تقوم قيامة عائلة الرئيس صدام حسين،لان حكومة بغداد تريد نقل جثمان الرئيس،الى موقع آخر،وتصدر رغد صدام حسين بيانا تندد فيه بالخطوة المهينة والمؤلمة على حد سواء.
تركت حكومة بغداد كل قصص العراق،وقررت ان تحدد مستقبل العراق عبر قبر صدام حسين،وبدلا من منع الانهيارات في العراق،والتقسيم،والحروب المذهبية والطائفية،والفساد المالي،،فأنها تنزلق باتجاه حساسيات انسانية،قبل اي شيء اخر.
الشعوب الراقية،لاتهين رموزها،حتى لو فعلت هذه الرموز ما فعلت،وحتى لو ظلمت بنظر البعض،لاننا لا نسمع عن اهانة الرموز الا في عالمنا العربي،ولو تأملنا الغرب لوجدنا انهم لايهينون رمزا من هنا او هناك زج بهم في حروب أكلت الاخضر واليابس.
يقال هذا الكلام،في وجه من يظنون ان صدام حسين رجل ظالم،لانه حارب ايران،واضطهد العراقيين،واجتاح الكويت ورّوع اهلها الاعزاء،وأوقع العراق في حصار ادى الى موت الملايين من العراقيين.
في وجه هؤلاء ايضا كلام آخر،اذ ان صدام لم يدفع الثمن هو والعراق،الا بسبب تلك الصواريخ التي قصف بها اسرائيل،ولانه رفض تسليم نفط العراق للغرب،وهاتان اللعنتان هما اللتان جلبتا جيوش العالم الى العراق،وهذا رأي آخر لا بد ان يسمعه كثيرون.
لو اثبت لنا عراقيو ما بعد صدام حسين،انهم افضل من الرئيس السابق،لكنا قلنا كلاما آخر، لكنهم سرقوا العراق باسم تحريره،ونهبوه باسم الدين،وقسموه باسم القوميات،وفتنوا أهله باسم المذهبيات.
حكومة بغداد المشغولة بقبر صدام حسين وتريد اخراج الرئيس الذي ُيقلقها حتى في اغفاءته،لا تدرك انها دفنت كل العراق،قبل دفن صدام حسين،دفنت العراق واقامت له ضريحاً يجول حوله وحواليه من يظنون انهم ردوا الروح اليه.
رغد صدام حسين تهلع لان هذا والدها قبل ان يكون الرئيس،غير ان عليها ان لا تهلع كثيرا،فمن سلموا العراق الى الاحتلال،وعقدوا الصفقات على نفطه وشعبه،ويسعون الى تقسيمه،يفعلون اي شيء اخر.
حكومة بغداد تفكر بقبر صدام حسين،ولاتتذكر قبور ملايين الاطفال والآباء،منذ عام 2003،اي بعد الاحتلال،ولا تتذكر الموتى من البشر الذين يمشون على الارض لكنهم اموات،ولا تتذكر كل هذا القتل والفشل في ادارة عراق اليوم.
لم تعد القصة قصة اصطفاف مع صدام حسين،او اصطفاف ضد ارث الرجل،هي قصة العراق ذاته،الذي يشاغلونه كل يوم بقصة،فيما ينتحر مثل الحيتان على الشاطئ،قتلا وسرقة وموتاً وفساداً وتقسيماً.
«رغد» كريمة الرئيس غائبة لاعتباراتها عن الظهور،وعن المشاركة الانسانية في رواية جانب من قصة العراق في عهد والدها،ولها اسبابها في ذلك،غير انه غياب ُمكلف،كل يوم،لأن فيه احلال لكل الروايات المزورة على حساب شعب العراق.
لرغد يقال ان عليها ان لا تحزن اذا قرروا نقل جسد والدها من قبره،فمن يجرؤ على نقل كل العراق من مأمنه الى مقتله،وتحويل كل العراق الى قبر كبير،يفعلون اي شيء اخر.