يبدو ان مهمة حكومة د. فايز الطراونة لا تقتصر على الدفع باتجاه اقرار حزمة من التشريعات الاصلاحية في مقدمتها قانون الانتخاب, بل تتضمن ايضا تحرير اسعار المشتقات النفطية والكهرباء ورفع الدعم عن بعض السلع وفرض ضرائب على أخرى.
ما يثير الاستغراب, ان رئيس الوزراء أطلق تصريحات صحافية تؤكد وجود ضغط من عدة مؤسسات دولية ابرزها صندوق النقد الدولي باتجاه تحرير الأسعار ورفع الدعم عن كثير من المواد والسلع, وأن مساعداتها الاقتصادية للأردن مرهونة باتخاذ هذه القرارات.
السؤال المطروح هنا, هل يعني انصياع الرئيس الجديد لضغوطات المؤسسات الدولية العودة الى برامج التصحيح الاقتصادي مجددا? أم هي فرصة ليتمكن الاردن من الحصول على المساعدات التي بالطبع ستكون قروضا ميسرة وليست منحاً?.
ندرك تماماً ان الوضع المالي للخزينة يمر في ظروف حرجة لكن لا يجب أن ننسى ايضاً ان الوضع في ظل الحراك الشعبي, والظروف الاقتصادية المتردية لغالبية المواطنين لا تسمح باتخاذ قرارات تزيد الاعباء على الشريحة الاكبر من المجتمع الاردني.
بالتوازي مع حديث الرئيس الطراونة, فإن (حملة الدعاية والترويج الحكومية لرفع الاسعار) ظهرت في تصريحات صحافية لوزير الصناعة والتجارة المتحمس الدكتور شبيب عماري التي كشف فيها عن نية الحكومة اتخاذ قرارت لرفع الدعم عن بعض السلع وفرض ضرائب على أخرى.
في حكومة معروف البخيت الاخيرة كان قرار تحرير الاسعار ورفع الدعم عن أخرى جاهزاً وتم تحديد موعد لاعلانه, لكن البخيت, هاتف وزير ماليته انذاك, قبل يومين من اعلان القرار, طالبا منه التراجع عنه مبررا ذلك بان هذا القرار ستكون له تداعيات سلبية على الاستقرار الامني في المملكة وسط الحراك الشعبي المطالب بالاصلاحات السياسية والاقتصادية.
لا يخفى على احد ان الدول والمؤسسات المانحة تتعامل مع الارقام المجردة من دون النظر الى الاستقرار الامني والسياسي او الظروف المعيشية في الدول التي تقدم وصفاتها العلاجية لها, لذلك فعلى حكومة الطراونة ان تتريت كثيرا قبل اتخاذ مثل هذه القرارات حتى لا تواجه معارضة شعبية قد تعطل مسيرتها الاصلاحية في ظرف دقيق على المستويات كافة.
ندرك ان الدافع الرئيسي للحراك الشعبي, ليس اجراء انتخابات او اصدار قوانين اصلاحية فقط, بل ايضا الظروف المعيشية المتردية التي وصل اليها غالبية الاردنيين, مع تآكل المداخيل وارتفاع التضخم, ووسط هذه الظروف فان الاستقرار الامني في الاردن يعد اولى من مساعدات المؤسسات الدولية التي تقدم على شكل قروض يتم تسديدها وليس منحاً او هبات كما يظن البعض.
حكومة الطراونة الانتقالية, التي لا تتوقع الاوساط السياسية ان يزيد عمرها عن ثلاثة شهور, اخشى ان تقدم على اتخاذ قرارات اقتصادية متعجلة ينطبق عليها المثل الشعبي القائل “ضربة مقفي”.