“بدنا نكسبك زبون”، بهذه الكلمات ساوَمَ “الدكتور حسن”، الأستاذ في إحدى الجامعات الخاصة، “زبونه” القادم لـ “شراء” مشروع تخرج “مُفصَّل على قد المقاس” مقابلَ 150 ديناراً.
طلَبَ الدكتور حسن (40 عاما) ذلك الثمن المغري، مقابِلَ بحثِ تخرُّج حول الربيع العربي من 30 صفحة، طلبه كاتب التحقيق، بعد أنْ تستَّرَ وراءَ شخصية طالب يدرس في مصر.
“كم صفحة تريد”؟ سأَلَ دكتور التاريخ والحضارة الذي يُدِّرسُ مساق التربية الوطنية. أجابه الطالب: “يعنيني النوع لا الكم يا دكتور”. فردَّ بثقة: “ما عليك من هالشغلة”، ثمَّ اتصَلَ بزميل له ليساعده في كتابة البحث وتأمين المراجع المناسبة.
الدكتور حسن وزميله من بين عشرات الأساتذة الذين يبيعون طلاباً جامعيين أبحاثَ تخرُّجٍ مقابِلَ 100 إلى 4000 دينار للبحث الواحد، وفقَ نوع التخصُّصِ وحَجْم المشروع. غالبية هؤلاء يمتلكون مكاتب تجارية مرخصة لغايات الدراسات والأبحاث والخدمات الطلابية؛ لكنهم يستخدمونها كغطاء لبيع مشاريع تخرج على نحو غير شرعي، وفق طلاب.
ويقولُ طلاب إنَّ تلك المكاتب تستغلُّ ضعفَ رقابة وزارة التربية والتعليم، التعليم العالي والجامعات، وثغرات في التشريعات القانونية ما يضعف كفاءات الخريجين، ويقوِّضُ مستويات التعليم الجامعي ويسيء لسمعة التعليم في الأردن. كذلك يضع أساتذة شروطا تعجيزية ومعايير بعيدة عن مساقات الكليات، ما يدفع طلبة إلى تلك المكاتب لإنجاز مشاريع التخرج، على ما يؤكده خريجون جامعيون.
“ولاء” خريجة الجامعة الهاشمية تخصص هندسة كهربائية، اشترت وزملاؤها مشاريع تخرجهم حول الخلية الكهروضوئية بـ 900 دينار. “كان ذلك أسهل حل أمامنا”، تستذكر ولاء، متفاخِرَةً بأنَّها حصلت على علامة أعلى من زملائها الذين عملوا مشاريعهم بأنفسهم.
لدى مواجهته بتلك المعطيات أقرَّ الدكتور حسن بأنَّ مكتبه “كان” يبيعُ مشاريعَ تخرُّج سابقاً، “لكنه الآن ترك هذا العمل متوجها إلى الترجمة والتحليل الإحصائي”. ورغم ذلك يصر الأستاذ الجامعي على أن عمله السابق “أخلاقي ولم أكن أدري بأنَّه غير قانوني”.
60 % يقدمون مشاريع تخرج ليست من اعدادهم
استبيان علمي أعدَّه كاتب التحقيق بالتعاون مع أستاذين في هيئة تدريس جامعة خاصة، توصَّلَ إلى أنَّ 60 % من خريجي الكليات الجامعية العلمية في 22 جامعة حكومية وخاصة وعددهم 8718 خريجا سنويا يقدمون مشاريع تخرج ليست من إعدادهم بعيدا عن رقابة الحكومة وإدارات الجامعات، كما أن ستة من كل عشرة طلبة أقروا بأنهم اشتروا مشاريع تخرجهم.
علي 22 عاماً، وهو أحد القيادات الطلابية في كلية تكنولوجيا المعلومات جامعة البلقاء التطبيقية، يؤكِّدُ أنَّهُ اشترى مشروع تخرجه مقابل 300 دينار من مكتب خاص بعمل المشاريع. ويقدر “علي” أنَّ 80 % من طلبة دفعته اشتروا مشاريع تخرج، والنسبة المتبقية يكون أحد طلاب المجموعة المشاركة في المشروع هو من قام بعمله عن الآخرين دون مشاركتهم، أو يكون أعده لهم قريب أو صديق لهم دون مقابل. ولم يتسن رصد آراء الخريجين من دفعة علي للتأكد من تلك النسبة.
