اعتبر سياسيون وخبراء أردنيون أن التغيير السريع للحكومات الأردنية لايعكس وجود أزمات داخل النظام السياسي بل يهدف إلى تعديل المسار للتعامل مع مستجدات الأحداث الداخلية والإقليمية في المملكة. في المقابل رأى اخرون ان تغيير الحكومات السريع يعكس وجود أزمة سياسية عميقة داخل النظام السياسي .
وقال هؤلاء في ندوة الكترونية أقامها “الأحد” مركز الدراسات العربي الأوروبي ومقره باريس “إن الأردن يعيش في أقليم أحداثه متسارعة وهو ما يستوجب التغيير للتعامل مع تلك الأحداث”.
ونبهوا إلى أنه اذا لم تضع الدولة استراتيجية شاملة للاصلاح تلبي مطالب الأردنيين فإن حالة عدم استقرار الحكومات ستستمر وستكون الكلفة السياسية والاقتصادية على الدولة باهظة .
وبدوره ، قال رئيس الوزراء الأردني الأسبق معروف البخيت إن الأحداث المتسارعة في الإقليم تأتي بهدف التعامل مع تلك الأحداث ، مشيرا إلى أنه على سبيل المثال تم في عام 1957 تغيير خمس حكومات في نفس العام.
وأضاف ” نحن قدرنا نعيش في اقليم احداثه سريعة من حولنا وهذا يستوجب التغيير للتعامل مع الأحداث”، مشيرا إلى أن هناك ايجابيات وسلبيات للتغيير ولكن التغيير السريع يناسب المتغيرات وهذا حق للعاهل الأردني والهدف منه تعديل للمسار ومهام جديدة تهدف للتعامل مع مستجدات الأحداث.
ومن جانبه ، قال وزير الدولة لشئون الاعلام والاتصال الأردني الأسبق عبدالله أبو رمان إن سرعة التغيير الوزراي في المملكة ليست دلالة أزمة بحد ذاته إنما احيانا تخص الاقليم الذي نعيش فيها”، معربا عن اعتقاده بأن التغيير السريع دليل مرونة لدى النظام السياسي مع مطالب الشعب الأردني والقوى السياسية.
وأضاف إن تغيير الحكومات خلال السنة والنصف الماضية من قبل العاهل الأردني الملك عبد الله الثاني هو استجابة لاحتجاجات الشارع الأردني من خلال ما يسمى بالربيع العربي.
ورأى أن استقالة الحكومة السابقة برئاسة عون الخصاونة لا تعكس أزمة سياسية في البلاد حيث أن تلك الحكومة جاءت بأجندة اصلاحات لكنها اعاقت رؤية العاهل الأردني الاصلاحية بل كانت حكومة منحازة لجهة محددة هي الإخوان المسلمين وبطيئة في عملية الاصلاح ،وقال إن قبول استقالة تلك الحكومة كان لإنقاذ الأردن”. على حد تعبيره.
ومن ناحيته ، قال الوزير الأردني الأسبق رئيس مجلس إدارة صحيفة الدستور الدكتور أمين المشاقبة إن التغيرات الحكومية في الأردن تأتي لحل أزمة أو مشكلة وتهدف لامتصاص حالات الاحتقان السياسي والاقتصادي أو الاجتماعي القائم وتنفيسه بحيث يتصاعد الأمل والتوقعات في تحسن الظروف المرتبطة بالأزمة أو المشكلة”.
غير أنه أشار إلى أن كثرة التكرار هذه أصبحت جزءا من الأزمة أو المشكلة، لافتا إلى أنه في السنة والنصف الأخيرة تعاقبت ثلاث حكومات جميعها هدفت لتشريع أجندة الإصلاح السياسي والاقتصادي ولكنها لم تحقق أهدافها. وأوضح ان المتوسط لحسابي لعمر الحكومات الأردنية خلال السنوات العشر الأخيرة وصل إلى تسعة شهور مرت بها البلاد بأكثر من 13 حكومة، مشيرا إلى أن الدراسات العلمية ترى أن كثرة التغيرات والتعديلات الحكومية سمة من سمات عدم الاستقرار السياسي النسبي في النظم السياسية .
