الإصلاح نيوز- يحمل المنتخبان التونسي والسوداني مسؤولية الدفاع عن سمعة عرب افريقيا في نهائيات كأس الامم الافريقية الثامنة والعشرين المقامة حاليا في الغابون وزغينيا الاستوائية لانهما الوحيدان اللذان تأهلا الى الدور ربع النهائي وتعقد امال كبيرة على احدهما خصوصا تونس للابقاء على اللقب عربيا للنسخة الخامسة على التوالي.
وكان المنتخبان التونسي والسوداني بين 4 منتخبات عربية حاضرة في العرس القاري في النسخة الحالية بعد المغرب وليبيا، جميعها دخلت بطموحات مختلقة ومنها من حقق المفاجأة وبلغ ما لم يكن متوقعا منه على غرار السودان، ومنها من خيب الامال مثل المغرب الذي كان مرشحا للقب الثاني في تاريخه بعد عام 1976، ومنها من كان واقعيا وتخطى الدور الاول في سعيه الى لقبه الثاني ايضا بعد عام 2004 بالنسبة الى نسور قرطاج، واخيرا حققت ليبيا اكثر من المتوقع بجمعها 4 نقاط وخروجها مرفوعة الرأس بفوز 2-1 هو الاول لها منذ 30 عاما في النهائيات القارية.
عموما، وعلى غرار النسخ الثلاث الاخيرة، انحصر التواجد العربي في الدور ربع النهائي على منتخبين فقط، ويبقى الغائب الاكبر منتخب مصر صاحب اللقب في النسخ الثلاث الاخيرة. فتونس حجزت بطاقتها الى ربع النهائي للمرة الرابعة في النسخ الخمس الاخيرة وتحديدا منذ تتويجها باللقب على ارضها قبل 8 اعوام والعاشرة في تاريخها، فيما وضع السودان قدمه في ربع النهائي للمرة الاولى في تاريخه والاولى منذ تتويجه باللقب الاول والاخير عام 1970 على ارضه.
والقاسم المشترك بين المنتخبين التونسي والسوداني ان اداراتها الفنية بقيادة مدربين محليين هما سامي الطرابلسي ومحمد عبدالله “مازدا” وكلاهما قاد منتخب بلاده الى انجاز تاريخي في كأس امم افريقيا للاعبين المحليين التي استضافها السودان العام الماضي، فالاول توج باللقب، والثاني بلغ دور الاربعة قبل ان يحل ثالثا.
لكن شتان بين مشوار “نسور قرطاج” و”صقور الجديان” او “تماسيح النيل” في النسخة الحالية لان رجال الطرابلسي تخطوا الدور الاول بسهولة بعد فوزين ثمينين على المغرب والنيجر بنتيجة واحدة 2-1 قبل ان يخسروا امام الغابون المضيفة صفر-1 على صدارة المجموعة الثالثة، فيما عانى رجال مازدا الامرين وانتظروا الجولة الثالثة الاخيرة لحجز بطاقتهم الى الدور الثاني بعدما خسروا امام ساحل العاج صفر-1 وتعادلوا مع انغولا 2-2 ثم تغلبوا على بوركين فاسو 2-1 مستفيدين من فوز الفيلة على انغولا 2-صفر وبالتالي التأهل بفضل فارق الاهداف.
لكن الغريب في المنتخب التونسي انه حجز تأهله بفوزين غير مقنعين على المغرب النيجر، لكنه ابلى البلاء الحسن في المباراة الثالثة امام الغابون والتي خسرها صفر-1 وكان الافضل طيلة مجرياتها على الرغم من انه خاضها في غياب 8 لاعبين اساسيين.
وقال الطرابلسي “سيطرنا على مجريات المباراة على الرغم من غياب العديد من اللاعبين الاساسيين، لكننا فشلنا في تحقيق الفوز. كنا نرغب في كسب المباراة الثالثة على التوالي لتحقيق انجاز غير مسبوق في تاريخ المشاركة التونسية في العرس القاري، وتصدر المجموعة، لكننا خسرنا. الان يجب التركيز على الدور ربع النهائي، ولا يهم المنتخب المنافس لاننا مستعدون لمواجهة جميع المنتخبات”.
واوضح الطرابلسي انه اراح العديد من اللاعبين لكونهم كانوا مهددين بتلقي بطاقة صفراء تحرمهم من خوض الدور ربع النهائي.
واردف قائلا “على الرغم من ذلك، اظهر اللاعبون الذي خاضوا المباراة مؤهلات فنية عالية وكانوا في المستوى وعند حسن ظني”.
