جمال عبدالناصر مع اسرتهفي كتابها المهم الذي نشرته دار الشروق: ذكريات معه تكتب تحية عبد الناصر عن جمال عبد الناصر ببساطة آسرة تأخذك من أقوي أساليب البلاغة العربية.
تحية عبد الناصر حاولت أن تكتب مذكراتها مرتين. الأولي في حياته والثانية بعد رحيله.
ولكن كيف تقوى علي الكتابة عن عبد الناصر؟ مزقت ما كتبته إلي أن حاولت للمرة الثالثة وكان ذلك في الذكري الثالثة للرحيل. وهكذا كان هذا الكتاب الذي نشر مؤخرا. اليوم24 سبتمبر سنة1973 قالت تحية عبد الناصر أو كتبت بعد أربعة أيام ستكون الذكري الثالثة لرحيل القائد الخالد جمال عبد الناصر زوجي الحبيب. لم تمر علي دقائق إلا وأنا حزينة. وهو أمام عيني في كل لحظة عشتها معه. صوته, صورته المشرقة, إنسانيته, كفاحه, جهاده, كلامه, أقواله, خطبه. مع الذكريات أبكيه بالدموع أو أختنق بالبكاء وحتي إذا ضحكت فشعوري بأني مختنقة بالبكاء مستمر. لقد عشت مع جمال عبد الناصر ثماني سنوات قبل الثورة وثمانية عشر عاما بعد قيامها في23 يوليو.1952 تزوجنا في29 يونيو سنة.1944 أي عشت معه ستة وعشرين عاما وثلاثة أشهر. فبالنسبة لي الآن أعيش مرحلة ما بعد الرحيل. عشت معه مرحلتين قبل الثورة وبعدها. والمرحلة الثالثة هي التي أعيشها بعد رحيله ولم يرها. آه ما أصعبها. يا لها من مرحلة قاسية من كل الوجوه. فراقه وافتقادي له. لم أفتقد أي شئ إلا هو. ولم تهزني الثمانية عشر عاما إلا أنه زوجي الحبيب. أي لا رئاسة جمهورية ولا حرم رئيس الجمهورية. لقد عشت هذه السنين الطويلة قبل رحيل الرئيس( لقد اعتدت أن أقول رئيس لأني أشعر بأني لا أستطيع أن أقول غير الرئيس وسأظل أقولها). هكذا بدأت تحية عبد الناصر ذكرياتها مع جمال عبد الناصر. وهو الكتاب الذي صدر العام الماضي. وكنت أتصور أن يستقبل أفضل من الطريقة التي استقبل بها. وأن يرحب به وأن يعتبر حدثا ثقافيا وإنسانيا وسياسيا وكتابيا. لكنه صدر في سنة الزلزال العظيم والهول الأكبر. فلم يتوقف المصريون أمامه بالقدر الذي يستحقه.
فصل الختام يصف اللحظات الأخيرة في حياة عبد الناصر. وعلي من يريد قراءته أن يفتح الكتاب ليطالع كيف أنهت هذه الإنسانة التي ارتضت لنفسها أن تعيش في الظل وأن تقف خلف رجل عمرها قانعة راضية.
هكذا تنهي كتابها البديع:
- والآن أعيش المرحلة الثالثة من حياتي حزينة أبكيه. وقد زاد حزني حسرة وسأظل أبكيه حتي أرقد بجانبه في جامع جمال عبد الناصر بمنشية البكري وقد جهز لي المكان كما طلبت.
ثم تكتب:
- إنه جمال عبد الناصر الذي عاش عظيما وهو في رحاب الله عظيم. تاريخه وحده هو شاهده. تحية عبد الناصر الأخري هي تحية الحفيدة. أستاذة مساعدة في قسم الأدب الإنجليزي والمقارن بالجامعة الأمريكية بالقاهرة. نشرت ترجمات لبدر شاكر السياب ومحمود درويش وسلوي بكر. لها مقالات منشورة في الأدب المقارن والعربي والأفريقي وأدب ما بعد الكولونيالية. نشر لها العدد قبل الأخير من مجلة ألف. مجلة البلاغة المقارنة. وهو العدد الحادي والثلاثون الصادر في العام الماضي والمجلة تصدر عن قسم الأدب الإنجليزي والمقارن بالجامعة الأمريكية بالقاهرة. ويوزعها قسم النشر بالجامعة. في العدد دراسة جميلة عنوانها: الأرشيف العربي في الواقعية السحرية. عن تأثر أدباء أمريكا اللاتينية الكبار بالتراث العربي. بالتحديد ألف ليلة وليلة. وكيف أخذوا من عندنا هذا الإختراع في الكتابة الذي عندما ردوه إلينا بعد حصول ماركيز علي نوبل. لم يقف أحد منا ليقول: هذه بضاعتنا ردت إلينا. بل تعاملنا مع الواقعية السحرية باعتبارها اختراعا أدبيا جاء إلينا من هناك.
