كتب جهاد الرنتيسي/ ، تجافي تجاذبات جدل الحراك الوطني الاردني مجرياته ، مع الاقتراب من مفهوم المحاصصة ، الذي يتسع حضوره يوما بعد يوم ، في بعض الخطاب السياسي المتداول . السجالات التي ظهرت مع بدء الاحتجاجات ، في عمان والمحافظات ، قبل قرابة العام ، مهدت لهذا المفهوم ، الا انها لم تكن سببا ، في نبش ازمات المنطقة ، بحثا عن مصطلح ، يناسب التمييز المتعمد ، بين ادوار الاردنيين ، من مختلف الاصول والمنابت ، في المطالبة بالاصلاح ومحاربة الفساد . النبش الذي انتهى الى التقاط مصطلح ” المحاصصة ” وهو من اكثر المصطلحات استخداما ، في الازمة السياسية العراقية ، كان نتيجة لاخر تجليات استعصاء تسوية القضية الفلسطينية، وتجديد هذا الاستعصاء ، لمخاوف التوطين والوطن البديل ، التي تطفو على السطح ، سواء ظهرت بوادر انكفاء او تقدم في عملية السلام , فهناك ما يشبه القناعة الاردنية ، بان الاردن سيدفع ثمن المرحلة المقبلة, من تفكيك القضية الفلسطينية . المقصود بـ ” محاصصة ” الحراك اذن ، الاردنيين من اصول فلسطينية ، المتهمين بالانكفاء عن الفعاليات الاحتجاجية ، التي يشارك فيها اردنيون ، من اصول ومنابت اخرى . لكن المصطلح الذي جاء بعد عام من الجدل البيزنطي ، والحوارات السفسطائية ، يسقط في اول محاولة لاستخدامه اداة توصيف ، رغم استسهال اطلاق الاوصاف، في المراحل الغائمة ، ومن بينها مرحلة التسونامي العربي،،. غياب الاردني من اصول فلسطينية عن الحراك ، تهمة يتم استحضارها ، لاثبات وجهة نظر ما ، اكثر مما هي حقيقة يتم البناء عليها ، فهو موجود في قوى المعارضة ، باطيافها الاسلامية والقومية واليسارية . في كثير من الاحيان ، تتهم الحركة الاسلامية ، التي تلعب الدور الابرز في المعارضة ، بانها الواجهة السياسية لهذا المكون ، من مكونات الشعب الاردني ، وهي تهمة باطلة بالتأكيد ، ودون اي جدال ، لان الاردنيين من اصول فلسطينية ، شانهم شأن بقية المكونات ، يتوزعون على مختلف التيارات والاطياف السياسية. المحاولات التي قامت بها الحركة الاسلامية ، في المحافظات والمخيمات ، لاحداث اصطفافات الى جانبها في الحراك ، كشفت حقائق اخرى قد لا تروق لاصحاب الخطاب المازوم ، ومن بينها ان تجاوب المخيمات ، وهي مناطق كثافة سكانية،،،لاردنيين من اصول فلسطينية ، لم يختلف كثيرا عن تجاوب المناطق ذات الكثافة السكانية لاردنيين من اصول ومنابت اخرى . الحركة الاسلامية ، وحراكات اخرى ، في بعض المناطق ، التي تكاد تخلو من الاردنيين ذوي الاصول الفلسطينية ، قوبلت بعنف رافضي الحراكات ، مما يعني ان غياب الحماس ، للمساهمة في تحركات على غرار التسونامي العربي ، وربما رفض هذه الحراكات ، حتى لو كانت بصيغتها الاردنية ، الاقل راديكالية من مثيلاتها العربيات ، ليست حكرا على الاردنيين من ذوي اصول الفلسطينية ، فهناك مكونات اردنية اخرى ، تخشى المساس باستقرار المملكة ، واستغلال اطراف اقليمية ودولية ، لتطورات الاوضاع الداخلية. اتهام الاردنيين من اصول فلسطينية بالقصور اوجد مناخات لمنطق مشابه بينهم لا يقل في تطرفه وحدته عن المنطق الاتهامي الذي انحصرت زاوية رؤيته بالتوطين والوطن البديل . ففي الايام الماضية ، ظهرت بعض الاصوات ، المنادية للمشاركة في الاحتجاجات ، تحت يافطة المطالبة بالوصول الى دولة القانون ، التي تتيح للاردنيين من اصول فلسطينية ، الحصول على حقوق منقوصة ، رغم انه كان من الاولى ، المشاركة كمواطنين اردنيين ، من اجل دولة القانون ، التي تتيح المساواة وكافة حقوق المواطنة لمواطنيها دون تمييز بين اصل وملة . نزعة الفرز و التمييز ، التي تنطوي عليها دعوة المشاركة ، تحت هذه اليافطة ، لا تقل خطورتها ، عن الاتهامات الموجهة للاردنيين من اصول فلسطينية ، وان كان بعضهم وراء مثل هذه الدعوات . ،فهي في احسن احوالها ، ارتداد لصوت مغامر ، وابتزاز للدولة ، في مرحلة انتقالية حرجة ، واستقواء باطراف خارجية لا تقبله المواطنة ، و استجابة للفتنة التي تقود البلاد الى مآلات لا تحمد عقباها ، يدفع فواتيرها الاردنيون من كافة الاصول والمنابت . يلتقي المسكونون بهواجس الوطن البديل ،،،والمخدوعين بالشعارات المضللة ، التي يطلقها اليمين الامريكي ، عند تكريس محاصصة الحراك ، التي تفضي الى محاصصة الهوية، فيما يغفل اللاهثون وراء السلطة ، تعقيدات المرحلة التي انفتحت فيها شهيتهم للحكم ، ولا يجد ايا منهم ، في غمرة اندفاعه ، وقتا لقراءة المشهد من كل جوانبه ، لا لشئ سوى ان اتساعه فاق قدرتهم على الرؤية . ،