الشيخ يوسف الاحمد
لا نضيف جديدا عندما نقول ان القضاء السعودي ليس مستقلا، وتخضع احكامه في معظم الاحيان لاهواء الدولة مثله مثل معظم نظرائه في الدول العربية الاخرى مع فارق اساسي ان المملكة العربية السعودية محصنة من اي نقد من قبل الولايات المتحدة الامريكية والدول الغربية الاخرى عندما يتعلق الامر بانتهاكات حقوق الانسان وغياب العدالة.
بالامس اصدرت المحكمة الجزائية السعودية المتخصصة حكما بالسجن خمس سنوات، وبالمنع من السفر لخمس اخرى على الداعية المتشدد الشيخ يوسف الاحمد بتهمة التحريض ضد اولي الامر على الشبكة العنكبوتية اي الانترنت.
السجن خمس سنوات لداعية واستاذ في علم الشريعة لانه انتقد بعض سياسات الحكومة التي يرى انها خاطئة لا تتماشى مع الشريعة الاسلامية حسب تفسيره وفهمه، مثلما انتقد الفساد المستشري، يعتبر حكما لا يتماشى مطلقا مع حجم الجريمة، اذا كانت ممارسة حرية التعبير عن الرأي جريمة في الاساس.
اللافت ايضا ليس عقوبة السجن ومدتها اي خمس سنوات، وانما ايضا المنع من السفر لخمس سنوات اخرى، وقد تكون المملكة العربية السعودية هي الوحيدة في المنطقة العربية، وربما العالم بأسره التي تصدر احكاما لمنع مواطنيها من السفر ولاسباب سياسية في معظم الاحيان.
فهناك العديد من الناشطين السياسيين مثل محمد سعيد طيب ومتروك الفالح وعبد الله الحامد وغيرهم محرومون من حقهم في السفر لانهم وقعوا عرائض تطالب بالاصلاح، او اعترضوا على بعض السياسات الحكومية المطالبة بالاصلاح السياسي وبوسائل حضارية، غير عنفية، من خلال توجيه خطابات مكتوبة الى رأس النظام وهو امر يستحق المكافأة والاحترام لا الاعتقال والمنع من السفر خاصة في مثل هذا الوقت الذي ينزل فيه المواطنون العرب الى الشوارع في مظاهرات احتجاجية صاخبة بعشرات وربما مئات الالاف ليس للمطالبة بالاصلاح فقط وانما اسقاط الانظمة وتقديم رؤوسها للعدالة بتهم الفساد والقتل والتعذيب.
النظام السعودي محظوظ لان لديه مواطنين يحترمون اولي الأمر، ويلجأون الى الوسائل السلمية الحضارية للتعبير عن آرائهم، ويلتزمون بأدب الاختلاف في خطابهم السياسي ويدينون العنف بكل اشكاله والوانه.
نختلف مع الشيخ الاحمد في الكثير من آرائه ومواقفه المتشددة ولكننا نحترم حقه في التعبير ومخاطبة اولي الامر دفاعا عن بعض المعتقلين في السجون السعودية بتهم غير ثابتة ودون ان يتمتعوا بحق الدفاع عن النفس من خلال محامين اكفاء، وامام محاكم عادلة.
العاهل السعودي الملك عبد الله بن عبد العزيز الذي يؤمن بالحوار مع الآخر، وادخل العديد من الاصلاحات التدريجية لا يمكن انكارها، وان كانت غير كافية، مطالب بالتدخل لوقف بعض الممارسات التي تشكل انتهاكا لحقوق الانسان، وخاصة احكام السجن المبالغ فيها لكل من يمارس حقه في’التعبير، واجراءات المنع من السفر وهي ربما تكون اشد وطأة من السجن نفسه. وتكفي الاشارة الى ان ملكي المغرب والاردن اصدرا عفوا اكثر من مرة عن اناس تطاولوا عليهما، واساؤوا لهما، ولمؤسسة الحكم التي يتزعمانها، حفاظا على مصلحة الحكم واستمراريته وتكريسا لمبدأ التسامح.
والمأمول ان نرى تحركا مشابها للافراج عن المعتقلين السياسيين المدانين بقضايا الرأي والتعبير في اسرع وقت ممكن.
Twier: @abdelbariatwan