يقدر أحد أعضاء هيئة التدريس ومشرف على العديد من مشاريع تخرج في حقل تكنولوجيا المعلومات في إحدى الجامعات الحكومية، أنَّ نسبة شراء مشاريع التخرج تصل إلى 50 %.
ويُقر الأستاذ الدكتور محمد حمدان عميد كلية الهندسة في جامعة الإسراء والعميد السابق لكلية الهندسة في الجامعة الأردنية وجود الظاهرة وبنسبة كبيرة. وكذلك د. يوسف الجعافرة نائب رئس جامعة الإسراء، ولكنه يقدر أنَّها “أقل من 10 % في جامعة الإسراء”.
من جانبه، يؤكِّدُ نائب رئيس مجلس التعليم العالي د.أمين مشاقبة أنَّ الظاهرة برزت منذ عقد تقريبا، بسبب ضعف مخرجات التعليم العالي بشكل كبير. ويختزل وزير التعليم العالي والبحث العلمي السابق ورئيس الأكاديمية العربية الدكتور عصام الزعبلاوي سبب ضعف المخرجات بـ “سوء مدخلات التعليم العالي الناتجة عن الهرم المقلوب من خلال التوسع في القبول على حساب كليات المجتمع وخاصة الموازي”. ويوضح أنَّ هناك 250 ألف طالب في الجامعات، إضافة إلى عدم وجود بيئة جامعية صحيحة.
مطالب تعجيزية
“ما دفعني لشراء مشروعي هو المطالب التعجيزية”، يقول “غازي”، وهو خريج جامعة الزيتونة هندسة برمجيات اشترى مشروعه بـ 400 دينار.
ويتفق نائب رئيس جامعة الإسراء الدكتور يوسف الجعافرة مع غازي بوجود مطالب من قبل أعضاء هيئة تدريس ليظهروا أمام زملائهم بأنهم يستطيعون إنتاج مشاريع قيمة، وفي واقع الأمر تفتقر سيرتهم الأكاديمية الطويلة لأي بحث منشور ومُحَكم.
حتى مكاتب بيع المشاريع تشتكي من تعجيز الأستاذ للطلبة، “احد الدكاترة أربك المركز لأنه غير مشروع احد الزبائن قبل المناقشة بيوم من web application إلىdesktop application” هكذا تصف “رانيا” العاملة في أحد المراكز الثقافية.
خطط دراسية تحول دون تأهيل الطلبة لعمل مشاريعهم
وفق استطلاع الرأي، يرى 71 % من الطلبة أنَّ الخطط الدراسية لا تلبِّي حاجاتهم العلمية لعمل مشاريع تخرجهم.
ويرى الخبير التكنولوجي المهندس محمد خواجه أنَّ الخطط الدراسية العلمية في الجامعات تركز على الجوانب النظرية، وتتجاهل الجوانب العملية، ما أدَّى إلى ضعف الطلبة من الناحية العملية والفنية، وبالتالي عدم قدرتهم على عمل مشاريع تخرجهم.
ففي تخصص علم الحاسوب التطبيقي، لا يشكل الجانب العملي أكثر 10 % في الخطط الدراسية لجميع الجامعات في الأردن، على حد وصف خواجة.
ويبين أستاذ علم الحاسوب في جامعة البلقاء التطبيقية المدرس محمد أسمران، أنَّ مشروع التخرج يكون أول تجربة عملية للطالب، ذلك أنَّه لا ينفذ مشروعا عمليا في المواد التي درسها بسبب تخصيص ساعات قليلة للجانب العملي.
