافة أي شيء إلى
الدين يعني ذلك أنه لم يكمل ، ولم يبلغ النبي صلى الله عليه وسلم كل ما أنزل الله إليه أو أنه استحيا أن يبلغ الناس بمكانته
ومنزلته، وما ينبغي له، وهذا أيضا نقص فيه، لأن وضع الرسول صلى الله عليه وسلم في مكانته من الدين الأمر الذي أُمر الرسول
صلى الله عليه وسلم بتبليغه فقد بين ما يجب على الأمة نحوه أتم البيان فقال مثلا:
[لا يؤمن أحدكم حتى أكون أحب إليه من ولده ووالده والناس أجمعين] (أخرجه البخاري ومسلم)
فالرسول صلى الله عليه وسلم لا يستحي من بيان الحق، ولا يجوز له كتمانه، ولا شك أن من أعظم الحق أن يشرح للناس
واجبهم نحوه، وحقه عليهم، ولو كان من هذا الحق الذي له أن يحتفلوا بيوم مولده لبينه وأرشد الأمة إليه.
وأما أولئك الدعاة إلي الاحتفال بالمولد فدعوتهم هذه نفسها هي أول الحرب لرسول الله صلى الله عليه وسلم، وأول الكذب
عليه، والاستهانة بحقه. لأنها مزاحمةٌ له في التشريع واتهام له أنه ما بيّن الدين كما ينبغي، وترك منه ما يستحسن، وأهمل ما كان
ينبغي ألا يغفل عنه من شعائر محبته وتعظيمه وتوقيره، وهذا أبلغ الأذى لرسول الله صلى الله عليه وسلم.
وهذه هي نقطة الفصل وبداية الطريق لمعرفة من اهتدى ومن ضل فيها.
والخلاصة التي علينا أن نعيها: أنه يجب أن نفهم هـذا الأمر الذي يبدو صغيراً في أوله
ولكنه عظيم جداً في نهايته فالاحتفال بالمولد أوله بدعة وآخره كفر وزندقة.
نسأل الله – سبحانه وتعالى – أن يرزقنا التمسك بكتابه وسنة رسوله إلى يوم نلقاه.