تحية عبد الناصر الحفيدة لا تكتفي بالتوقف ليس أمام فريد الدين العطار وشهرزاد. ولكنها تذهب لآيات القرآن الكريم التي تنبه لها بورخيس وقرأها واستوعبها وأوحت له بقصصه التي قرأناها واستمتعنا بها وتبادلناها كهدايا من أجل تعميم فائدتها. فبورخيس في قصته: المعجزة الخفية يفتتحها بآية من سورة البقرة. وأيضا في قصته: ابن حقان البخاري المقتول داخل متاهته يفتتحها بآية من سورة العنكبوت. ثم تورد شهادة جارثيا ماركيز:
- اليوم وأنا أراجع حياتي أتذكر أن مفهوم القصة عندي كان أوليا رغم كثرة ما قرأته منها منذ دهشتي الأولي أمام ألف ليلة وليلة. إلي أن تجاسرت علي التفكير بأن العجائب التي ترويها شهرزاد كانت تحدث حقيقة في الحياة اليومية في زمانها. وأنها ما عادت تحدث لعدم مصداقيتها والجبن الواقعي عند الأجيال اللاحقة. لقد قرأت ألف ليلة وليلة في طبعة للكبار لم تحذف منها بعض الأحداث الفاحشة. فاجأني أنه كتاب مهم. فقد كنت أفكر دائما أن الكبار الجادين لا يمكن أن يصدقوا أن يخرج جن من القناني أو أن الأبواب تفتح بفعل الكلمات السحرية. الخامس عشر من يناير عيد ميلاد جمال عبد الناصر. حاولت الاحتفال بالمناسبة من خلال الاحتفاء ببعض ما كتبته رفيقة عمره وحفيدته
ولكن كيف تقوى علي الكتابة عن عبد الناصر؟ مزقت ما كتبته إلي أن حاولت للمرة الثالثة وكان ذلك في الذكري الثالثة للرحيل. وهكذا كان هذا الكتاب الذي نشر مؤخرا. اليوم24 سبتمبر سنة1973 قالت تحية عبد الناصر أو كتبت بعد أربعة أيام ستكون الذكري الثالثة لرحيل القائد الخالد جمال عبد الناصر زوجي الحبيب. لم تمر علي دقائق إلا وأنا حزينة. وهو أمام عيني في كل لحظة عشتها معه. صوته, صورته المشرقة, إنسانيته, كفاحه, جهاده, كلامه, أقواله, خطبه. مع الذكريات أبكيه بالدموع أو أختنق بالبكاء وحتي إذا ضحكت فشعوري بأني مختنقة بالبكاء مستمر. لقد عشت مع جمال عبد الناصر ثماني سنوات قبل الثورة وثمانية عشر عاما بعد قيامها في23 يوليو.1952 تزوجنا في29 يونيو سنة.1944 أي عشت معه ستة وعشرين عاما وثلاثة أشهر. فبالنسبة لي الآن أعيش مرحلة ما بعد الرحيل. عشت معه مرحلتين قبل الثورة وبعدها. والمرحلة الثالثة هي التي أعيشها بعد رحيله ولم يرها. آه ما أصعبها. يا لها من مرحلة قاسية من كل الوجوه. فراقه وافتقادي له. لم أفتقد أي شئ إلا هو. ولم تهزني الثمانية عشر عاما إلا أنه زوجي الحبيب. أي لا رئاسة جمهورية ولا حرم رئيس الجمهورية. لقد عشت هذه السنين الطويلة قبل رحيل الرئيس( لقد اعتدت أن أقول رئيس لأني أشعر بأني لا أستطيع أن أقول غير الرئيس وسأظل أقولها). هكذا بدأت تحية عبد الناصر ذكرياتها مع جمال عبد الناصر. وهو الكتاب الذي صدر العام الماضي. وكنت أتصور أن يستقبل أفضل من الطريقة التي استقبل بها. وأن يرحب به وأن يعتبر حدثا ثقافيا وإنسانيا وسياسيا وكتابيا. لكنه صدر في سنة الزلزال العظيم والهول الأكبر. فلم يتوقف المصريون أمامه بالقدر الذي يستحقه.
