احمد سلامة
كتب: عدنان الروسان/
اجتمع عدد من قادة التيار السلفي يوم أمس في مزرعة أحد الشخصيات السياسية الأردنية في منطقة جرش حيث تدارسوا على غداء عمل فكرة إنشاء حزب جديد يمثل التيار السلفي ، و قد ألقى السيد أحمد سلامة الكاتب الصحافي المعروف كلمة مطولة في الحضور عن الرؤى والتوجهات التي سيسترشد على هداها الحزب الجديد ، و يحاول الحزب الجديد أن يكون الحزب الإسلامي الذي يستقطب شريحة كبيرة من الشارع الأردني المؤيد لجماعة الإخوان المسلمين .
وقد طرحت بعض التصورات لخلق كيانات حزبية جديدة تكون قادرة على مواجهة المد الكبير لحركة الإخوان المسلمين في الشارع الأردني ، وقد تحدثت الأوساط السياسية والإعلامية عن مشروع المائة شخصية والذي كان بمبادرة رئيس حكومة سابق واسع النفوذ بالاتفاق مع رئيس سابق آخر هو السيد نادر الذهبي ” ولهذا اللقاء حكاية تروى قد نقصها في مرة قادمة ” ، وكان ذلك التيار سيسعى إلى دفع الأمور إما إلى استقطاب الشارع عبر تشكيل حزب يكون رأس المال العامل الأكبر في تشكيله وسطوته بحيث يتمكن من الحصول عبر المال السياسي على نصف المجلس أو أكثر وبالتالي تتمكن النخب السياسية وأصحاب النفوذ من إغلاق ملفات الفساد عبر سلسلة من الإجراءات البرلمانية والقضائية التي لا يستطيع أحد الاعتراض عليها لأنها ستكون صادرة عن سلطتين دستوريتين كبيرتين ، السلطة التشريعية والسلطة القضائية ، وإذا لم تتمكن من فعل ذلك فسيتم الدفع بالأمور نحو التأزيم مما لا يدع مجالا أمام الدولة سوى حل الحكومة والبرلمان وإعلان حالة الطوارئ وبالتالي حل الأحزاب كلها وتشكيل حكومة تسيير أعمال حتى ينجلي الربيع العربي وانعكاساته على الأردن ، ولو أدى ذلك إلى بقاء الأحكام العرفية لسنة أو سنتين .
أوساط غربية أبدت تخوفها من هذا السيناريو خشية أن تتفاقم الأمور إذا ما أعلنت حالة الأحكام العرفية وأن تزداد حالة الاستقطاب وتصبح أكثر حدة في حال تدخلت أيد إقليمية ومدت التنظيمات الأردنية الحزبية والشارع المحتقن بالسلاح والمال مما سيؤدي إلى قلب المعادلات كلها ، خاصة وأن الحدود الأردنية مع إسرائيل سوف توفر الذرائع لكل من يريد العمل لامتلاك السلاح و سيكون من السهل تجييش الناس وخلق اصطفافات تحت مسميات كثيرة جديدة قد يشبه بعضها بعض التنظيمات اللبنانية الكبرى .
في ظل انعدام الفرصة ولو مؤقتا أمام هذا المقترح جاء المقترح الجديد بإنشاء حزب سلفي يكون التيار السلفي الكبير نسبيا هو وقوده وشعلته التي ستقوم بالوقوف أمام جماعة الإخوان المسلمين وحزب جبهة العمل الإسلامي ، ومن الجدير بالذكر أن التيار السلفي له امتدادات لا يستهان بها خاصة في الزرقاء والرصيفة وفي بعض مناطق عمان ، إضافة إلى مناطق أخرى في المملكة ولكن بصورة اقل ، وقد استعرض السلفيون قوتهم في مظاهرات الزرقاء التي استخدمت فيها السيوف ضد رجال الأمن قبل بضعة أشهر ألا أن الدولة كما يبدو يهمها الآن ترميم العلاقة مع السلفيين وتنظيمهم في حزب تقوم هي بتسييره على هواها .
وليس هناك أي دلائل بين أيدينا تشير إلى كيف يمكن أن يقوم السيد أحمد سلامة بقيادة التيار السلفي وهو المشهور بميوله البراغماتية في الفكر والسياسة ويقول بعض المقربين منه والعارفين به انه مستعد أن يتعشى كل ليلة مع معاوية وان يصلي مع علي دون أن يقف مع هذا أو ذاك ، إلا أن الرجال قد تتغير بتغير الظروف ا وان هناك عوامل قد تساهم في هذه التغييرات ، مصادر مطلعة قالت أن السيد احمد سلامة التقى الملك عبدا لله الثاني ولفترة طويلة من الوقت وأنه قدم له رؤية عن الأوضاع مختلفة جدا عن الرؤى التي قدمها آخرون وأنه ربما يكون قد حظي برضا الملك على دخوله إلى معترك العمل الحزبي من البوابة السلفية .
من ناحية أخرى يقول مراقبون أن السيد طاهر المصري رئيس الوزراء الأسبق قد وعد السيد أحمد سلامة بدعم عبر بعض الشخصيات الثرية وأن الحزب سيحصل على مساعدات وهبات قد تصل إلى أرقام بستة أصفار في مجموعها من شخصيات وجهات وربما تقوم الدولة نفسها بدعم الحزب الجديد الذي قد يتم ترخيصه قريبا جدا إضافة إلى آخرين ، و سيعلن الحزب انطلاقته قريبا عبر مؤتمر عام كبير و قد يصل عدد المؤسسين فيه إلى أكثر من ألف شخص من بينهم شخصيات بعيدة جدا عن الفكر الإسلامي أو السلفي ، و قد استمزج السيد أحمد سلامة بعض الشخصيات السياسية لتكون في الحزب الجديد إلا انه لا يبدو انه حقق نجاحات حتى الآن في هذا المجال ، إلا أننا من ناحية ثانية سنرى قريبا تيارا سلفيا به ليبراليون ويساريون ربما ولا يدري احد كيف سيتم مزج كل تلك المكونات مع بعضها البعض .
سيحاول الحزب الجديد أن يستجمع كل قواه ويقوم بالكثير من المهرجانات والخطابات والنشاطات الشعبية ليحدث دويا في الشارع ، وليستقطب أعدادا أكبر من الذين لا يصوتون في العادة في الانتخابات إلا للتيار الإسلامي ، لكن كيف سيكون رد فعل الإخوان المسلمين على ذلك وهل سيشكل الحزب الجديد تحديا حقيقيا لهم وهل سيشكل السلفيون الحكومة القادمة ويكون السيد أحمد سلامة رئيس الحكومة المقبلة ، هذا ماعلينا أن ننتظر الشهور القادمة لنرى نتائجه وتداعياته إن حدث .