عبدالهادي راجي المجالي – الراي
يقال أن سلوك الفرد هو المحدد الرئيسي لدراسة حالة الفرد النفسية والصحية ..وكما أن للأفراد سلوكا فان للدول مسلكيات خاصة بها تستطيع من خلالها تحديد مسار الدولة ومستقبلها ومؤشر استقرارها .
دعوني اسرد قصة مهمة من الأرياف الأردنية …زمان كانت القرية الأردنية تعتاش إما من الزراعة أو بيروقراط الدولة أو المؤسسة العسكرية ..لم يكن احد من أفرادها مثلا يعمل في السوق المالي ..وبالتالي كانت زوجات العسكر الذين يعودون من كتائبهم في أيام الخميس يطغى على سلوكهن الأشتياق فهي تمضي الأسبوع في حالة ترقب وأنتظار لعودة الزوج .
،وبما أن أغلبية الأزواج يعودون يوم الخميس ..تجلس الزوجة غالبا في صباح الجمعة على باب المنزل ..وترمي قليلا من غرتها المبلولة خارج الأشار …وهذا الأمر هو بمثابة شيفرة سرية للمارة وتفيد :- أن فتحي قد عاد مساء البارحة من الكتيبة وأنها أستحمت وهذه الأشارة تصنف على أنها عاطفية ..الأشارة الثانية وهي أن فتحي عاد واشترى من المؤسسة مجموعة هائلة من الشامبو وكرتونة سيرف الجبار …الاشارة الثالثة أنها تنتظر فتحي كي يعود من الصلاة من أجل تناول الغداء مع الأولاد .
،ولكنك تحتار في أي شيفرة تريد أرسالها هذه المرأة …خصوصا أنها تعود خلسة الى المنزل كلما قامت الشمس بتنشيف الغرة وتعيد بلها مرة أخرى وفي حركة تعبر عن جرأه متناهية تقوم بنشر البشاكير على الحبل بشكل لافت .
وفتحي أيضا هو الاخر مشتاق لزوجته ( والعيال) والأمر لا يسبب حرجا فالحب بين الزوج والزوجة حالة مقدسة .
في النهاية تحاول أن تفسر سلوك زوجة فتحي …وقد تحصل على الاجابات كلها مجتمعة وقد لا تحصل على أي أجابه ..فبلل الغرة قد يعني أني فتحي كان مشتاقا وقد يعني أيضا أنها مجرد شيفرة لنساء الحي …تعبيرا عن الفحولة الزائدة للزوج ..ولكننا في النهاية لم نكن ليلة أمس مع فتحي ..
دعوات الاصلاح في الأردن تشبه زوجة فتحي ..فحين يؤكد الرئيس على أن الحكومة ماضية في الاصلاح …وأن هناك تعاونا بين السلطات التشريعية والتنفيذية ..فالأمر اشبه بقيام زوجة فتحي بترطيب الغرة فنحن لا نعرف ماذا حدث في الغرف المغلقة بين الطرفين السلطة التشريعية والسلطة التنفيذية ..ونحن أيضا لم نكن مع فتحي ليلة عودته ….
،وتأكيد النواب على الشفافية في محاربة الفساد هو أشبه بنشر البشاكير على الحبل فمن الممكن أن يكون الحمام قد حدث بدافع الحصول على النظافة فقط وليس بدافع فحولة فتحي .
،أما الحراك فهو أشبه بالأبناء الذين ينامون مبكرا جدا ويتم أحيانا تخويفهم من (العو) ولكنهم بعد النوم لا يعرفون ماحدث في الغرفة المغلقة هل كان حالة حب أم خصام عابر أم لوم وزعل من قبل زوجة فتحي …وفي الصباح يصحون طمعا في عطايا الأب ….فقط .
،على كل حال (الغرة المبلولة) لا تعطي مؤشرا على فحولة فتحي تماما مثل الدعوة للاصلاح فهي لا تعني أبدا جدية التزاوج والتطابق بين السلطات .
،نحن شعب لا نعرف ماذا يحدث….هم يبللون (الغرة) وينشرون البشاكير ويؤكدون لنا أن الوليد الجديد قادم فقط ….ونحن شعب أعتدنا أن ننام مبكرا ….