ويلمس طلبة ضعف تدريس الجامعات للمواد والمساقات المناسبة التي تؤهلهم لعمل مشاريع تخرجهم بأنفسهم. “فالتركيز ينصب على العموميات في الغالب والخطوط العريضة في وصف المساقات” وبالتالي عرض مادة علمية منزوعة الدسم، كما يقول علي الذي تخرج من الجامعة بتقدير جيد جداً. رغب علي وزملاؤه في البداية عمل مشروعهم بأنفسهم ولكنهم اصطدموا بواقعِ “عدم وجود الخبرة العملية الكافية نظرا لقلة الساعات المخصصة للجانب العملي” لديهم. ويردف قائلا: “أنا معلوماتي في علم الحاسوب صفر”، تكرر هذا التوصيف على لسان عشرات الطلبة بعد تخرجهم على اختلاف تخصصاتهم.
الخبير التكنولوجي م. محمد خواجة يلفت إلى القصور في الخطط الدراسية في التخصصات التقنية، إذ أن عمر غالبية المواد الدراسية انتهى، ويصعب تطبيقها عمليا في المشاريع وسوق العمل على حد وصفه. العديد من لغات البرمجة التي تدرس في الجامعات لغات ميتة (مثلCOBOL )، ولا تستخدم في الجوانب العلمية.
ويرجع عدم إدخال مواد برمجية جديدة للمساقات العلمية إلى “عدم معرفة هيئة التدريس بها”، معتبرا أن الخطط الدراسية لا تلبي حاجات الطلبة العملية. ويؤكد أن العديد من الأساتذة لا يواكبون العلوم الجديدة – لا سيما في حقل تكنولوجيا المعلومات- ويطالبون طلبتهم بتطبيقات عملية عليها، غالبيتها أفكار علمية قديمة انتهى عمرها.
ويطالب عميد كلية الهندسة في جامعة الشرق الأوسط الدكتور محمد الخرابشة بتطوير الخطط الدراسية كل فصل جامعي لتشتمل على مواد الكتابة التقنية وأساليب البحث العلمي وحتى تواكب الحداثة. لكنه يرى أن أعضاء في هيئة التدريس يقفون حجر عثرة في وجهة تطوير الخطط الدراسية، “فالعديد منهم لا يرغب في إدخال ما هو جديد لأنهم لا يريدون بذل المزيد من الجهد نتيجة تغيير هذه الخطط”. كذلك يشير إلى ضيق وقت أعضاء هيئة التدريس لبحث ما هو جديد.
الكثير من الطلبة خرج من الجامعة كما دخل
“ببساطة ما عندي القدرة الكافية لعمل مشروع صغير جدا حتى أعمل مشروع تخرج” هكذا تقول “جمانة” خريجة كلية الهندسة في إحدى الجامعات الأردنية، التي اشترت مشروع تخرجها بـ 300 دينار من أحد الخريجين الذين سبقوها وامتهنوا بيع المشاريع. وتعتقد أنَّ أعضاء هيئة التدريس “مهملون في تعليم الطلبة الجوانب العملية المهاراتية، والمختبرات العملية لا تُعطى حقها في التدريس والوقت المخصص لها”.
ويُجمعُ “علي” و”جمانة” على أنَّ غالبية المواد الدراسية لم يتم إستكمال تدريسها من قبل الأستاذ، فيما يُدرس الأستاذ أربعة أجزاء من عشرة “والباقي مش مطلوب” على حد وصفهم.
ويرى عميد كلية الهندسة في جامعة الشرق الأوسط الدكتور محمد الخرابشة أن التعليم الجامعي يعاني من صعوبات كثيرة “فهناك من لا يستطيع حتى كتابة تقرير تقني أكاديمي” بعد خمس سنوات من الدراسة، فالكثير من الطلبة خرج من الجامعة كما دخل من الناحية العلمية.
استطلاع رأي أجرته شبكة أريج كشف أسباب شراء الطلبة لمشاريعهم، فمنهم من اشتراه لعدم قدرته العلمية أو لتوفير الجهد وتوخياً للراحة أو لقناعته بأن النتيجة واحدة.
