طلب النائب المحترم خليل حسين عطيه في رسالة وجهها الى جلالة الملك عبدالله الثاني مقترحا اجراء تعديل دستوري من اجل ان يقول الشعب كلمته في ثلاثة ملفات رئيسية (حكومة الاغلبية وحل مجلس البرلمان ومجلس اعيان منتخب والنظام الانتخابي).
وهنا لا اريد ان اختلف مع الصديق خليل عطية, الا ان الحديث عن اللجوء الى الاستفتاء الشعبي يحتاج الى نقاش كبير لان الاستفتاء بحد ذاته عمل سياسي يمس بنظام الحكم واسلوب ادارة الدولة المستقر منذ اكثر من تسعين عاما.
فالحديث عن اجتراح نظام الاستفتاء الشعبي ليكون بديلا فرعيا عن النظام النيابي المتداول منذ 1928 الذي يتم بموجبه انتخاب مجلس النواب من القواعد الشعبية ليكون ممثلا ونائبا عن الشعب في الرقابة على عمل السلطة التنفيذية ومشرعا للقوانين, فيه انقلاب كبير على اسلوب ادارة الدولة ونظلم الحكم النيابي, ويجعل من النواب المنتخبين “كومبرس”, فما معنى الانتخابات النيابية اذا كانت القضايا الكبيرة سيحسمها “الاستفتاء”?
فاذا اهتزت صورة مجلس النواب لدى الرأي العام الاردني خلال السنوات الماضية, فليس مبررا ان نأتي بنظام “انتخابي” جديد يتجاوز ممثلين الشعب, فاذا كانت المشكلة في نقصان شرعية التمثيل الشعبي في هذا المجلس او ذاك, فان الحل لا يكون باللجوء الى الاستفتاء العام, بقدر ما يكون في تأكيد حق الاردنيين في انتخاب مجلسهم النيابي بكل شفافية ونزاهة, لان تزوير ارادة الناخبين هي اكبر عملية فساد يمكن ارتكابها بحق الشعب.
فالمشكلة ليست في الدستور او في القوانين, بل في كيفية التطبيق وإدارة الشؤون العامة, واذا ما تم تشريع “الاستفتاء الشعبي” فان يد الحكومات ستطلق في تجاوز دور مجلس النواب وتجاوز القوانين من اجل فرض رؤية الحكومات على المجالس المنتخبة.
واذا اردنا الحل الحقيقي فان الاستفتاء لن يعطينا حلا, بل يتمثل الحل في تقوية دور مجلس النواب وجعله ندا حقيقيا للحكومات, وهذا لا يتأتي الا عبر انتخابات حرة ونزيهة تقوي دور الاعضاء المنتخبين وتجعلهم ممثلين حقيقيين لناخبيهم.
واذا رجعنا الى مصطلح “الاستفتاء الشعبي” سنجد انه احد ادوات الثورات الشعبية التي عادة ما تلجأ الى تغيير اسلوب الحكم لتعزيز قبضتها, وفي ظل ثورات الربيع العربي يخطىء من يعتقد ان “الاستفتاء” سيوقف الجدل على قضية او اكثر, بل ان “الاستفتاء” بحد ذاته سيصبح نقطة خلافية جديدة.