ستبقى قضية التجنيس تشكل هاجسا اردنيا داخليا لأطراف المعادلة الوطنية كافة ليس من باب التعصب بل من باب المصلحة الوطنية وقدرة البلد وموارده على تقديم خدمات معقولة للمواطنين.
وللانصاف فان هناك مخاوف مبررة لدى الاردنيين جميعا من عمليات تجنيس غير مدروسة, لكن في المقابل هناك مبالغة في تداول اخبار التجنيس, وكل هذا ناجم عن عدم شفافية الدولة واجهزتها في التعاطي مع قرارات التجنيس التي يجب ان تنتهي بصدورها في الجريدة الرسمية, ولو ان الدولة تعلن بشكل صريح وشفاف قوائم التجنيس كلها ومبرراتها لاراحت المواطن من كل ما يشاع.
وقد اراحت تصريحات مدير دائرة الاحوال المدنية مروان قطيشات الرأي العام عندما أعلن أول أمس بان لا عمليات تجنيس وان الزيادة على عدد السكان في حدودها الطبيعية والتي تقارب 170 الف نسمة سنويا.
سبق وطَرَحْتُ شعارا “نعم لوقف التجنيس” وهذه ليست دعوة عنصرية بقدر ما هي دعوة وطنية من أجل التفكير بمستقبل البلاد والعباد بمعنى آخر إن زيادة أعداد السكان بمتوالية هندسية ليست فيه مصلحة للأردنيين جميعاَ.
أما من الناحية السياسية فليس من مصلحة أي أردني اختلال التوازن الديمغرافي الذي اصبح “ضرورة للحفاظ على المصالح العليا للدولة, لان المطلوب ان لا يحصل واقع ديمغرافي مستجد يفرض حلولا داخلية او خارجية تغير من معادلة وتركيبة الحكم والدولة والنظام في الاردن”.
ويتزامن مع هذه المخاوف ازدياد الضغط الامريكي والصهيوني على القيادة الأردنية لحل مشاكل الاحتلال الاسرائيلي على حساب الأردن أرضاً وشعباً وعلى حساب الشعب الفلسطيني ومصالحه الوطنية.
وهذا ما رأيناه في زيارة العضوين الديمقراطيين في مجلس الشيوخ الأمريكي (جون كيري ودانييل إينوي) الى الاردن مؤخرا للمطالبة العلنية بتوطين الفلسطينيين مشيرين بذلك إلى حوالي 800 الف فلسطيني من ابناء الضفة الغربية و300 الف من ابناء غزة يحملون جوازات سفر أردنية مؤقتة و لا يملكون أرقاماً وطنية, وربطا طَلَبَهُما باعتباره جزءا من عملية الاصلاح.
طبعا هذا تدخل امريكي سافر في الشؤون الاردنية, ويعيق عملية الاصلاح الديمقراطي أصلاً, لانه يغذي المخاوف من تلك الدعوات المشبوهة ومساواتها بين الاصلاح والتجنيس, فالاصلاح عملية داخلية ولا علاقة لها باللاجئين الفلسطينيين.
والحقيقة ان ملف التجنيس سيبقى مثار جدل داخلي لن يوقفه الا الشفافية في التعامل الرسمي مع هكذا قضايا وقوننة قرار فك الارتباط مع الضفة الغربية لحماية الاردن وفلسطين من المخططات الصهيونية.
العرب اليوم