الانتهاكات اليهودية للمقدسات الإسلامية في مدينة القدس المحتلة لا تتوقف أبدا، وهي تتعاظم كل يوم وتأخذ أشكالا جديدة، ولم يعد الاستيطان فيها أمرا صعبا ولا محل قلق، إذ بات عاديا مشاهدة تشييد المستوطنات والإسكان فيها بعد أن أصبح أمرا يوميا، وهو لا يلقى أيّ إجراء لمنعه أو حتى مجرد الحد منه.
وفي ما يمكن اعتباره أخطر إجراء تهويدي، قامت قطعان المستوطنين المدججين بالأسلحة أمس الأول باقتحام باحات المسجد الأقصى، وتمكّن أكثر من تسعين منهم من دخول المسجد وإقامة صلوات فيه تحت حراسة جيش الاحتلال الذي أغلق المدينة لهم ومنع أهلها والفلسطينيين من الوصول إليه. كما جابت مسيرات يهودية شوارع المدينة مرددة شعارات دينية وعنصرية بعد أن أجبر التجار العرب على إغلاق محالهم تأمينا لسلامة المشاركين فيها، إضافة لمنع السكان المقدسيين من مغادرة منازلهم لذات الغاية.
وقد تم كل ذلك بما يعتبره اليهود ذكرى مرور 45 عاما عبريا على عودة القدس إليهم، ولتأكيدها عاصمة لهم. وقد استبيحت المدينة لهم، ولو أرادوا القيام بأيّ عمل لما وجدوا أيّ موانع.
لقد حدث كل ذلك دون أن يحرّك ساكنا عند زعامات الأمة، وخصوصا منها الفلسطينية، إذ مرّ كل ذلك دون أن يصدر مجرد بيان إدانة من سلطة رام الله، الذين هم على مرمى حجر من الأقصى.
لقد بثّت قناة الجزيرة تقريرا لمرة واحدة حول المسيرة والاقتحام، وكان مدميا للقلب ويندى له الجبين، ولولاه لما علمنا عن الفضيحة، مقابل عدم الماتبعة من أيّ جهة إخبارية عربية باستثناء التلفزيون السوري الذي ظل يكررها على شريطه الإخباري بعد تقرير الجزيرة.
عندما دنّس المجرم شارون باحة المسجد الأقصى اندلعت بوجه الاحتلال أول انتفاضة فلسطينية مسجِّلة أكبر انتصار للأقصى، أمّا الآن فإنّ هذا الحجم الكارثي من التدنيس يمرّ مرور الخزي صمتا عليه.
عندما نظّمت قوى ومؤسسات شعبية مسيرة مليونية لتكون عند أقرب نقطة متاحة من القدس لغرض إلقاء الكلمات والتذكير بها فإنّ الإجراءات الأمنية التي يتم اتخاذها تكون على أكبر قدر من القوة والتجهيز كي لا يصل أحدا إلى أبعد من النقطة المتاحة، فكيف يمكن فهم الصمت على التهويد والانتهاكات للقدس والاستنفار الشديد عندما يراد الانتصار لها، ولو بإلقاء الخطب.
[email]j.jmal@yahoo.com[/URL]
