الاصلاح نيوز- لا يعرف المقعد المشرد في غور “فيفا” نزال الغريبات كم مضى له من عمر على وجه التحديد، لكن بطاقة شخصية وجواز سفر عتيقين يوردان 1910 عاما لمولده، ويجدر وصفه ب”جثة ناطقة في غابة لا تقوى على العيش فيها السباع”، على حد وصف مواطنة في المنطقة.
يتخذ العجوز الغريبات جذع شجرة مأوى وهو يتنقل زحفا بين الأشجار في مكان موحش، ملتحفا اكياسا بلاستيكية، بحثا عن دفء يفتقده منذ زمن فتضاعفت اوجاعه لتشمل السمع والبصر، في تجسيد لانسان خارج سياقات الانسانية.
يقول الغريبات : عندما كنت قادرا على المشي تنقلت من قريقرة في معان الى الفجيج وبصيرا بالطفيلة وأم سراب والحرير والطيبة بالكرك للعمل في المزارع ومواسم الحصاد وحراثة الأرض، لإعالة نفسي حتى ألقى بي الزمن بلا مأوى في هذه المنطقة، فلم أتزوج قط وتعود أصولي الى بئر السبع وأعيش في الأردن منذ ثلاثينات القرن الماضي. ويضيف بأسى: أنا كبير ولا اعرف كم عمري. أعيش على ما تيسر من ثمار الشجر والمزارع القريبة وما يجود به العابرون، وانا لا استطيع السير واقضي أياما بلا طعام ولا شراب ولم أغادر البلاد إلا للحج منذ زمن بعيد وقد سقطت بها على درج المسجد، ومن بعدها بدأت اوضاعي تتدهور.
الغريبات الذي يصلي ويصوم ويتوضأ بالتيمم، يؤكد سكان في المنطقة، انه لا يقبل شيئا إلا بعد إلحاح.
يشكو الغريبات الما مبرحا ناجما عن ورم، فضلا عن الام قدميه، وهو يتمنى ان يعود طبيبا اي طبيب على حد ما يقول، مضيفا : اوجاعي كثيرة واللهم حسن الختام. يضيف : كثيرون يأتون لتصويري ولا اعلم إن كانوا مسؤولين أم سياحا ولكن احدهم أعطاني مرة كرسيا متحركا وعكازين.
يصمت الغريبات قليلا ثم يردف : في الليل تمر من أمامي حيوانات مفترسة واستبشر بالنهاية لكنها تعفو عني ربما رأفة بحالي او ربما لا تجد في عجوز متهالك ما يسد رمقه.
تقول نورا وهي مواطنة في المنطقة، انها قدمت استدعاء لمتصرفية اللواء وشرحت فيه حال العجوز الغريبات، موضحة انها راجعت مكتب التنمية الاجتماعية “بحثا عن حل لإنسان من العيب أن يعيش شيخوخته بلا مأوى ولا معيل جثة ناطقة في غابة لا تقوى على العيش فيها السباع”. من جهته، قال متصرف لواء الأغوار الجنوبية نوفان عوجان انه أبلغ مديرية التنمية الاجتماعية عن حالة العجوز الغريبات، بينما اضح مساعد مدير التنمية الاجتماعية في الأغوار الجنوبية ماجد الحشوش، ان الرجل لا يحمل رقما وطنيا ولديه جواز سفره مؤقت. واضاف ان : تعليمات المعونة الوطنية لا تنطبق عليه ونحن لا نملك علاجه ووزارة الصحة هي صاحبة القرار.
على ان مدير الأحوال المدنية والجوازات في الكرك محمد البنوي اوضح انه بحث في أرشيف المديرية وتبين أن للمسن أخا يحمل رقما وطنيا وقيدا مدنيا وهو من مواليد عام 1919، معتبرا انه بناء على استفادة الأخ من مكان إقامة أبيه وحصوله على الجنسية والرقم الوطني فان المعمر الغريبات يستحق رقما وطنيا وجواز سفر.(بترا)