ولفت إلى أن كثرة التغيرات والتعديلات الحكومية تقود إلى العديد من المشاكل منها تدني درجة المؤسسية وتزايد الأبعاد الشخصية في الإدارة على حساب البعد القانوني وتزيد من مستوى الترهل الإداري وضعف الإنجاز وتدني مستوى الأداء وبالتالي تصبح الحكومة جزءاً من المشكلة وليست حلاً لها، فضلا عن غياب المعايير العلمية الدقيقة أو السياسية في اختيار الوزراء لأبعاد تتعلق بالتمثيل الجغرافي أو الديمغرافي (المكونات الاجتماعية) والكفاءة العلمية والخبرة العملية والنزاهة. ورأى المشاقبة أن استمرار هذا النهج لم يعد الحل الأسلم لمعالجة الأزمات أو الاحتقانات السياسية وبه ستستمر المشاكل قائمة دون الحدود الدنيا من الإنجاز، مؤكدا أن الحاجة لاستقرار في الحكومات أصبحت أكثر إلحاحاً على أن يتم انتهاج أسلوب أكثر دقة وموضوعية واعتماد عناصر التميز في عملية الاختيار و”التوزير” وإعطاء العملية السياسية معنى حقيقيا لحل المشاكل وتحقيق الأهداف المتعلقة بالمصالح الوطنية وزيادة مستوى الشرعية والاستقرار السياسي . ومن جانبه، رأى وزير الدولة لشئون الاعلام والاتصال الأردني الأسبق طاهر العدوان أن سرعة تغيير الحكومات خلال الأشهر الاخيرة يعكس وجود أزمة سياسية عميقة داخل النظام السياسي حول الطريقة التي يجب اتباعها في التعامل مع مطالب الاصلاح المستمرة في الشارع منذ بداية الربيع العربي .
وقال إن مجئ الحكومات ورحيلها بهذه السرعة يدل على عدم وجود توافق بين مؤسسا تالحكم على رؤيا موحدة من مسألة الاصلاح ، مشيرا إلى أن سرعة تغير الحكومات هي مظهر من مظاهر أزمة قديمة جديدة حول الولاية العامة وهل هي للحكومة وحدها وفق الدستور؟ أم أنها شراكة تتقاسمها مع مؤسسات أخرى تحت حجج غير دستورية أمنية وغير أمنية. ونبه العدوان إلى أنه إذا لم تضع الدولة استراتيجية شاملة للاصلاح تلبي مطالب الأردنيين فان حالة عدم استقرار الحكومات ستستمر والكلفة السياسية والاقتصادية على البلد ستكون باهظة.
ومن ناحيته ،اعتبر الخبير الاقتصادي والسياسي الأردني الدكتور نصير الحمود أن أزمات الحكومات المتعاقبة في الأردن تكمن في تبادل نفس الشخوص التقليدية ذات الأدوار والمناصب الوزراية التي فشلوا خلالها في تحقيق أي تقدم على صعيد التنمية الاقتصادية والسياسية والاجتماعية بل ساهموا ايضا في توريث سلالتهم لتلك المناصب ما عزز من الفشل المتراكم والذي يقابله احباط واحتقان في الشارع الذي سئم من توالي النكسات.
وقال الحمود “كنا نعلق آمالا عريضة على الحكومة الأردنية السابقة برئاسة عون الخصاونة التي رحلت مؤخرا واصطدمت بمؤسسات كانت تمتلك الولاية العامة طيلة السنوات الماضية، مشيرا إلى أن حكومته سعت لإحراز تقدم على صعيد مكافحة الفساد وإجراء الاصلاحات الشاملة بيد أن مراكز وقوى في ذات النظام سعت لإفشال تلك الجهود الصادقة لأن سياسة الخصاونة كانت تتعارض مع مصالح تلك القوى.
وأشار إلى أن الحكومة الأردنية الجديدة برئاسة فايز الطراونة ستأتي لمرحلة انتقالية وقد حملت في جعبتها ذات الشخوص التقليدية التي جربها الشارع الذي يتوق لمرحلة يفرز من خلالها المواطن حكومة تمثل مصالحه وليس مصالح نخبة معينة قادت البلاد لخراب اقتصادي على مدار أكثر من عقد مضى.”على حد تعبيره”.
ورأى الحمود أن حكومة الطروانة لن تنجح في إحراز أي تقدم على صعيد الحريات والتنمية خلال عمرها القصير وبالتالي سيكون هناك مواصلة لمشوار أزمات الحكومات التي تأتي لتحقيق مآرب معينة، وقال إن المشكلة أن مرور الوقت يجعل من الحياة السياسية في المملكة أكثر تعقيدا وضبابية”، معربا عن أمله في أن تحدث تعديلات تشريعية سريعة تعبر عن الهم الوطني وتفرز حكومات ومجالس نواب على قدر تطلعات المواطنين.
من جانبه قال البرلماني الاردني عبدالله النسور ان انقطاع الحياة الديمقراطية في الاردن منذ حرب حزيران وصولا الى عام 1989 هو السبب الحقيقي .
واضاف النسور ان انقطاع الحياة الحزبية في الاردن منذ 1957 غيب الاجيال عن ممارسة الحياة البرلمانية او الحزبية . اضافة الى انه عملت الحكومات على لفت نظر الناس على سلبيات البرلمان والحياة الحزبية فتولد لدى الناس شعور سلبي اتجاه البرلمان والاحزاب .