الاصلاح نيوز : كتب – ناصر قمش /
معظم المعارضين للحراكات المحلية يستندون في موقفهم هذا إلى التخوف على الأمن والاستقرار الوطني الذي تميز به الأردن على مدار العقود الماضية في إقليم مضطرب ومفتوح على كل الاحتمالات.
وهذا هو رأي الأغلبية الصامتة التي لم تشارك باعتصام ولم تخرج بمظاهرة ، ولم تعبرعن نفسها باحتجاج واكتفت بالترقب دون ان تعلن تأييدها للنظام أو المعارضين لسياساته.
وبطبيعة الحال فإن تخوف هؤلاء على أمن واستقرار الأردن والسلم الاجتماعي لا يعني بالضرورة إنهم ضد محاربة الفساد وأنهم ليسوا مع الإصلاحات الدستورية. فهؤلاء لهم موقف واضح من تزوير الانتخابات وارتفاع معدلات البطالة والواسطة والمحسوبية ،وتوزيع الوظائف وتراجع مفهوم المواطنة ، ولكنهم ينظرون بقلق بالغ لما يجري حولهم في دول الربيع العربي، وما رافقها من انفلات وفوضى طالت أعراض الناس وأموالهم وكراماتهم وصولا إلى مجلس النواب الذي أخذ أعضاؤه يطاردون مكتسبات محدودة تستفز الشارع وتزيد من احتقانه، وصولا إلى الأحزاب التي أخذت تندمج في مصالحة تاريخية تطرح العديد من الأسئلة مع جلاديها السابقين الذين أخذوا يروجون اليوم للديمقراطية وحقوق الإنسان بعد أن اقاموا طويلا في مدرسة التضييق على الحريات والأرزاق،
فالأمن بالنسبة للأغلبية الصامتة هو الحاضنة الأساسية لتحقيق كل الإصلاحات المطلوبة ، وهو يتقدم على كل الاعتبارات الأخرى على شدة أهميتها.
من حق الجميع ان يعبر عن رأيه وموقفه ويحشد لمطالبه بالطرق السلمية ودون التفريط بالثوابت الوطنية وعلى رأسها القيادة الهاشمية أو الخروج عن قوانين البلاد وأعرافها وتقاليدها، لذلك فهم يرون أن المطالبات بالإصلاح يجب أن تستند لتوافقات وطنية يتمثل فيها الجميع وعلى قاعدة الحوار البناء والمنتج، وليس من خلال تجاوز القانون وتخريب ممتلكات الدولة والاعتداء على رجال الأمن والتطاول على القيادة، لأن من يفعلون ذلك ليسوا أعداء الإصلاح فحسب بل هم من يسعون لجر البلد نحو كوارث لا تحمد عقباها وذلك من خلال خطة مدروسة لتوهين هيبة الدولة والمساس بها.
ونحن هنا لسنا بمعرض التشكيك بالحراك الشعبي ونبل أهدافه ودوره بتحفيز صناعة القرار، ومساعدة الدولة على المضي قدما بقطار الإصلاح ولسنا ضد معاقبة الفاسدين واستعادة مؤسسات الدولة المنهوبة.
ولكننا نحب أن نحذر ونؤشر الى ضرورة تبين الانتهازية التي تحاول النيل من براءة الحراك الشعبي، ووسمه بالعنف لجر البلد الى مربع التناحر الاجتماعي، وغياب السلم الأهلي الذي يعد اقدس ثوابت الأردنيين.
لا يمكن لأحد من الأردنيين أن يقبل إطلاق النار على ضابط بالأمن العام ولا يمكن لنا السكوت على محاولة ذبح واحد من أفراد أجهزتنا الأمنية امام المسجد.
كما انه من غير المقبول ان يعمد احد لإحراق الممتلكات العامة ومحاصرتها من اجل مطالب فردية او جهوية فهده الممتلكات تم تعميرها بأموال الأردنيين وهي ملك لهم كلهم .
ما يبدر من ممارسات لبعض الحراك الشعبي يزيد من نقمة الأغلبية الصامتة على الحراك ويوسع قاعدة رفضه ونبذه.
وإذا كانت بعض التعليقات التي تنشر على المواقع الالكترونية تؤشر على هذه الحقيقة فإن رصد مواقع التواصل الاجتماعي ومتابعتها تؤكد بوضوح ارتفاع نسبة الأردنيين المعارضين للحراك الوطني وشعاراته وبدرجات واضحة للعيان.
حتى اولئك الذين لا يمتلكون القدرة على التعبير عن انفسهم عبر الانترنت فإن مجالسهم ودواوينها تعطي مؤشرا حول تراجع الرأي العام المؤيد للحراك.
هنالك ضجر من المبالغة بحجم المظاهرات، ومن العنف اللفظي الذي بدأت تتسم به هذه الاحتجاجات ومن الخطاب المكرور الذي أصبح سمتها الغالبة ومن الاستفراد بحركة الجماهير من قبل فئات محددة.
لقد آن الأوان للحراك الوطني الأردني ان يقف وقفة تأمل لعام مضى لتقييم حجم الأذى الذي نال هيبة الدولة، ونحن هنا نتحدث عن الدولة بكل مكوناتها
وبنفس الوقت فإننا نذكر الحكومة بضرورة الالتفات لتلك الأغلبية، ولا تنشغل بجعجعة أصحاب الصوت العالي عن الشريحة الأوسع من المواطنين الذين يعتبرون أمنهم الشخصي والاجتماعي أهم وأولى من كل المصالح والأجندات.
الناس أصبحوا خائفين على مستقبلهم وأمنهم ويبدون قلقهم الشديد من نوعية الوعود التي قد تكون بذلت في الكواليس بين هذه القوى والتي سيدفع المواطن الأردني ثمنها عاجلا أم آجلا.
الناس بانتظار من يبعث الطمأنينة في أنفسهم على مستقبلهم ومستقبل أولادهم