جمال الشواهين – السبيل
متابعة ما كتبه الذين حضروا لقاء رئيس الوزراء يوم أمس حول رفع الدعم الحكومي عن سلع لتغطية بعض العجز يفضي إلى أنّه أقنعهم، إذ أنّ كل ما كتبوه خرج مؤيدا أو متفهما، دون أن يخطر ببال أيّ منهم أنّ الرئيس الطراونة ليس أشطر من غيره، بأيّ حال من الأحوال، من الذين سبقوه، أو الذين سيأتون بعده بذات الطريقة التي أتى بها.
لو أنّ القصة التي يريد معالجتها الطراونة ستنتهي تماما بعد رفع الدعم لكان أمره مقبولا، ولو أنّه أبو العُرّيف بالاقتصاد لصدقه القوم، ولو أنّ وزير ماليته ليس نفسه سليمان الحافظ أحد جهابذة برنامج التصحيح الذي أوصل البلد إلى ما هي عليه، لانتظر الناس ما قد يكون لديه جديدا، ولو أنّه بدأ بحملة لاسترداد المال العام المنهوب لتمّ الذهاب معه دعما للقرار. وهناك مليون لو، بالإمكان رفعها بوجه الطراونة وحكومته كبطاقات حمر كفيلة بطرده من الملعب فورا.
مشكلة البلد ليست في المديونية الفاحشة، وإنّما في من بذروا أموال الدولة بذخا وما زالوا، وبمن يخططون لها تعسفا، ويديرونها كمزرعة وشركة، ويتسلّطون على رقاب البشر ويمتطون ظهورهم.
وكارثة الناس في الذين يحتكرون القطاعات والمؤسسات والصروح، ثم يتاجرون بها دون سند ملكية أو أيّ مقومات، وفي النهب المنظَّم بالاستقواء والشهرة والشهوة.
وفي الذين يدعون ملكية الحق المفتوح، ويفرضون قدر الأمة ومصيرها ويتحكمون بتحديد حياتها ونمطها ومستواها.
أيّ إصلاح يريده رئيس الوزراء الآن، وهو يغنّي على ليلاه، والشعب بات دون مجرد ليلى واحدة ليغنّي لها، وبدلا منها يذرف دموع العجز وقلة الحيلة لتوفير الحدود الدنيا ثم لا يستطيعها كلها؟! وأيّ مقدرة لديه أصلا ليقود إصلاحا، وهو مَن أعلن منذ يومه الأول أنّه لا يرى حاجة لأيّ إصلاح؟!
ليس هناك من يملك عصا سحرية، وقد قالها الرئيس صراحة لمن التقاهم، إنّه يريد توجيه رسالة للدول الداعمة كي يستمروا بدعمهم، وهو أكثر من يدرك أنّ أيّ دعم لن يكون مصيره أحسن من سابقه، وأنّه سيدار كهدر مجددا.
ليس هناك حلا سوى أن يقرر الناس مصيرهم، وأن يختاروا من يدير شؤونهم، وحتى ذاك الزمان القادم حتما، فليجنح رئيس الوزراء إلى حلول تشارك في إقرارها القطاعات الوطنية كافة، عبر مؤتمر عام لا يُستثنى منه أحد.