من جهته، حقق المنتخب السوداني 3 انجازات تاريخية بالنسبة له، اولها هز الشباك للمرة الاولى منذ عام 1976، وثانيهما فوزه الاول في النهائيات منذ تغلبه على غانا 1-صفر في المباراة النهائية عام 1970، وثالثهما الدور ربع النهائي للمرة الاولى ايضا منذ عام 1970 والاولى في تاريخه لانه عندما حل وصيفا عامي 1959 و1963 وثالثا عام 1957 شهدت البطولة مشاركة 4 منتخبات عام 1957 و3 منتخبات عام 1959 و6 منتخبات عام 1963، كما ان الدور ربع النهائي لم يكن موجودا في نسخة 1970 حيث شاركت 8 منتخبات فقط وزعت على مجموعتين تأهل اول وثاني كل منها الى دور الاربعة.
واكد مازدا، الذي يدين له السودان بتواجده في نسختي 2008 و2012: “انا سعيد جدا، نستحق التواجد في الدور ربع النهائي. لعبنا جيدا، ولدينا منتخب بين المنتخبات الشابة في هذه البطولة بمعدل اعمار 24 عاما. هذا الجيل حقق انجازا تاريخيا للسودان”.
وأضاف “أثبتنا قدرتنا على مواجهة المنتخبات الكبيرة بمنتخب من لاعبين محليين. فريقي تطور تدريجيا في هذه البطولة، خسرنا المباراة الاولى، وتعادلنا في الثانية، وفزنا في الثالثة. مباراة اليوم (أمس امام بوركينا فاسو) هي بين افضل مبارياتنا. قلت للاعبين بانها ستكون الاكثر صعوبة، واننا لسنا بحاجة سوى الى الفوز. انها المرة الاولى التي نفوز فيها منذ عام 1970. ضد انغولا سجلنا هدفين هما الاولان منذ 1976، انها انجازات رائعة وخالدة”.
ولن تكون طريق تونس والسودان مفروشة بالورود في الادوار المقبلة، فالاول سيلاقي احد 3 منتخبات وهي غانا المرشحة بقوة الى ساحل العاج للتتويج باللقب، فيما يخوض المنتخب السوداني مباراة لا تخلو من صعوبة امام زامبيا التي سحقته بثلاثية نظيفة في اول مباراة في النسخة السادسة والعشرين في غانا عام 2008.
بطولة مشجعة لليبيا
لم يكن أشد المتفائلين يتوقع مشوارا جيدا لليبيين في البطولة الحالية خاصة بعد الخسارة امام غينيا الاستوائية المضيفة والمتواضعة (مصنفة 150 عالميا و42 قاريا)، لكن “فرسان المتوسط” وهو لقب المنتخب الليبي ودعوا العرس القاري برأس مرفوعة بعدما ظفروا باربع نقاط من رحم المعاناة والاهم من ذلك فوز تاريخي لم يحلموا به منذ 30 عاما وكان على حساب السنغال احد ابرز المنتخبات التي كانت مرشحة للظفر باللقب.
حققت ليبيا او بالاحرى “ثوار ليبيا” لانتماء بعض لاعبي المنتخب الى الثوار الذي اطاحوا بنظام العقيد معمر القذافي، المعجزة بالتأهل الى النهائيات بالنظر الى الظروف القاسية التي عاشتها بلادهم جراء الثورة واضطرتهم الى خوض مبارياتهم البيتية خارج القواعد (في مالي ومصر)، ثم استعادت التوازن بعد خسارة المباراة الاولى بالتعادل مع زامبيا (2-2) بفضل ثنائية احمد سعد، وحققت فوزا تاريخيا هو الاول لها منذ عام 1982 عندما تغلبت على السنغال بفضل ثنائية جديدة وهذه المرة لايهاب البوسيفي.
حقق الجيل الثوري لكرة القدم الليبية وفي اصعب الظروف ما عجزت عنه الاجيال السابقة التي كانت “مدللة” بأموال الساعدي القذافي، نجل الزعيم الليبي، الذي كان وقتها لاعبا ورئيسا للاتحاد المحلي.
وقال مدرب ليبيا البرازيلي ماركوس باكيتا “انا مرتاح لان مستوانا تطور خلال هذا البطولة”، معربا عن امله في ان “يتمتع اللاعبون بافضل الظروف في ليبيا في المستقبل بعد هذا الاداء الجيد في العرس القاري”.
