أكدت مصادر رسمية مطلعة، أن الديوان الخاص بتفسير القوانين أفتى أمس، بقانونية تأجيل إجراء الانتخابات البلدية هذا العام، وفقا لنص المادتين 4 و8 من قانون البلديات، اللتين تمنحان الحق للحكومة ووزارة الشؤون البلدية بتأخير موعدها، بما يخدم المصلحة العامة.
ولفتت المصادر لـ”الغد”، إلى أنه تم اتخاذ القرار بعد دراسة طلب وزارة البلديات بتفسير المواد المتعلقة بتأجيل الانتخابات، حيث أصدر الديوان، بدوره، قرارا خلال اجتماع عقده مع اللجنة المشكلة لهذه الغاية، بالموافقة على ذلك، بدون الحاجة إلى تعديل المادة 63 من قانون البلديات.
وأوضح الديوان، أن المهلة الزمنية لإجراء الانتخابات البلدية تبدأ من 15 أيلول (سبتمبر)، وتنتهي في 15 آذار (مارس) العام المقبل، والتي تتيح للحكومة دراسة ملف فصل البلديات، وإيجاد آلية لتخفيض مديونيتها، بدون أن يعني ذلك، عودة المجالس المنتخبة السابقة، وجواز إبقاء اللجان المؤقتة على رأس عملها، تبعا للنصوص القانونية.
وتنص المادة الرابعة من قانون البلديات الفقرة الثالثة منها، على أنه “يجوز لمجلس الوزراء أن يؤجل الانتخاب في بلدية أو أكثر لمدة لا تزيد على ستة أشهر إذا اقتضت ذلك المصلحة العامة وسلامة الانتخاب، على أن تحتسب مدة التأجيل من مدة المجلس القانونية”.
وتبين المادة الثامنة من القانون ذاته، أن “مدة دورة المجلس أربع سنوات اعتبارا من تاريخ تسلمه مهامه، ويجوز حل المجلس قبل انتهاء مدة دورته وتعيين لجنة تقوم مقام المجلس المنحل لمدة لا تزيد على سنة، يجري خلالها انتخاب المجلس الجديد، وذلك بقرار يصدره مجلس الوزراء بناء على تنسيب الوزير مع بيان الأسباب الموجبة”.
إلى ذلك، حذر وزيران سابقان للبلديات من عدم قدرة الحكومة على تحديد منهجية عمل واضحة في ملف البلديات، وعلى رأسها قضية إجراء الانتخابات، وعدم وضع مبررات مقنعة أمام المجتمع المحلي لتأجيلها.
بيد أنهما أكدا لـ”الغد” أن تأجيل الانتخابات البلدية، وعقد الانتخابات النيابية مبكرا، تعدان “خطوة إيجابية لتحقيق رغبة الشارع، بالمضي بمشروع فصل البلديات، الذي سيخرج العمل البلدي من مفهومه الخدماتي فقط إلى السياسي”.
ورأى وزير البلديات السابق حازم قشوع، أن تأجيل الانتخابات البلدية يعد “خطوة إيجابية”، من أجل إنهاء جميع الأمور المتعلقة بالبلديات، لا سيما “ملف الفصل”، بدون السماح بعودة المجالس المحلية المنتخبة السابقة.
وأكد قشوع ضرورة أن تكون لدى الحكومة رؤية واضحة فيما يتعلق بالشؤون البلدية، تفاديا لخلق حالة من الإرباك العام والتشكيك بمصداقيتها بتنفيذ استحقاقاتها القانونية، والمضي في ملف الإصلاح.
ولفت إلى أن المناخ العام السائد لا يسمح بإجراء انتخابات في 93 بلدية، وسيدفع ذلك بالمواطنين للعزوف عن الاقتراع، ولذا “لا بد أن تتم الانتخابات وفق رغباتهم، حتى تنجح”، كما حدث في الانتخابات التي أجريت بعد عملية الدمج، وحققت أعلى نسبة اقتراع في تاريخ المملكة، بحيث وصل عدد المقترعين إلى أكثر من مليونين و400 ألف نسمة.
ودعا قشوع إلى ضرورة العدول عن مسألة فصل البلديات، لا سيما في ضوء عدم توفر الكلفة المالية التي تتطلبها الجديدة منها، حيث إن فكرة إنشاء مجالس بلدية على مستوى المحافظة وأخرى على مستوى القرية، سيتيح الفرصة الأكبر للتمثيل السكاني وتحقيق المصلحة العامة بصورتها الشاملة.
وأكد أن مسألة الفصل تعني بالضرورة إعادة ترسيم الحدود لسائر المناطق التي ستتبع وزارة الشؤون البلدية، وتلك التي ستتولاها أمانة عمان الكبرى، مع تحديد الموازنات المالية لكل بلدية جرى فصلها، ما يتطلب وقتا قد يزيد في مجمله على 6 أشهر.
ولا يقتصر الأمر على المسألتين، وفق قشوع، بل يتعداه ليشمل تحديد الممتلكات المالية والنقدية لكل بلدية، وفي حال تم الاستعجال بشأن عملية الفصل، محاولة لاستغلال المهلة المحددة لإجراء الانتخابات، فإن الانتخابات ستتم بطريقة “عشوائية”، بحيث لن تتحقق معها الأهداف المرجوة.
من جهته، أبدى وزير البلديات الأسبق توفيق كريشان ارتياحه من فكرة تأجيل الانتخابات البلدية، باعتبار أنها “خطوة إيجابية” نحو تحقيق رغبات المجتمع المحلي في تنفيذ الملفات العالقة في البلديات، وعلى رأسها ملف “الفصل”، فضلا عن كونها ستمنح المزيد من الوقت أمام الحكومة لإجراء انتخابات نيابية بدون أية مشكلات.
وأكد أن التأجيل “لن يؤدي إلى حدوث أية أزمة على صعيد الساحة المحلية، في ضوء الحراكات الشعبية التي تشهدها المملكة”، نافيا أن يتسبب ملف الفصل بإرباكات مالية في خزينة الدولة، لكون التكلفة التي يتطلبها سد عجز مديونية البلديات القائمة، مع تخصيص مبالغ لتلك المستحدثة، لن تتعدى 80 مليون دينار.
وكانت وزارة الشؤون البلدية فرغت مطلع الشهر الحالي من تحديد أعداد البلديات التي سيتم استحداثها ضمن مشروع فصل البلديات، والتي قدرت بنحو 86 بلدية من أصل 93 طلبا، وبموازنة قدرها 35 مليون دينار، وفق وزيرها ماهر أبو السمن.
وبذلك يرتفع عدد البلديات من 92 بلدية قائمة حاليا إلى 178، حيث من المتوقع أن يتم اختيار 86 بلدية جديدة مستحدثة فقط من مجمل ما تم إفرازه في ملف الفصل، بحسب أبو السمن.