فصل الختام يصف اللحظات الأخيرة في حياة عبد الناصر. وعلي من يريد قراءته أن يفتح الكتاب ليطالع كيف أنهت هذه الإنسانة التي ارتضت لنفسها أن تعيش في الظل وأن تقف خلف رجل عمرها قانعة راضية.
هكذا تنهي كتابها البديع:
- والآن أعيش المرحلة الثالثة من حياتي حزينة أبكيه. وقد زاد حزني حسرة وسأظل أبكيه حتي أرقد بجانبه في جامع جمال عبد الناصر بمنشية البكري وقد جهز لي المكان كما طلبت.
ثم تكتب:
- إنه جمال عبد الناصر الذي عاش عظيما وهو في رحاب الله عظيم. تاريخه وحده هو شاهده. تحية عبد الناصر الأخري هي تحية الحفيدة. أستاذة مساعدة في قسم الأدب الإنجليزي والمقارن بالجامعة الأمريكية بالقاهرة. نشرت ترجمات لبدر شاكر السياب ومحمود درويش وسلوي بكر. لها مقالات منشورة في الأدب المقارن والعربي والأفريقي وأدب ما بعد الكولونيالية. نشر لها العدد قبل الأخير من مجلة ألف. مجلة البلاغة المقارنة. وهو العدد الحادي والثلاثون الصادر في العام الماضي والمجلة تصدر عن قسم الأدب الإنجليزي والمقارن بالجامعة الأمريكية بالقاهرة. ويوزعها قسم النشر بالجامعة. في العدد دراسة جميلة عنوانها: الأرشيف العربي في الواقعية السحرية. عن تأثر أدباء أمريكا اللاتينية الكبار بالتراث العربي. بالتحديد ألف ليلة وليلة. وكيف أخذوا من عندنا هذا الإختراع في الكتابة الذي عندما ردوه إلينا بعد حصول ماركيز علي نوبل. لم يقف أحد منا ليقول: هذه بضاعتنا ردت إلينا. بل تعاملنا مع الواقعية السحرية باعتبارها اختراعا أدبيا جاء إلينا من هناك.
تحية عبد الناصر الحفيدة لا تكتفي بالتوقف ليس أمام فريد الدين العطار وشهرزاد. ولكنها تذهب لآيات القرآن الكريم التي تنبه لها بورخيس وقرأها واستوعبها وأوحت له بقصصه التي قرأناها واستمتعنا بها وتبادلناها كهدايا من أجل تعميم فائدتها. فبورخيس في قصته: المعجزة الخفية يفتتحها بآية من سورة البقرة. وأيضا في قصته: ابن حقان البخاري المقتول داخل متاهته يفتتحها بآية من سورة العنكبوت. ثم تورد شهادة جارثيا ماركيز:
- اليوم وأنا أراجع حياتي أتذكر أن مفهوم القصة عندي كان أوليا رغم كثرة ما قرأته منها منذ دهشتي الأولي أمام ألف ليلة وليلة. إلي أن تجاسرت علي التفكير بأن العجائب التي ترويها شهرزاد كانت تحدث حقيقة في الحياة اليومية في زمانها. وأنها ما عادت تحدث لعدم مصداقيتها والجبن الواقعي عند الأجيال اللاحقة. لقد قرأت ألف ليلة وليلة في طبعة للكبار لم تحذف منها بعض الأحداث الفاحشة. فاجأني أنه كتاب مهم. فقد كنت أفكر دائما أن الكبار الجادين لا يمكن أن يصدقوا أن يخرج جن من القناني أو أن الأبواب تفتح بفعل الكلمات السحرية. الخامس عشر من يناير عيد ميلاد جمال عبد الناصر. حاولت الاحتفال بالمناسبة من خلال الاحتفاء ببعض ما كتبته رفيقة عمره وحفيدته
يوسف القعيد – الاهرام.