واضاف “بالنسبة لنا النتيجة مهمة جدا بسبب ما حدث في ليبيا والظروف الصعبة التي عشناها ومن بينها ان اغلبية اللاعبين كانوا بدون اندية وعاشوا حربا كانت لها اثار نفسية”.
حققت ليبيا فوزا تاريخيا هو الاول لها منذ 30 عاما والثالث في تاريخ مشاركاتها في النهائيات القارية، لكن بدون شك لن يكون الاخير لان ليبيا ابانت عن علو كعبها بتشكيلة من اللاعبين الواعدين الذين سيقولون كلمتهم في المستقبل لا محالة.
نسخة للنسيان واستخلاص العبر للمغرب
خيب المنتخب المغرب الامال التي كانت معقودة عليه خصوصا بعد مشواره في التصفيات وفوزه الكبير الى الجزائر ممثلة عرب افريقيا في مونديال 2006، برباعية نظيفة، والكم الهائل من اللاعبين المحترفين في ابرز الاندية الاوروبية، بيد ان كل هذه العوامل لم تشفع للمغاربة الذين منيو بخسارتين مؤلمتين امام تونس 1-2 والغابون 2-3 وخرجوا خاليي الوفاض وبفوز معنوي على النيجر 1-صفر.
وهي المرة الاولى في المشاركات ال14 لاسود الاطلس في العرس القاري، التي يفشلون فيها في تخطي الدور الاول في 3 نسخ متتالية، علما بانهم غابوا عن النسخة الاخيرة في انغولا، وبالتالي فان الاخفاق هذه المرة يعتبر ذريعا وقد يدفع ثمنه مدربه البلجيكي اريك غيريتس الذي لا يزال مصرا على مواصلة عمله.
وقال غيريتس عقب المباراة الهامشية التي فاز فيها المغرب على النيجر 1-صفر في الجولة الثالثة الاخيرة من منافسات المجموعة الثالثة: “لن أهرب ولست خائفا من المواجهة”، مضيفا “سأعود الى المغرب لاخذ يومين من الراحة واللقاء بالمسؤولين عن الاتحاد المحلي قبل التوجه في نهاية الاسبوع الى اوروبا لمواصلة مهامي ومراقبة اداء اللاعبين المحترفين” مشيرا الى ان المسؤولين عن الاتحاد المغربي اتصلوا به دون ان يكشف عن فحوى المحادثات بينهما، واكتفى بالقول “انها امور شخصية”.
وتابع “سأعود الى المغرب للوقوف على الوجه الاخر للجمهور والشعب المغربي الذي استقبلني الى حدود الساعة بحفاوة غير مسبوقة. أنا أتفهم ردة فعله وغضبه، الجميع كان يعقد امالا كبيرة على هذا المنتخب في هذه البطولة، لكننا ارتكبنا اخطاء فردية واهدرنا فرصا حقيقية عدة ودفعنا الثمن غاليا”.
واردف قائلا “خروجنا كارثي ومخيب للامال، نحن ندرك ذلك جيدا ولكن على الاقل هناك ارتياح كبير بخصوص بعض اللاعبين الذين سيشكلون المستقبل. لا يجب ان ننسى بان اغلب اللاعبين يخوضون العرس القاري للمرة الاولى في مشوارهم الكروي، وأعتقد انهم اليوم اعطوا اشارات واضحة على قدرتهم في استعادة التوازن ومواصلة العمل معا من أجل تحقيق اهداف ومتمنيات الجمهور المغربي ومسؤوليه”.
الاكيد ان الوجوه الشابة والواعدة في صفوف اسود الاطلس اظهرت اشارات واضحة على علو كعبها وقدرتها على رفع الرأس مجددا، لكن ينبغي عليهم نسيان خيبة امل 2012 واستخلاص العبر في اسرع وقت ممكن لانهم مقبلون على تصفيات كأس العالم 2014 حيث وضعتهم القرعة في مجموعة ساحل العاج المرشحة للظفر بالنسخة الحالية، وكذلك الدور الفاصل المؤهل الى نهائيات امم افريقيا 2013 في جنوب افريقيا، وكل هذا في افق استعدادهم الجيد للنسخة القارية التي يستضيفونها على ارضهم بعد 3 اعوام.
يذكر انها المرة الثامنة التي يخفق فيها المغرب في تخطي الدور الاول بعد اعوام 1972 و1978 و1992 و2000 و2002 و2006 و2008 و2012، علما بان افضل نتائجه في العرس القاري احرازه اللقب عام 1976 والوصافة عام 2004 والمركز الثالث عام 1980 والرابع عامي 1986 و1988، وربع النهائي عام 1998.