قانون الأحزاب يمثل أحد الاختبارات المهمّة للحكومة وجديتها وقدرتها على المضيّ في مشوار الإصلاح, وسوف يكون لهذا القانون إضاءات على المشهد المحلّي المقبل, بالإضافة إلى القوانين الأخرى المهمّة مثل قانون الانتخابات, وقانون الهيئة المستقلة لإدارة الانتخابات.
قانون الأحزاب يجب أن يبنى على فلسفة جديدة, وينطلق من رؤية ديمقراطية, وليس من رؤية عرفية معادية لفكرة الحزبية أساساً, كما يحدث في صياغة القوانين السابقة.
ومن هنا لا يجوز التفكير بالهيمنة الأمنية على الأحزاب ومتابعتها وكأنّها أجسام معادية للدولة, وأنّ رجال الأحزاب عبارة عن خصوم للدولة ومتمردين على النظام والقانون, ولذلك لا يجوز إتباع الأحزاب لوزارة الداخلية, وأن يكون هناك موظف في وزارة الداخلية يتولّى شأن الأحزاب ومتابعتها ومراقبتها, ومراقبة موازنتها وأدائها, فهذا تقزيم للأحزاب وامتهان لفكرتها السامية, وينطلق من نظرة استبدادية متسلطة.
كما لا يجوز أن يكون القانون عبارة عن أداة لتقييد عمل الأحزاب والتضييق على نشاطاتها, ولا يمكن أن يكون القانون عبارة عن عصا غليظة بايدي الحكومات لتأديب الأحزاب ورجال الأحزاب, ولا يجوز أن يكون القانون عبارة عن لائحة عقوبات, ولائحة تأديب وحظر وممنوعات, تخص الحزبيين فقط من دون الناس.
الرؤية الجديدة أنّ الأحزاب عبارة عن مؤسسات وطنية, مؤسسات دولة, ورجال الأحزاب هم مواطنون عاديون من مواطني الدولة, يتمتعون بكل حقوق المواطن, فلا يجوز منعهم من التمتع بمرافق الدولة, ولا يجوز حظر تسلم الوظائف العامّة عليهم, أو الترقي في أجهزة الدولة, ولا يجوز حرمانهم وحرمان أبنائهم وزوجاتهم وذراريهم من التمتع بكامل الحقوق المجتمعية والمدنية والاقتصادية والسياسية.
الأحزاب في الأصل مؤهلة لاستلام الحكومة وإدارة شؤون الدولة وحمايتها وحماية المواطنين, ولذلك يجب أن يتمّ تشريع قانون لاستحداث هيئة مستقلة ترعى شؤون الأحزاب وتتبع للدولة, وليس للحكومة أيّ علاقة بها, ولا يتحكم بإدارتها وزير الداخلية, ولا الأمين العام, فضلاً عن موظف صغير, ويجب وقف الملاحقات الأمنيّة للأحزاب والمنتظمين بها, ويجب تغيير فلسفة العداء التي تنطلق تعاملات الجانب الرسمي من خلالها.
العرب اليوم