لا يوجد أي من الحقول العلمية التي تناولها التحقيق له حصانة ضد هذه الظاهرة، ولكنها أكثر انتشاراً في حقلي علم الحاسوب والهندسة، ورصد التحقيق ستة مكاتب من ثمانية أمام بوابة الرئيسية للجامعة الأردنية فقط تبيع مشاريع التخرج في حقل علم الحاسوب والهندسة بينما في حقل الزراعة هناك مكتب واحد، إضافة إلى كثافة الإعلانات التي تروج لمشاريع علم الحاسوب والهندسة، كما أن عدد الخريجين يبلغ 3452 في حقل علم الحاسوب و4711 في حقل الهندسة.
وهم الرقابة الجامعية على مشاريع التخرج
“ما عرفت مشروعي… ولا شو بدي احكي إلا قبل المناقشة بنصف ساعة فقط..”، هذا ما حصل مع “خالد” خريج هندسة البرمجيات في إحدى الجامعات الأردنية الذي حصل على علامة “ب+” في مشروع تخرجه رغم شرائه، مع تأكيده أنه لم يزر مشرف مشروعه إطلاقاً إلا يوم المناقشة، وهو ما حصل مع “محمود” خريج علم الحاسوب من جامعة فيلادلفيا الخاصة الذي اشترى مشروع تخرجه أيضا.
عميد كلية الهندسة في جامعة الزيتونة د.حمدان، يُحمِّلُ أعضاء هيئة التدريس ومشرفي المشاريع مسؤولية الرقابة شبه المعدومة على مشاريع التخرج، رائياً أنَّ السبب الرئيس لضعف الرقابة “عدم مبالاة أعضاء هيئة التدريس في المشاريع.. هناك عدد من الطلبة أكدوا لي شراءهم لمشاريع تخرجهم…والمشرف لا يسأل عنهم”.
تشير نتائج الاستطلاع إلى أن 66.5 % من الطلبة يؤكدون أن كثرة أعداد الطلبة تحول دون رقابة جيدة على المشاريع.
ويبرز ضعف الرقابة الجامعية أيضا من خلال جملة من المظاهر التي تلازم مشاريع التخرج ابتداءً من سطحية المناقشات، وسوء التقييم مروراً بالرشوة وتفشي الواسطة والمحسوبية وانتهاءً بالمناكفات التي تسقط الطلبة في ظل غياب واضح لدور وزارة التعليم العالي والبحث العلمي.
شراء مشاريع التخرج تحت رعاية المشرف
وأظهر استطلاع الرأي الخاص بهذا التحقيق أنَّ نسبة 46 % من الطلبة يرون أن مشرفهم يعلم بشرائهم لمشاريع تخرجهم، وأن 49 % يرون أن مشرفهم يعلم بعدم إعدادهم لمشاريعهم بأنفسهم.
ويتوقع المدرس في جامعة البلقاء التطبيقية محمد أسمران أن نسبة المشرفين الذين يعلمون بشراء طلبتهم لمشاريعهم ويتواطأون معهم لا تزيد على 20 %.
ويشير أحمد السوالقة خريج جامعة البلقاء التطبيقية إلى أنَّ أحد مشرفي المشاريع في كليته أرشده وزملاءه إلى مكاتب بيع مشاريع التخرج لعمل مشاريعهم فيها.
ويرى 53.5 % من الطلبة وفق استطلاع الرأي أن المشرف لا يستخدم صلاحياته، في حين يرى 58 % من الطلبة أن المشرف ولجنة المناقشة لا تطبق القوانين والأنظمة والتعليمات على مشاريع التخرج.
مكاتب لبيع مشاريع التخرج دون حسيب ولا رقيب
“أحمد” يملك شركة تبيع مشاريع التخرج لطلبة البكالوريوس والماجستير في تخصصات تكنولوجيا المعلومات المختلفة، في أحد أشهر شوارع عمان التجارية، وتمارس الشركة عملها في العلن بدون تسترٍ أو خوف. ويقول “دخلت المكتب بصفتي طالبا يريد شراء مشروع تخرجه، وخرجت منه بعد الاتفاق على متطلبات المشروع ومدة تسليمه وثمنه، ويوثق ذلك العقد المبرم بيننا”.
شركة “أحمد”، مرخصة من وزارة الصناعة والتجارة، وحين التأكد من رقم التسجيل تبين أنها مرخصة لغايات الاستثمارات والمحاسبة والضريبة.
