اذا استمر وضع النار في سوريا على حاله، ثم وصل إلى حال من الاستقرار التام، فهذا يعني أن ضربة موجعة تلقاها أكثر من طرف دولي وعربي، بل لابد من الاعتراف آنذاك بأن صمودا سوريا مشابها لصمود حزب الله في حرب العام 2006، كيلا نقول انتصارا وأكثر من انتصار.. فما جرى في الحرب على لبنان في ذلك التاريخ كان عالميا، شارك فيه جميع من يشاركون اليوم في الصراع على سوريا.. ومثلما اعتبر كثيرون أن حزب الله مغامر وانه حدود إيران في جنوب لبنان، مما يعني معاقبته ومن ثم اجتثاثه، فان سوريا المتهمة بكونها البوابة الإيرانية يفترض معاقبتها واجتثات نظامها.
حقق حزب الله معادلة مختلفة في الصراع العربي الاسرائيلي، وتحقق سوريا معادلة المزج بين الصراع نفسه وبين ممانعتها وبين اعتبارها واسطة العقد في جبهة الممانعة تلك.. ومثلما كانت صورة ياسر عرفات إلى جانب الخميني غير مقبولة عالميا واسرائيليا وهي أدت إلى جانب عوامل أخرى الى الحرب عليه عام 1982 واخراجه من لبنان، فإن صورة أحمدي نجاد وحسن نصرالله وبشار الأسد في دمشق لم يهضمها بعض العرب ولا الغرب ولا اسرائيل ولا الولايات المتحدة. صورتان مرفوضتان يحق عليهما العقاب، وهكذا كان.
ومثلما امتلك حزب الله القوة في الدفاع عن نفسه أمام قوى عاتية، صمدت سوريا أمام العقاب الدولي وبعض العربي، لتحمي كيانها وموقعها ودولتها .. فكل من يتعامل مع إيران عليه أن يدفع الثمن، وحتى تلك الدول في أميركا اللاتينية التي ترتبط عضويا بايران، ثمة من يخطط لتصفيتها واحدة تلو الأخرى، وليس هنالك سوى الاميركي الذي لايرضى بوجود ثقل إيراني عند حدوده ، بل في حديقته الخلفية.
قد ينجح الاختبار في سوريا، وقد يكون المشهد مؤقتا ريثما يعاد ترتيب الأوراق، ومسايرة بعض الرؤوس الحامية مثل تركيا التي يشعرك تصريحات أردوغان ووزير خارجيته بأنها أكثر المتضررين من الصمود السوري، بل من الانتصار كما أصر أحد السياسيين السوريين في وصفه للطبعة السورية الأخيرة. لكن القيادة السورية أثبتت حتى الساعة أنها حرّيفة في اجتيازها للمخاطر، اذ ليس فقط مناعة جيشها وقوته وتماسكه ودفاعه عن الوطن إضافة الى تماسك الجسم الدبلوماسي والموقف الشعبي السوري القوي لاحتضانه، إضافة الى الموقفين الروسي والصيني، بل عقل القيادة في إدارة الأزمة، ذلك العقل الهاديء البارد الذي استعصى على القوى الدولية وأظهرها بموقع المتخلف أمام أدائه الصارم والواعي، وسيثبت التاريخ الكثير مما لم يكن معلوما عن كيفية ادارة عقل القيادة السورية لتلك الأزمة التي يصعب على أي نظام في العالم الصمود أمام العواصف العاتية التي تلقاها.
