هل المشاجرات (الجماعية) هي الخطر الوحيد الذي يواجه الطلبة في الجامعات الاردنية, ام ان خطرا آخر محجوبا او يراد له كذلك, بل وتسويقه كحل للمشاجرات المذكورة, يستدعي الانتباه ايضا والتصدي له من دون ادنى مواربة, كما يفعل المصريون بكل اطيافهم هذه الايام (عسكرا ومعارضة) وذلك بتحويل جماعات التمويل الاجنبي التي تعمل باسماء مستعارة (منظمات غير حكومية) الى قضية وطنية محالة الى القضاء, باعتبارها قضية امن وطني, من الدرجة الاولى..
في تحقيق للزميلة دلال سلامة من جريدة الغد (عدد 20 اذار) فان المعهد الديمقراطي للشؤون الدولية (اسسه الحزب الديمقراطي الامريكي 1983) ينفذ منذ عام 1997 برنامجا خاصا بالطلاب والنساء في ثماني جامعات اردنية حكومية وخاصة, برنامجا واسعا باشراف مكاتب عمداء شؤون الطلبة, والعنوان المعلن هو (التمكين الديمقراطي).
وحسب التحقيق المذكور, ومقابل حماس عمداء شؤون الطلبة للبرنامج, فقد نقلت الزميلة دلال سلامة عن الدكتور زيد حمزة قوله (ان ما يجري في الواقع هو عمل استخباري في المقام الاول, معروف الاهداف لكن الحكومات لا تستطيع منع ذلك بل وتقوم بالترخيص له).
والجدير ذكره ان القضية المثارة في مصر هي لمركز امريكي آخر يديره (الحزب الجمهوري).. ومن الغريب ايضا ان مؤسسات فرنسية ديمقراطية (غير حزبية) احتجت على نشاطات المؤسسات الامريكية وسط الجاليات الاسلامية والافريقية في فرنسا نفسها..
ومن ابرز المؤسسات الامريكية المذكورة إضافة للمعهدين, فورد فاونديشن, وصبان, وبيت الحرية, ونيد, وراند, وكارينجي, وجميعها اما مرتبطة بالمخابرات الامريكية, او وزارة الخارجية اوالبنتاغون, او اللوبي اليهودي (معهد واشنطن) وجماعات سوروس وهذا غير مراكز الدراسات في الجامعات الامريكية والتي اعتبرها المفكر العربي الفلسطيني الراحل, ادوارد سعيد مطابخ استخباراتية..
اما الديمقراطية المزعومة التي تدرس للطلبة في الجامعات الاردنية او تلك التي تديرها مراكز الدراسات الخاصة بحقوق الانسان وحرية الصحافة والاعلام المجتمعي.. الخ فقد كان فلاسفة ومفكرو الغرب اول من كشفها مثل تشومسكي وهربرت ماركوز وسوندرز وايغلتون.. وغيرهم.
وتقدم جميعها الديمقراطية وحقوق الانسان بالمفهوم الامريكي (الليبرالية التي تفصل هذه الحقوق عن التنمية والاقتصاد الوطني المنتج والعدالة الاجتماعية والسيادة) كما تتعامل مع هذه الحقوق بوصفها جزرا او كانتونات متناثرة مستقلة عن بعضها (طلاب, نساء, اقليات.. الخ).
واخطر ما فيها دورها في تحويل البشر الى بضائع في خدمة السوق ومتطلباته, واعادة انتاج الوعي على طريقة بافلوف ونظرية الانعكاس الشرطي التي طبقوها على تلاميذ الهنود الحمر واستبدال الهيمنة السابقة لايديولوجيا الحرس القديم بالهيمنة غير المرئية للحرس الليبرالي الجديد.