ليس بالامر المفاجئ ان تصوت الولايات المتحدة الامريكية ضد قرار مجلس حقوق الانسان التابع للامم المتحدة.. فالولايات المتحدة في مختلف عهودها ظلت تدعم اسرائيل واطماعها التوسعية على حساب الاراضي والمياه والثروات والحقوق الفلسطينية والعربية.. وهي تدعم اسرائيل عسكريا ايضا اضافة الى دعمها المالي والسياسي.. فهي تقدم مختلف الاسلحة المتطورة التي لم تدخل الخدمة في بلادها بعد لاسرائيل من اجل الحفاظ على تفوقها العسكري على الدول العربية مجتمعة.. وفي حروبها ضد دول الجوار اقامت واشنطن لاسرائيل جسورا جوية لتوصيل احدث الاسلحة لجيشها على جبهات القتال.. بل واستخدمت الاقمار الصناعية لابلاغ اسرائيل بمواقع قوات الجيوش العربية وبمناطق استراتيجية من حيث قوتها او ضعفها.. وثغرة ( دفراسوار ) في حرب تشرين ( 1973 ) دليل ساطع على هكذا نهج اميركي مشين.. ان قرار مجلس حقوق الانسان التابع للامم المتحدة بتشكيل لجنة تقصي حقائق بشأن الاستيطان الاسرائيلي في القدس الشرقية وفي الضفة الغربية الاسبوع الماضي خطوة رادعة لاسرائيل ومن شأنها دعم عملية السلام المجمدة منذ زمن بسبب استمرار الاستيطان الاسرائيلي.. لكن الادارة الاميركية التي ما انفكت تزعم حرصها على تحقيق السلام في المنطقة وقدمت مبادرات لانهاء الصراع الفلسطيني الاسرائيلي بل وفرضت نفسها وصية على عملية السلام في المنطقة لا زالت تمارس سياسة المداهنة والنفاق والدعم الشامل لاسرائيل.. مما شجع اسرائيل على المضي في سياستها الاستيطانية والعدوانية في الاراضي الفلسطينية وزرعت عقبات كأداء في طريق المفاوضات وصولا الى اجهاضها وبالتالي تجميد عملية السلام.. لقد صوتت واشنطن وحدها ضد قرار مجلس حقوق الانسان الدولي وامتنعت ايطاليا واسبانيا ضمن عشر دول عن التصويت.. لكن المجلس الذي يضم ( 47 ) عضوا تبنى قرار فتح التحقيق باغلبية ( 36 )صوتا بينها صوتا روسيا والصين.. ان هذا الموقف الاميركي المتطابق تماما مع سياسة اسرائيل التوسعية على حساب استحقاقات السلام وحقوق الشعب الفلسطيني قد اثار غضب الفلسطينيين واثار غضب جميع الشرفاء الاحرار من ابناء العروبة.. لقد ظهرت واشنطن بمظهر معاد للشعب الفلسطيني وللامة العربية.. مما يقتضي اتخاذ موقف عربي رسمي وشعبي شجاع وحازم في مواجهة سياستها المنحازة كليا لاسرائيل على حساب الحقوق الوطنية للشعب الفلسطيني والحقوق العربية الاخرى.. يقول بعض المراقبين ان اقتراب الانتخابات الاميركية وراء هكذا موقف اميركي.. لكن الحقائق على الارض تقول ان هذه هي السياسة الاميركية منذ بداية الصراع العربي الاسرائيلي..