بيد أنَّ “أحمد” اكد أنَّ عمله قانوني وأخلاقي، وأنَّه يُساعِدُ الطلبة في تجاوز مرحلة الدراسة الجامعية بدون مصاعب وإخفاقات، بعد أنْ كشَف كاتب التحقيق عن هويته الصحفية ومواجهته لأحمد عن طبيعة عمله.
المراكز التعليمية دكاكين لبيع المشاريع
“دورة مشروع” هكذا سماها أصحاب المراكز الثقافية والتعليمية المرخص حسب أنظمة وتعليمات وزارة التربية والتعليم وتعارف عليها الطلبة أيضا، فالهدف “بيع المشروع والدورة حبر على ورق وهي الغطاء القانوني أمام أجهزة الرقابة”، كما تقول رنا، وهي مدير مركز ثقافي قرب الجامعة الأردنية.
أظهرت نتائج مسح عشوائي سريع قام به كاتب التحقيق أنَّ 12 مركزا ثقافيا في لواء الجامعة الأردنية، 10 منها تبيع مشاريع تخرج علمية.
وزارة التربية والتعليم المعنية بمراقبة المراكز ومتابعتها لم تتلق أي شكوى على المراكز الثقافية، التي يبلغ عددها 506 مراكز في مختلف مناطق المملكة بخصوص بيعها لمشاريع التخرج، ولم يضبط أي مركز يقوم بهذا العمل، على حد قول مدير مديرية المؤسسات التعليمية الخاصة في وزارة التربية عمر الخصاونة.
ولم تزر فرق الرقابة خلال العامين السابقين المركز الذي تعمل به رنا إلا مرة واحد فقط.
مكاتب الخدمات الجامعية تجاوزات واضحة
من خلال إجراء اتصالات هاتفية مع ستة من مكاتب الخدمات الجامعية المرخصة وفق أنظمة وزارة التعليم العالي والبحث العلمي لغايات تأمين القبولات الجامعية في الداخل والخارج، أفاد مكتبان أنهما على استعداد لعمل مشروع تخرج في حقل تكنولوجيا المعلومات مقابل اجر مالي.
وزارة التعليم العالي والبحث العلمي وعلى لسان مساعد الأمين العام للشؤون الفنية المهندس منذر البطاينة أكدت أنها لم تتلقَ خلال السنوات الماضية أي شكوى بخصوص بيع مشاريع التخرج على مكاتب الخدمات الطلابية المرخصة لغاية تأمين قبول الطلبة في الجامعات داخل الأردن وخارجه، والتي يبلغ عددها 29 مكتبا، ولم يضبط أي مكتب يقوم بهذا العمل.
وزير التعليم العالي والبحث العلمي السابق الدكتور وجيه عويس صرح لوكالة عمون خلال توليه المسؤولية أن الوزارة منحت تصريحاً لمكاتب بهدف مساعدة الطلبة في تأمين قبولهم بالجامعات، إلا أن الوزارة لم تردها معلومات عن تجاوز المكاتب لهذا الأمر او إذا يقوم بعض منها ببيع المشاريع والأبحاث ورسائل الماجستير والدكتوراه.
الانترنت مزاد علني لبيع المشاريع
أحمد صالح معلم مدرسة، (25 عاما) كوَّنَ وزملاؤه بعد تخرجهم من الجامعة فريقا لعمل مشاريع التخرج وبيعها في حقل علم الحاسوب، فريق صالح المكون من عشرة شركاء غير مرخص وليس له مقر، عملهم يكون من خلال الشبكة العنكبوتية ومواقع التواصل الاجتماعي وتسليم المشروع وشرحه يكون في احد مقاهي عمان أو مجتمع المعرفة مقابل الجامعة الأردنية ويبيع الفريق قرابة عشر مشاريع في الفصل الواحد، لم يشعر صالح وزملاؤه بالرقابة الحكومية عليهم منذ عملهم قبل عام.
