د.عبدالله محمد القضاة/
الحوكمة الرشيدة تعني وضع معايير واليات حاكمة لأداء كل الأطراف من خلال تطبيق الشفافية وسياسة الإفصاح عن المعلومات وأسلوب لقياس الأداء ومحاسبة المسئولين ومشاركة الجمهور في عملية الإدارة والتقييم وبذلك فهي نظام لمواجهة الاستبداد الادارى في الجامعات المختلفة ذلك الاستبداد الذي تخلقه العلاقة الهرمية بين الرؤساء والمرؤوسين أو بين متخذي القرارات والمتلقين لها.
وتقضي الحوكمة أن يشكل لكل جامعة مجلس أمناء يتم اختيار أعضائه وفق آلية تضمن الحيادية والتجرد والموضوعية ويجب أن يتيح النظام الفرصة لأعضاء هيئة التدريس للتنافس على وظائف الجامعة القيادية استنادا إلى إنجازاتهم أمام جهة مستقلة بعيدا عن تضارب المصالح!!!.
معظم الجامعات الأمريكية والبريطانية تحكم اي منها بواسطة مجلس أمناء يتكون في غالب الأحوال من رجال الأعمال والمهنيين وممثلي الهيئات المختلفة ممن قدموا الهبات لصالح الجامعة إضافة إلى ممثلين للطلاب ولأعضاء هيئة التدريس من خارج الإدارة ألتنفيذية ويتم اختيار أعضاء المجلس عن طريق الانتخاب العام لجعل الجامعة ممثلة بشكل كبير من المجتمع الذي يقوم بدوره بمحاسبة الأعضاء وتغييرهم إذا لم يقوموا بأداء واجباتهم على نحو مناسب ولما تقتضيه مصالح مجتمعهم.
ومجالس الأمناء في الدول المتقدمة تقوم بإنتخاب أعضاء المجالس التنفيذية بالجامعة ومنها مجلس ورئيس الجامعة وعمداء الكليات وتتضمن المجالس التنفيذية أعضاء غير تنفيذيين من أساتذة جامعيين (يتم انتخابهم) وطلاب (يتم انتخابهم عن طريق مجلس الطلاب)، وفي بعض الجامعات البريطانية يوجد ما يسمى بالمحكمة، فوق مجلس الجامعة تناقش التقرير السنوي للجامعة وتنظر في القضايا المختلفة وتصدر قرار تعيين كل من رئيس الجامعة والرئيس التنفيذي وأعضاء المجالس ألاخرى.
والتساؤل هنا: هل تطبق جامعاتنا الوطنية مبادئ الحوكمة الرشيدة؟!، وهل تؤثر التدخلات السياسية في إختيارإدارة هذه الجامعات؟!، وهل لهذا الموضوع علاقة بالعنف الجامعي؟!.
قانون التعليم العالي في الأردن نص على تشكيل مجلس التعليم العالي برئاسة وزير التعليم العالي وعضوية سبعة أساتذة إضافة إلى أمين عام وزارة التعليم ومدير التربية والتعليم والثقافة العسكرية ورئيس هيئة اعتماد مؤسسات التعليم، والغريب في الأمر أن الوزير هو الذي ينسب لمجلس الوزراء تعيين الأساتذة في عضوية المجلس!!، والأكثر غرابة أن هذا المجلس هو الذي ينسب باختيار رئيس الجامعة!!!، وهذا يتناقض مع مبادئ الحكم الرشيد، وعلى سبيل المثال فإن خمسة أعضاء في مجلس التعليم العالي هم من أعضاء هيئة التدريس في الجامعة الأردنية ويقال أن جميعهم رشحوا أنفسهم لمنصب الرئيس!!!!.
مشروع القانون الجديد المقترح للتعليم العالي نص على وجود مجلسين يختصان بالتنسيب في اختيار رئيس الجامعة:مجلس أمناء ومجلس التعليم العالي، وفي كلا التشريعين لم نجد نصا يفرض على عضو المجلس الاستقالة إذا رشح لمنصب الرئيس ؛ كما لا يوجد توجه نحو إنتخاب المجالس وكذلك إنتخاب رئيس الجامعة من بين الهيئة التدريسية العاملة فيها ؛ وأن يكون للطلبة دور في هذا الإنتخاب.
،ونحن بالأردن نسير بخطوات حقيقية نحو الإصلاح؛ علينا أن لا نغفل أهمية إصلاح جامعاتنا الرسمية ولعل من متطلبات إصلاحها إيجاد نظام حوكمة متكامل؛ يشارك بصياغته ممثلون لكافة الفئات المعنية؛ يفضي إلى تشيكل مجلس أمناء لكل جامعة يتم اختيار أعضائه أو انتحابهم وفق آلية تضمن الحيادية والتجرد والموضوعية، ويتضمن هذا النظام ،الطريقة التي تتبعها إدارة الجامعة في إنتخاب القيادات الأكاديمية بداية من رئيس الجامعة إلى عمداء الكليات إلى رؤساء الأقسام بالشكل الذي يحقق استقلاليتها وتمكينها من وضع معايير لتقييم هذه القيادات وقياس ادائها ، إضافة ،إلى تطبيق فكرة تقييم الطلاب للأداء الاكاديمى لأعضاء هيئة التدريس أسوة بالجامعات الأمريكية التي تعتبر تقييم الطلاب لعضو هيئة التدريس احد معايير استمرار الأخير في العمل بالمجال الاكاديمى من عدمه وما يرتبط بذلك من الترقيات والمنح وغيره،،إضافة إلى تمثيل الطلبة في مجالس هذه الجامعات.
،،،،،،،،، كما نتطلع إلى مأسسة وشفافية عملية القبول في الجامعات الوطنية بالاعتماد على المعدل في الثانوية العامة؛ وأن تكون المكرمات والمنح بعد تحصيل القبول لضمان ضبط المدخلات وسلامتها؛ إضافة إلى عدم التهاون في منح الشهادات وتخريج الطلبة؛ فليس بالضرورة أن يتخرج كل من يلتحق بهذه الجامعات؛ على قاعدة”من دخل بيت أبو سفيان فهو آمن”!!!، ولا ننسى ضرورة تطبيق القانون على جميع الطلبة دون تهاون ومنع أعضاء مجلس النواب وغيرهم من التدخل في شؤون هذه الجامعات؛ إضافة إلى تفعيل عملية التواصل بين الجامعة وذوي الطلبة بالشكل الذي يضمن وصول النتائج الفصلية للطلبة لأولياء أمورهم؛ لعل ذلك يلغي العنف من جامعاتنا!!!.
[email]a.qudah@yahoo.com[/URL]