من جملة ما يجري فيه الحديث جراء ما أثاره الربيع العربي الممتد منذ اكثر من عام ، هو دور النساء القريبات من قمة السلطة في التاثير السلبي على سياسات عامة، كان أجدر أن تبقى بعيدا عنهن، انه دور قد يكون مبالغا فيه ، وقد يكون حقيقيا، الا ان الشعور الشعبي والضمير العام، وما لصق في ذهن الراي العام ، قد اكد تلك الادوار السلبية ، وبدأ ينسج حولها حكايات عديدة، قد يكون بعض منها نابع من خيال العامة، وأخرى من مشاهدة علنية.
،وهناك ثلاث نساء يتم الحديث عن دورهن العلني، السيدة مبارك والسيدة بن على والسيدة الاسد، والاخير يتحدث الرواة عن قوة ونفوذ الوالدة وايضا الشقيقة، الا ان ذلك ليس كل نساء العربـ، بل البعض من النساء في تاريخنا المعاصر، حيث تنامى دور ( السيدة الاولى ) في الفضاء العربي ، اكانت زوجة، والدة ، او شقيقة او ابنة ، لتلعب دورا علنيا في الفضاء السياسي العربي الذي لم يتعود تاريخيا على دور ل (السيدة الاولى )!
السيدة مبارك يجري الحديث حول اصرارها على توريث الابن جمال مبارك للحكم في مصر، وهو اصرار جلب معه العديد من الكوارث ،كما انها لعبت ادوارا شبه رسمية دون ان تكون (رسمية) بالمعنى الفني للكلمة، فهي تقوم بافتتاح المشاريع وتنشأ باسمها مشاريع اخرى ويتكون من حولها ( حزب الهتيفة وقناصي الفرص)، بل ذهبت الاشاعات في السنوات الاخيرة ان يكون للسيدة مبارك (ووزراؤها) الذين ترضى عنهم ولا يتغيرون في كل المواسم، حتى لو اقيمت ضدهم البينة في انتهاك اعظم الكبائر في عملهم الرسمي. الاكثر فداحة هو اصرار السيدة على التوريث، ومما تسرب حتى الان من معلومات، فان هذه الرغبة اعمت النظام بالكامل عن النظر الى المشكلات التي يواجهها او قد يواجهها في سبيل تسهيل الارضية للتوريث وما تتركه من سلبيات في العمل العام.
السيدة بن على اخذت خطا اخر، وهو العمل في البزنس هي والمقربون منها، وما فضيحة المدرسة الدولية التي اشتركت هي وسيدة اولى اخرى ( سهي عرفات ) فيها الا غيض من فيض، تحدثت عنه الاخيرة في لقاء مطول في الصحف مؤخرا. خلط ادارة الدولة بجمع المال اخطر ما واجه ويواجه الادارة السياسية العربية، ولقد انتشر هذا الوباء تحت مظلات سياسية كثيرة ، اساء الى العمل العام وراكم سلبيات عديدة ولا زال يفعل في اكثر من مكان في الخارطة العربية. المال يغري بالمال وكثرته تغري بالشراهة وعندما يقع المسؤول الكبير تحت وصاية سيدة شرهة مثل السيدة بن علي، تختلط عليه الامور ولا يفرق بعدها بين من يضايق السيدة في أعمالها الكثيرة ، وبين من يهدد أمن الدولة ! ولا تفتقر السيدة الاولى تلك من الحصول على اعوان كثر مستعدين لتنفيذ المهمات في خلط مصالح الدولة بمصالح افراد عائلتها الذين يزدادون شراهة، وقد قالت المضيفة التي واكبت عائلة بن علي في رحلتها الاخيرة الى المنفى انها تساءلت بعد اقلاع الطائرة، عما اذا كانت المضيفة قد جلبت معها ( الشيكولاة ) التي تصطحبها عادة في سفراتها ، في تماثل مبك ومضحك، لما كان ينقل عن ماري انطوانيت ، التي قالت لرعاع باريس ان لم تجدوا خبزا عليكم بتناول الكعك !