“الرقابة على بيع المشاريع ستفاقم المشكلة لأن الطالب غير مؤهل”، هكذا يرى عز الدين صاحب مكتب دراسات وأبحاث قرب الجامعة الأردنية، ويضيف الحل ليس منع المكاتب من بيع مشاريع التخرج؛ الحل هو التدريس الجيد.
ويرى نائب رئيس جامعة الإسراء د. الجعافرة أن هذه المراكز والمكاتب لا يمكن مراقبتها نظرا لكثرتها، خصوصا “أنك تتعامل في الغالب مع رقم هاتف وتتفاوض ويجري التسليم دون أن تعرف من قام بعمل المشروع، ” وللأسف اغلبهم من قطاع الجامعات” على حد قوله.
التشريعات الناظمة للعملية التعليمية والأكاديمية تعاني من النقص
من خلال مراجعة تعليمات منح درجة البكالوريوس المتشابهة بشكل كبير جدا في كل الجامعات الحكومية والخاصة، لم يوجد نص قانوني واحد يجرم شراء أو سرقة مشاريع التخرج في الجامعات الأردنية.
يتفق رئيس جامعة الإسراء د. يوسف الجعافرة وعميد كلية الهندسة في جامعة الشرق الأوسط د.محمد الخرابشة على أن تعليمات منح درجة البكالوريوس قديمة وبحاجة إلى تطوير وتغيير لتكون أكثر رقابة على العملية الأكاديمية.
كما لا يوجد نص قانوني في أنظمة تأديب الطلبة في الجامعات الصادرة بمقتضى قانون الجامعات الأردنية يجرم سرقة أو شراء مشاريع التخرج.
ويطبق على الطالب الذي يضبط بشراء أو سرقة مشروع تخرجه في مرحلة البكالوريوس المواد القانونية التي تعالج حالات الغش أثناء تأدية الامتحان وفق نظام تأديب الطلبة، على حد قول عميد كلية الهندسة في جامعة الزيتونة د. محمد حمدان.
حتى المواد الخاصة بالغش لم تطبق بكل بنودها على الطلبة الذين ضبطوا بسرقة أو شراء مشاريع تخرجهم، ففي جامعة الإسراء كان عقوبة المشاريع الثلاثة التي ضبطت خلال الثلاث سنوات السابقة – غير مكتمل- تأخير مناقشة وتقديم مشاريعهم للفصل القادم على حد قول د. الجعافرة.
ويرى 58 % من الطلبة حسب استطلاع الرأي عدم وجود مخاطر في شراء مشاريع التخرج جراء عدم الجدية في تطبيق أي عقاب رادع.
وينتقد د. يوسف الجعافرة، د. حمدان ود. الخرابشة عدم وجود نص قانوني صريح في التشريعات الأكاديمية، يجرم الطلبة الذين يبتاعون مشاريع التخرج والأساتذة الذين يتعاملون في هذا المجال.
ويحمل د.الجعافرة وزارة التعليم العالي والبحث العلمي القصور في الجوانب التشريعية الناظمة للعملية الأكاديمية، منتقدا أيضا عدم استقرار التشريعات الأكاديمية والتعليمية
نظام المراكز الثقافية لا يجرم بيعها للمشاريع
يفتقد نظام المراكز الثقافية رقم 110/ لسنة 2008 وتعليماته الصادر وفق قانون وزارة التربية والتعليم رقم 3/ لسنة 1994 لأي نص قانوني يجرم أو يمنع إعداد المشاريع وبيعها.
وينفي مدير مديرية المؤسسات التعليمية الخاصة في وزارة التربية والتعليم عمر الخصاونة أن يكون هناك نقص تشريعي في نظام المراكز الثقافية والتعليمية، قائلا “ان كل ما لم يرد في النظام والتعليمات بأنه مسموح فهو ممنوع”!!
وينفي مساعد الأمين العام للشؤون الفنية في وزارة التعليم العالي والبحث العلمي المهندس منذر البطاينة وجود نقص تشريعي أو قانوني في التشريعية الناظمة للعملية الأكاديمية والجامعية في الأردن.
• أنجز هذا التحقيق بدعم من شبكة أريج وإشراف الزميل سعد حتر وإعداد الوحدة الإستقصائية في راديو البلد.