بدأت ملامح مشروع التقاسم العثماني – الصهيوني للشرق العربي, بالانكشاف والاتضاح, يوما بعد يوم, وضمن تصورين او شكلين من هذا التقاسم, وهما الولايات العثمانية والكانتونات الاسرائيلية, اما سيناريوهات ذلك فلم تعد خافية على احد ايضا:
1- تفكيك الطابع المركزي للدول العربية, بالاستناد الى معطيات موضوعية قابلة للتوظيف والتجنيد والتحشيد. فتحت ضغط الاحتقان السياسي والطبقي الناجم عن الفساد والاستبداد, وشعارات التغيير والديمقراطية وتداول السلطة تجرى تعبئة الشارع في غياب قوى الثورة والتغيير وبرامجها, مما يسهل توظيفها لهذه الغاية, وهي التفكيك لمجرد التفكيك دون ان تتوفر أية مناخات او شروط او بدائل ديمقراطية مدنية.
وتتفاقم خطورة ذلك في غياب مفهوم الشعب والطبقة والمجتمع, لصالح مفاهيم الجمهور والاهالي والسكان والمجاميع.
فتنفجر الدول المركزية من دون روافع مدنية حقيقية وتسيطر المجاميع الطائفية والجهوية والاقليمية وثقافتها على المشهد كله, وتسهل قيادتها من قوى طائفية ومذهبية وجهوية.
وبهذا المعنى, فليس مطلوبا استبدال دولة بيروقراطية بوليسية شمولية بدولة ديمقراطية مدنية بل بفوضى شارع طائفي- جهوي.
2- في هذه المناخات تعمل المراكز الاقليمية الكبيرة مثل تركيا العثمانية, وتل ابيب الصهيونية وتدخل على خط الازمات هنا وهناك مستفيدة ايضا من ان الشرق العربي لا يزال محكوما لقوانين الجغرافيا السياسية ولعبتها اكثر من قوانين الصراع الطبقي والاجتماعي لشعوب مدنية.
3- ومقابل تجربة الولايات والسناجق العثمانية, تحفل سيناريوهات المطابخ الصهيونية بأجندة وتصورات حول الكانتونات الطائفية والجهوية, كما كشفها كارنجيا في كتابه »خنجر اسرائيل« 1956 وسعد جمعه رئيس وزراء اردني اسبق« في كتابه مجتمع الكراهية (1969) والصحافي »الاسرائيلي« أوديد أونيون 1982 ثم دراسات برنار لويس ودانيال بايبس.
mwaffaq.mahadin@alarabalyawm.net