يعتقد بعض المحللين ، الذين يؤمنون بأن المؤامرة هي التي تصنع التاريخ ، أن هناك خطة مدروسة لإعادة رسم خارطة الشرق الأوسط وإعادة تقسيم الأقطار العربية ، أي تجزئة المجزأ. وفي البال أقطار مستهدفة للتجزئة مثل اليمن والسعودية وليبيا وسوريا كوجبة أولى.
لكن لماذا تريد القوى العالمية في الغرب تجزئة الدول العربية؟ هل الوضع الراهن وتقسيم الوطن العربي إلى 22 كياناً ليس كافياً ، وهل التضامن العربي الراهن من القوة بحيث أخذ يهدد مصالح الغرب الاقتصادية والاستراتيجية ، أو يهدد أمن إسرائيل لا سمح الله!.
أغلب الظن أن مشاكلنا وعثراتنا وعيوبنا وخلافاتنا كلها من صنع أيدينا ، وليست مفروضة علينا. أميركا مثلا أيدت وحدة اليمن عندما تعرض للانقسام إلى شطرين شمالي وجنوبي ، ولم تقسـّم العراق إلى ثلاث دويلات أو أكثر عندما كان ذلك متاحاً لها. وإذا كانت هناك ميول شيعية أو سنية أو كردية للانفصال في العراق فهذا ليس ذنب القوى الخارجية بما فيها أميركا وإيران.
عندما تصبح الهويات الفرعية ، سواء كانت دينية أو مذهبية أو عرقية ، أقوى من الهوية الوطنية الجامعة ، فهذه مشكلة حاول صدام حسين حلها بعنف الدولة المركزية القوية. وهناك وسيلة سلمية هي اللامركزية أو الفدرالية ، بحيث يسمح لكل إثنية بأن تدير شؤونها المحلية بنفسها في إطار وحدة الوطن.
عندما ذكر الملك حسين طيب الله ثراه كلمة فدرالية لحل مشكلة العراق ، كان يقصد المحافظة على وحدة العراق ، ولكن البعض فهمهــا على أنها تمهد للانفصال ، بالرغم من الأمثلة الواضحة في وحدة الولايات المتحدة ، وألمانيا ، وسويسرا ، وبلجيكا والإمارات العربية المتحدة وكلها دول فدرالية.
أكراد العراق لا يخفون رغبتهم في الانفصال لأسباب قومية يجب على القوميين العرب أن يفهموها ، وهناك صراع طائفي بين السنة والشيعة يصل إلى حالة دموية. وعراق اليوم مهدد بالحرب الأهلية أو التقسيم ، فلماذا لا يتوصل العقلاء إلى الحل الفدرالي المنصوص عليه في الدستور العراقي.
مشكلة العراق أن المسؤولين جزء من المشكلة فلا يمكن أن يكونوا جزءاً من الحل. وإذا كانت القضايا الدولية تعالج بمؤتمرات دولية ، فلماذا لا تعالج القصايا العربية بمؤتمرات عربية ، فالحل العربي على علاته أفضل من ترك الأزمات تأخذ مجراها.