ما ينقل عن شقيقة الرئيس السوري ويقال ايضا عن والدته – وربما هو في طور الاشاعة – يشابه كل التدخلات في الشأن العام من شخصيات ( غير رسمية ولا منتخبة او معينة في منصب) له تبعات قانونية ،فعلاقة زوج الاخت بالنظام في سوريا اصبحت معروفة على نطاق واسع، فهو الرجل المتشدد الذي يملك مفاتيح عديدة لنظام القمع التسلطي ويضرب بها بقوة ودون رحمة فقراء سوريا، كما ان الشقيقة لها نفوذ في تعيين المستشارين والوزراء، كما يشاع ان السيدة بثينة شعبان، الوزيرة السابقة والمستشارة الحالية، هي من نصيب تعيينات الشقيقة،كونها مدرسة سابقة لها في الجامعة !.
ومن اغرب احداث اليمن الاخيرة رسالة كتبها يمني الى زوجة الرئيس على صالح يقول فيها ( بما ان الرئيس علي صالح قد اعلن انه ابونا – اي ابو الشعب – فلابد ان زوجته هي – امنا – وبهذا الوضع اكتب لك كما قال ( بما ان المشايخ قد منعونا من زيارة ابونا، فلا بد والامر ذلك ان نزور امنا من اجل ان نشتكي اخونا ) واخونا هذا اشارة الى ابناء الرئيس، والرسالة على ظرفها تبين تفتق ذهن اليمني العادي في الاشارة الى رفضه بان تستولي العائلة الصغيرة على كل مقدرات ( العائلة الكبيرة )، اي الشعب كما قال.
،واذا كان بعض الرؤساء العرب معروف عدد زوجاتهم على سبيل التخمين، فان السر غير المعروف على وجه اليقين هو عدد زوجات الرئيس علي صالح، ولكن ما هو معروف على نطاق واسع عدد الاقرباء المباشرين الملتحقين بشحم الدولة اليمنية الهزيل ، وهو احد اسباب هذه الثورة الربيعية اليمنية .
حتى الثورة الفلسطينية كان لها زوجة رئيس كثر اللغط حول دورها واسرتها في تشكيل استقطاب حاد ومضاد للرئيس المرحوم ياسر عرفات بين مناصريه واعدائه على السواء، ولا زال هذا اللغط يغري وسائل الاعلام العربية والدولية للخوض فيه. اما السيدة الاولى العراقية هيرو ابراهيم احمد زوجة الرئيس العراقي جلال طالباني فهي سيدة تنشط في المجال العام وتوقع من المحتجين في شؤون عراقية وعربية كثيرة في اي ورقة احتجاح تمر عليها.
وربما يقارن الجيل العربية المخضرم دور السيدات الأول في الحاضر، بالدور المتواضع الذي كان لسيدات مثل تحية كاظم، التي بالكاد يعرفها احد من الجيل الحالي، الا اذا كان اسمها مقرونا باسم زوجها جمال عبد الناصر، الا انها اغريت بكتابة ونشر مذكراتها التي تدولت اخيرا.
بالطبع مثل هذا الموضوع لا يكن ان يتجاهل سيدة حديدية كانت في تونس ايضا هي وسيلة بن عمار، السيدة التي تحكمت في قصر قرطاج و حكومات عديدة ابان فترة الزعيم الحبيب بورقيبة، فقد كانت في وقت ما الحاكمة المطلقة. حقيقة الامر ان النساء التونسيات لهن السبق فهناك سيدة اخرى هي السيدة زوجة المرحوم محمد المزال الذي كان رئيس وزراء، فعين زوجته وزيرة للتربية !
،لقد لعبت ايضا السيدة جيهان السادات دورا سياسيا جلب عليها المتاعب بعد مقتل الرئيس السادات وربما هيأت الجو للقادمة الجديدة، السيدة مبارك، ان تُتم ذلك الدور العلني لزوجة الرئيس، لعل القارئ ايضا يتذكر دور السيدة عايشة القذافي الملتبس في الشأن الليبي ويضيفها الى القائمة الطويلة من نساء العرب الاتي حلا لهن النفوذ والسلطة. فجاء تدخلهن بالويل والثبور لانظمة اقربائهن !!