قد يكون للإخوان الحق فى أن يحلموا لمصر على طريقتهم فى الفهم، فلا يرونها سوى حلقة ضمن مشروع أممى يحقق أستاذية العالم، بما يترجم مدركاتهم للواقع داخليا وإقليميا ودوليا وقد يكون لهم الحق فى الدعوة لتمكين قيم الإسلام التى هى قيم التقدم والنهضة، من صدق ووفاء بالعهد، وإتقان العمل، والتجرد للصالح الوطنى، واحترام حقوق الإنسان وكل المنجز الحضارى المشترك فى الفنون والعلوم والآداب، الذى هو أيضا مراد كل فصيل وطنى يريد الخير لمصر وليس حقاً حصرياً لهم، من حق الإخوان أن ينافسوا على السلطة كباقى المواطنين، ومن خلال حزب يتقيد فى قراراته بإرادة أعضائه ومؤسساته المنتخبة، وليس بإرادة مرشد أو نائبه، من حق الإخوان أن ينشأوا مؤسسات تخضع للقانون وتحترم أحكامه.
ولكن ليس من حقهم أن يحتكروا كتابة دستور، يحدد طريقة العيش فى هذا الوطن، والعلاقة بين مؤسساته أو شكل النظام السياسى الذى يريده المصريون.
من حقهم أن يختاروا لأنفسهم ما يريدون، ولكن ليس من حقهم بالطبع أن يجعلوا من أنفسهم أوصياء على الشعب يختارون له ما يريدون.
ماذا يعنى أن يخرج علينا مرشد الإخوان وهو يحل رئيس حزبه د محمد مرسى من بيعته؟ لحساب بيعة أعظم، فيرد عليه مرسى بأن هذا شىء صعب جدا على نفسه أن يحله من بيعته وهو أمر لا يقبله إلا لمصلحة مصر، ثم يثنى قائلا لمرشده سمعاً وطاعة.
رفقاً أيها السادة الشعب لم يختاركم بعد ليتخلى مرسى عن بيعة بديع فى أسى معلناً عن تضحيته.
لا يا سيدى لا تدع بيعتك، ولا تدع جماعتك الوطن زاخر برجال ملآ قلوبهم حب مصر، فلم يعرفوا فى حبها شريكا من جماعة أو حزب، مصر تريد رئيسا لها لا يسمع إلا صوتها، ولا يشعر إلا بنبضها ولاؤه لها وحدها، قراره من رأسه.
سيدى إن تاريخكم فى العام الفائت على الأقل، كشف لنا عن أشياء تشكك فى كونكم الشخص المناسب للمهمة.
لذا لن يعطى الشعب ثقته لشخص لا يقرر لنفسه، فكيف سيقرر لوطن كمصر؟
ومن رضى بأن يترأس حزبا قراره من خارجه، أو تفاوض مع عمر سليمان والشعب يموت فى الميادين فى يناير، من أجل مكاسب ضيقة لجماعته، ولو على حساب حاضر ومستقبل الوطن.
لن يعطى الشعب ثقته لجماعة لم تهضم تنوع الآراء والأفكار داخلها فطردت بعض شبابها الواعى فكيف ستهضم تنوع مصر بأطيافها.
لن يعطى الشعب ثقته إلا لرجال دولة بحق يدركون ما هى مصر؟
مصر الأزهر والكنيسة القبطية وبما تملكه من قوى ناعمة فى الفنون والعلوم والآداب أى مشروع للنهضة تبشرنا به الجماعة، وهى التى ضربت المثل فى الشورى والمؤسسية، وتطوير بناها بالشكل الذى جعلها وسطاً طاردا للكفاءات، ولم تعد متسعا سوى لأصحاب المصالح وبعض المخلصين الذى يعتقدون أنهم يتعبدون بطاعة هؤلاء الذين أوردونا المهالك، من تلك القيادات التى تتحفنا بتصريحات، لا تعكس سوى خطلاً إستراتيجياً وقصورا بالغاً فى فهم الواقع والتفاعل معه.
أى سمع وأى طاعة، هل ندفع جميعا ضريبة أفكار كل جماعة تملك تنظيما له سلطان على أعضائه فيبايعون مرة على نزول الميدان، ومرة على الدم فى العباسية، والآن الجماعة تستنكر ما حدث وتشجب سفك الدماء، ألم تسفك دماء فى ماسبيرو ومحمد محمود والقصر العينى، أين كانت الحمية الوطنية والدفاع عن الثورة.
أى عبث هذا هل الثورة ورقة توت لا تحتاجها الجماعة سوى لتستر عورتها تماما، كبعض أطراف النخبة المصرية عندما كانت تستدعيهم لتسوق مشهد التوافق الزائف.
سيدى إن مصر قد تكون مرضت وتم إفقارها فتغير وجهها، بما أغرى البعض بضعفها فتقدم يطلبها ولكن صدقنى إنها سيدة العالم، هضمت حضارته وصهرتها بلونها، عفية لن تسلم قيادها إلا لمن يعرف قدرها ولا أظنك سيدى ولا جماعتك تدركان ذلك، وهى عندكم مجرد محطة صغيرة فى قطار يسعى نحو المجهول الذى أسميتموه أستاذية العالم.