! تسلل اخبار الاغارات والتقتيل في غزة, اشبه بسر الماسون في هذا الكم الزاخر من انباء سوريا ودموية احداثها, ومصر وتونس وليبيا وأزماتها.. دون أن يجد الحادث الفلسطيني ما يستحقه من الاهتمام العربي والدولي, وكأن غزة تعيش خارج اطار هذا الوطن والعالم, وهي المحاصرة, الجوعى المريضة التي فقدت في اقل من 48 ساعة اكثر من 20 قتيلاً ومئات الجرحى!!!
أبشع ما يحدث في قطاع غزة, هو هذه العلاقات بين قواها السياسية المسلحة. فاذا توصلت حماس وفتح الى اتفاق يخرج القضية الفلسطينية من التمزق الفصائلي والخلاف, ظهرت في اجواء غزة معارضات الجهاد الاسلامي, والمقاومة الشعبية, وكل المنظمات المتشابهة. وظهرت معارضات من داخل حماس ذاتها!!
وحين يكون من الطبيعي أن تختلف الاراء, وأن نعود الى الشعب لأن انتخابات المجلس الوطني والمجلس التشريعي والرئاسة قريبة, فإن الاقرب هو الاحتكام الى السلاح.. لا ضد الفلسطيني من الفلسطيني بشكل مباشر, وانما باطلاق صواريخ على اسرائيل فترد اسرائيل بقتل عشرات الفلسطينيين.. مما يؤدي الى توتير الشارع وفتح النار على السلطة. وعلى العمل السياسي, وعلى اتفاقات القاهرة!!
في وقت ما استعملت حماس هذا التكتيك ضد فتح والسلطة الوطنية, وكنا نقول وقتها ان اطلاق الصواريخ لا يستهدف اسرائيل لأن كل آلاف هذه الصواريخ لم تقتل الا «اسرائيلياً» واحداً في عسقلان اكتشفنا بعد أيام أنه فلسطيني من عرب الثماني والاربعين!! ومرّت الايام وانتقلت حماس من مواقع الايدلويوجيا الى مواقع العمل السياسي بعد حكمها المطلق في غزة, وصار عليها أن تنقل قيادتها من دمشق, وأن تنأى بنفسها عن طهران, وأن تصالح فتح والسلطة وابا مازن, فخرج من المخابئ من يحرج حماس باسلوبها القديم.. ويطلق الصواريخ, وترد اسرائيل.. ويتم لعن المفاوضين, الفاسدين العملاء!!
هذا كله لا ينفع حركة التحرر الفلسطيني ولا يقيم دولة فلسطين. فاذا اختارت فتح وحماس العودة الى منظمة التحرير, والعودة الى الانتخابات والى تقرير مراحل العمل الفلسطيني بمشاركة الجميع فلا معنى لاعطاء اسرائيل فرص قتلنا بالمجان.
اما الشعار الجديد: نموت جوعاً ولا نركع ونستسلم!! فهو شعار مزايدات فالذي يجوع يركع لانه لا يستطيع الوقوف على قدميه.. والذي يموت من الجوع لا يملك أن يستسلم أو لا يستسلم لانه مدفون في الارض!!