الوضع الاقتصادي المأساوي الذي عرضه رئيس الحكومة معروف وواضح لدى الغالبية العظمى من الشعب الأردني, وليس هناك سرٌ ولا جديد, حول الأرقام المذهلة, فحجم المديونية الذي وصل (14) مليار دينار أردني أي ما يعادل (20) مليار دولار أمريكي, والعجز الذي يزيد على ثلاثة مليارات شيءٌ معروف ومكشوف, وأرقام أخرى حول شرائح الفقر والبطالة, وحجم النموّ, لم يتم الإفصاح عنها بشكلٍ دقيق, هذا كلّه يؤشر على وصول الأمور إلى الخط الأحمر.
لكن السؤال ما هي خطة الحكومة لمعالجة هذا الوضع الاقتصادي المزري, ولماذا لا يتمّ وضع رؤية الحكومة وخطتها أمام الجماهير والناس, ولي الاكتفاء بالوصف والتشخيص المعروف لدينا.
وما يرجوه الشعب الأردني أن تكون الحكومة قادرة على إنقاذ الوضع, وكل مواطن أردني يتمنى أن يكون له دور في بناء هذه الخطة وإنجاحها, لكن ما يرجوه الشعب في الحقيقة أن لا يكون هذا العرض وهذا الوصف فقط من أجل التهيئة لرفع الأسعار, والاتكاء على جيب المواطن المقهور, ويكون الحل فقط بتوسيع قاعدة الضرائب وتوسيع دائرة الجباية في ظل جمود الدخل الفردي وتآكله منذ زمنٍ بعيد, وفي ظلّ ركود يخيم على معظم قطاعات الانتاج الحقيقي, وفي ظلّ انعدام قيم النموّ في مجمل الانتاج القومي.
ماذا عملت وزارة التخطيط منذ أنشئت, وحتى هذه اللحظة في سبيل تخفيض الدين, وتخفيض العجز, وتقليص الاعتماد على المنح والقروض, وفي سبيل رفع دخل الفرد وتحسين مستوى المعيشة?.
ما الذي تمّ تحصيله من أموال الدولة التي تمّ نهبها من قبل حيتان الفساد, وما الذي تمّ استرجاعه من الذين أثروا ثراءً فاحشاً على حساب المشروعات الاقتصادية التي أدرجت في ملفات الفساد التي تزيد على عدد أيام السنة في العام الواحد?.
يا أصحاب الدولة والمعالي والعطوفة, يا أيها المسؤولون, يا أصحاب القرار, اعلموا جيداً أنّ المواطن الأردني يملك أعلى درجات الانتماء الوطني, ويملك أعلى درجات الوعي في تحمّل المسؤولية, ولكنّه يقول لكم بكل صراحة: أعيدوا الأموال المسروقة والمقدرات المنهوبة, والأراضي المغصوبة, وأعيدوا شركات الفوسفات والبوتاس, وميناء العقبة, وشواطئ البحر الميت, وعوائد الخصخصة, وحاسبوا الفاسدين والمتواطئين مع الفساد, قبل أن تفكروا برفع سعر الكهرباء والبنزين وقبل فرض أي ضريبة جديدة; لأنّه وبكلّ صراحة ما عاد المواطن يأمن على أمواله ولا يأمن على ما يدفع من ضرائب, ما دامت الحكومات عاجزة عن معالجة ملف الفساد بطريقة صحيحة وحقيقية, وعاجزة عن مواجهة أرباب الفساد بقوة, وعاجزة عن امتلاك رؤية, وعاجزة عن وضع خطة, وعاجزة عن إشراك المواطن بالقرار, وعاجزة عن امتلاك الولاية الدستورية الكاملة, وعاجزة عن حماية شعبها ومقدراته, وعاجزة عن صيانة المال العام, وعاجزة عن حيازة ثقة المواطن, وغير عابئة برضاه وزاهدة بالشعبية.
rohileghrb@yahoo.com