كتب ياسر أبو هلالة
بحسب نتائج الانتخابات المصرية في الخارج، ولو أخذت على سبيل العينة، فإن المنافسة ستكون في الجولة الثانية بين مرشح الإخوان الدكتور محمد مرسي والمرشح الإخواني السابق الدكتور عبد المنعم أبو الفتوح. وكلاهما يحمل من المؤهلات السياسية والفكرية والأخلاقية ما يغني عن المقارنة بمبارك المخلوع وفلوله.
أيا كانت النتائج، فإن الشعب المصري يستحق التهنئة سلفا. فأي رئيس سيكون ممثلا حقيقيا للمصريين وساعيا لتحقيق مصالحهم العامة لا مصالحه الشخصية. لقد انتهت إلى غير رجعة حقبة العائلة المافيوية، وأي رئيس سيكون تحت سياط رقابة مجلس النواب والقضاء والصحافة، ولن يكون حاكما مطلقا.
على العرب أن يخجلوا من أنفسهم وهم يعطون الشعب المصري العظيم دروسهم في الديمقراطية. فالمصري الذي خلع نظاما فرعونيا عاتيا كنظام مبارك قادر على اختيار البديل، ولا نملك غير مباركة خياراتهم. فالديمقراطية لم تأتهم منة من أحد بل بذلوا في سبيلها أغلى الشباب. وعلينا أن نساندهم في عبور المرحلة الانتقالية بأقل خسائر، فنجاح التحول الديمقراطي في مصر لن يكتفي بتقديم النموذج بل سيقود المنطقة العربية كلها، وسيعود لمصر دورها التاريخي المستلب.
لم يعد أحد يقبض حكاية التخويف من الإسلاميين، لا في داخل مصر ولا في الغرب، وهي حكاية لم يعد يرويها غير نتنياهو وبوتين وبشار الأسد وباقي فلول الدكتاتوريين العرب. الشعب المصري يعرف الإخوان عن قرب، ولن تؤثر فيه ماكينة الإعلام المعادي، وسيكون مصيرها مصير مسلسل “الجماعة”. يستطيع الشعب أن يدقق في الأشخاص والشعارات، وأن يناقش وأن يحدد خياراته بنزاهة.
ورغم الحملات الإعلامية، يظل السياق العام للإعلام المصري قادرا على نقل صورة حقيقية من خلال تغطية المهرجانات والمناظرات والحوارات. وتلك لا يمكن تزويرها، فالحشود المليونية في مهرجانات الدكتور محمد مرسي لم يستطع أي مرشح مجاراتها. الوحيد الذي اقترب منه كان عبد المنعم،أبو الفتوح الذي نال دعم حزب النور السلفي والجماعة الإسلامية (المتهمة باغتيال السادات) وكثير من القوى الليبرالية والقومية واليسارية. وفي مهرجانه اجتمعت المتناقضات من وائل غنيم إلى حزب النور، ما قدمه بوصفه شخصية أقرب إلى الإجماع وان كان ذا جذر إخواني.
إلى اليوم في المقابل لم يستطع عمرو موسى وأحمد شفيق أن يقيما مهرجانا بوزن مهرجانات الإخوان، لكنهما يعبران عن امتداد للنظام السابق الذي يمثل الاستقرار في مواجهة القلق والاضطراب الذي أوجدته الثورة. وقد تميل شريحة من المصريين إلى إعطائهما فرصة حتى تتمكن الدولة من التقاط أنفاسها. في الواقع لو عاد مبارك فلن تعود الدولة كما كانت، ومنصب الرئيس لم تعد له هيبته السابقة. الرئيس صار مثل أي رئيس في بلد محترم، مجرد أجير عند الشعب يخدمه لسنوات قد يجدد الشعب العقد له وقد يستغني عنه.
أيا كان الرئيس المقبل سيكون مجرد أجير، والمالك هو الشعب الذي لا يتغير. مبارك لمصر سلفا، وعقبى لمن ينتظر.
أكثر...