لا وحدة لفقراء العرب

يحق لأغنياء العرب وحدهم أن يتحدوا.. يقولون إنها الضرورة، بل هو ” العدو” الذي يتربص بكل دولة من دول الأغنياء على حدة. اما فقراء العرب فعليهم ان يتعلموا الصبر من أجل غنى قادم قد لا يحصل على الاطلاق، وطالما أن الفقر ليس عيبا، فيمكن اللوذ بالانقسام، مع الانتباه الى ماقد يتعرض له من قسمة ايضا.
يوم حصلت الوحدة بين دولتين فقيرتين، مصر وسوريا عام 1958، قامت الدنيا ولم تقعد .. اعتبر ذلك ضربا للأمن القومي الاميركي، ولبعض العربي. بل اعتبر حربا على اسرائيل التي استنفرت طاقتها في ذلك الوقت، ويومها كانت وليدة .. جاهر الجميع بمخاوفهم من وحدة أصيلة بين شعبين أرادا نداء الله والتاريخ .. وحين وقع انقلاب عبد الكريم قاسم في العراق في ذلك العام، جن جنون الغرب من انضمام العراق الى الوحدة الثنائية، فتم انزال القوات الأميركية على شواطيء لبنان، إضافة الى تأهب كبير على مستوى المنطقة تخوفا من قرار عراقي قد يغير معالم الطريق الى الشكل القائم والذي هو عنوان قسمة لايجوز تغيير معالمها.
وحدة الفقراء ممنوعة وقد تظل كذلك الى يوم تتمكن فيه القوة من تغيير المسار.. لكن القوة لن تأتي إلا عبر الوحدة، وحدة الفقراء، كونهم يشكلون السواد الأعظم في أمة مترامية الاطراف مازالت تبحث عن نفسها، عن آمالها وسط ارهاب مضاد لها مازال يأخذ اشكالا مختلفة.
ممنوع على الشعوب العربية الفقيرة ان تطالب بحقها التاريخي المشروع بعدما شاهدت امام عينيها معنى الوحدة الاوروبية، والاصطفاف الاميركي في ولاياتها التي تقوى في وحدتها، وكذلك في الاتحاد الروسي، وفي التشابك الصيني الشعبي الذي جعلها أقوى دول العالم في هذه الايام اضافة الى المستقبل الهائل الذي ترسمه قدراتها المتنامية على جميع الصعد.
الممنوع على الفقراء العرب كثير لكن الوحدة هي الأكثر منعا.. من الاسى الا يتمكنوا التعاطي مع هذا الشأن الذي وحده يليق بمراحل نضالهم الطويلة. لكن المهم ان كلمة الوحدة عادت تدق الباب ولكن من زاوية اغنياء العرب. المهم ان الكلمة تتداول من جديد، فلم تعد ممنوعة ولا غريبة، صارت مطلبا ودعوة للقوة، اكتشف أهل تلك الوحدة انها تمنح القوة والأمل بالثبات امام العواصف و”الاعداء ” وغيرهم. وحدة الاغنياء بكل ما فيها من رفاهية تعيد الكلمة الممنوعة منذ غيابها عن المسرح العربي منذ عشرات السنين الى التداول المسموح. فهنيئا للاغنياء اذا ماقامت وحدتهم، ومرحبا بوحدة تتيح من جديد لاكتشاف أهم منابع القوة لدى العرب مهما كانوا، فقراء أو أغنياء.