اسامة الرنتيسي/،
بالعافية, انعقدت الجلسة الصباحية لمجلس النواب امس, ولم تستمر اكثر ساعة حتى انفرط عقدها بعد ان فقدت نصابها, ورغم ترتيب رئاسة المجلس لجلسة مسائية إلا أن الرئاسة اضطرت الى إلغائها عبر رسالة سوس للنواب خوفا من فشل تحقيق نصابها, فماذا يريد النواب من تهريب نصاب الجلسات, ولماذا التعطيل, وهل هناك متسع من الوقت لممارسة اللعب السياسي?
في خبايا النواب رفض مطلق لتسهيل قرارات الحكومة رفع الاسعار, وبعضهم يصرح في العلن “لن نحمل هذا الملف مع الحكومة, ويكفي ما اكلناه من خوازيق شعبية”.
وأكثرهم غير راض عن مشروع قانون الانتخاب, ولا عن صيغة التعامل مع المجلس, والاشتراط عليه.
لكن بوصلة الاوضاع العامة في البلاد مرتبكة, حائرة, ضبابية, والاخطر الجلوس في مقاعد الانتظار.
فبأي اتجاه تسير الآن الاوضاع العامة?
الاحتجاجات الشعبية لم تضع أوزارها بعد, وإن تباينت في زخمها, فقد استأنفت الحركة السياسية عناوينها الاصلاحية مرة اخرى, بعد ان تبين ان تغيير الحكومات وفق الآلية المتبّعة نفسها تاريخياً, لا تحل مشكلة المطالب الاصلاحية المتعدّدة في اكثر من اتجاه.
الحركة الجماهيرية المنظمة ايضاً لم يقع اي تطور يذكر في بنيتها الاجتماعية والسياسية, وابتعدت القوى التي تتكتك على حركة الشارع بما ينسجم مع صفقاتها, عن القوى الاخرى, التي حملت شعارات الاصلاح الحقيقي, مثلما حملت احلام الربيع العربي, في تحقيق العدالة الاجتماعية, والدساتير الديمقراطية, والحريات.
ما يجري في سوريا الآن وقبل وبعد, سيبقى مصدر قلق كبير لكل الاردنيين خصوصاً بعد ارتفاع منسوب العنف والتفجيرات الارهابية, وبقاء المشهد السوري المثقل بالدم والقتل اليومي سيد اللحظة, يرافقه اتساع افق النزاعات الطائفية, بالدم المستباح في حمص, أمام صمت الكتلة السنية الاكبر وتحالفها مع العلويين, وفي خضمّ الاحداث الجارية, فالاردن هو الأشد تأثراً بالوقائع اجتماعياً وسياسياً, لكن ان تنتظر السياسة الرسمية الاردنية نتائج حسم الصراع حتى تواصل تحديد مساراتها الاصلاحية فهذا هو الخطأ بعينه, وهو ما سيؤدي الى مزيد من الاحتقانات والفوضى وبعثرة الآمال بالتقدم نحو اصلاحات جادّة.
على الاكتاف جملة من القوانين التي ينتظرها الشعب بفارغ الصبر, بعضها لا يزال في عهدة الحكومة وبعضها وصل الى مجلس النواب, قانون الانتخاب والضمان الاجتماعي, والعمل…
في هذه المرحلة, الأجدر ان نتيقظ الى:
الاسراع في انجاز القوانين السياسية والاجتماعية الناظمة للحريات ومعيشة المواطنين, وعدم الجلوس على مقاعد الانتظار والتحليل لما يجري في المحيط العربي, لأن الضامن الوحيد لاستقرار الوضع العام في البلاد هو المبادرة الى الانفتاح على قوى الشعب وتنفيذ حزمة الاصلاحات العامة.
والحفاظ على الطابع السلمي وسعة الصدر تجاه الاحتجاجات الشعبية, السياسية منها والاجتماعية, وفتح قنوات حوار غابت منذ سنوات مع اصحاب هذه الاحتجاجات.
والحكمة تقتضي عدم العودة الى العنف والمواجهة في العلاقة مع قوى الشعب الطامحة الى التغيير. وعلينا أن نستوعب الدرس, في عدم التلكؤ في تنفيذ استحقاقات الاصلاح والمطالب الشعبية, في الحلول الديمقراطية, والعدالة الاجتماعية, ومحاربة الفساد.
العرب اليوم
osama.rantesi@alarabalyawm.net