،
قد تكون زيارة الملك عبدالله الثاني الى الولايات المتحدة عادية ، نظرا لطبيعة وتاريخية العلاقة ، بين عمان وواشنطن ، لكنها لن تكون كذلك ، عند وضعها في سياقات الاحداث ، التي يمر بها الاقليم والعالم ،.
تزايد المؤشرات باتجاه حسم عسكري ، لواحدة من اكثر القضايا العالقة ، استعصاء ، وسخونة ، وتأثيرا على دول المنطقة ، يضفي مزيدا من المبررات ، التي تعزز البعد الاستثنائي لهذه الزيارة .
،المواجهة العسكرية المحتملة بين ايران والولايات المتحدة ، ستكون في حال حدوثها ، نهاية لمرحلة وبداية لاخرى ، و لن تقتصر نتائجها على تحجيم واضعاف النظام الايراني ، وربما تفكيكه .
والافرازات السياسية المتوقعة لهذه المواجهة ، اذا حدثت ، ،من النوع الذي يحدث معادلات وموازين قوى مختلفة .
ففي جميع الاحوال ، لن تبقى الاوضاع العراقية على ما هي عليه ، اذا تم تحجيم النفوذ الايراني ، الذي يعيق العملية السياسية في العراق .
ومن شأن تقليم الاظافر الايرانية ، افقاد النظام السوري حاضنته الاقليمية ، مما يعني تسريع ،سقوطه .
كما يعري غياب التطرف الايراني ، عن المشهد الاقليمي ، حكومة اليمين الاسرائيلي ، من مبررات تطرفها ، الذي اخذ مؤخرا ، شكل التوجه ، نحو اقامة دولة يهودية.
،ينعكس هذا الغياب ، بشكل او بآخر ، على الاوضاع الداخلية في لبنان ، ودول الخليج العربي ، التي بقيت على مدى العقود الثلاثة الماضية ، مجالا حيويا ، لتصدير نموذج الثورة الايرانية .
المتغيرات المحتملة ، التي تضع الاردن في عين العاصفة ، جاءت بعد عام من بدء التسونامي السياسي العربي ، الذي اودى برؤساء ، وحكومات ، واستقرار هش في المنطقة .
والتحولات التي ستطرأ على حالة اللاستقرار ، تلقي مسؤوليات جديدة على الاردن ، الذي لم يحل تفاقم اوضاعه الاقتصادية ، وتجاذباته الداخلية ، حول الاصلاحات السياسية والدستورية ، دون متابعته لالتزاماته الاقليمية ، ومن بينها عملية السلام المتعثرة ، و تطورات الملف السوري .
لذلك كان من الطبيعي ، ان يعمل الملك عبدالله الثاني ، الذي التقى في عمان ، قبل توجهه الى واشنطن ، وفدا من الكونغرس الامريكي ، على توضيح نقطتين في غاية الاهمية ، لمحدثيه الامريكيين :
- ·،،،،،، عدم تناسب المساعدات التي يتلقاها الاردن من الاصدقاء مع دوره في المنطقة والعالم .
- ·،،،،،، ضرورة تفهم الادارة الامريكية لحاجات الاردن من الاصلاح وطبيعة الاصلاحات التي تناسب المجتمع الاردني .
،بين هذه الاعتبارات ، ان الولايات المتحدة دولة عظمى ، تتغير حساباتها واولوياتها ، بين الحين والاخر، وليست كتلة جامدة ، محكومة برغبات اصدقائها ، وعداء خصومها .
باستعادة هذه الاعتبارات يمكن فهم محاولات اليمين الامريكي تركيب ازمة عملية السلام على الاصلاحات السياسية والدستورية الاردنية المصاحبة لتسونامي التغيير .
في تفكير هذا اليمين ، لا توجد حدود جغرافية مقدسة ، سوى حدود اسرائيل المفتوحة على المجهول ، والشعب الفلسطيني مجموعة من السكان ، لا بأس في طريقة لاستيعابهم ، بشكل لا يعيق المشروع التوسعي الصهيوني ، الذي بات مصطلحا ينتمي الى ثقافة ستينيات وسبعينيات القرن الماضي .
يتناغم هذا اليمين بتفكيره وتعبيراته المبطنة والسافرة احيانا مع نظيره الحاكم في اسرائيل وهو يندفع بجرافاته وبلدوزراته لتابين حلم الدولة الفلسطينية المستقلة التي يفترض ان تدخل بطن التاريخ لولا غياب قدرة القيادة الفلسطينية والنظام الرسمي العربي على مصارحة الشارع والانتقال الى شكل مختلف من المواجهة .
ينطبق على محاولات التقليل من اهمية تصريحاته ، وتأثيره في الولايات المتحدة ، مع دخول عام الانتخابات الرئاسية ، وصف النعامة التي تدفن راسها في الرمال، ،كي لا ترى الخطر الداهم ، لان الضغط الامريكي على اسرائيل ، غير وارد في عام الانتخابات ، مما يتيح لحكومة اليمين الاسرائيلي ، الاستمرار في الاستيطان والتهويد ومصادرة الاراضي الفلسطينية ، دون اية روادع حتى لو كانت معنوية .
ولولا المناخات التي احدثها هذا اليمين ، لم تكن التظاهرة ، غير المبررة ، التي نظمها عدد من محدود من الاردنيين ، امام البيت الابيض ، وتجاهلها الاعلام الرسمي ، ممكنة .
الصعوبات التي يواجهها الاردن في الحصول على المساعدات والمعونات الخارجية والتي لم تغب عن اجندة الملك في زيارته للولايات المتحدة تضع الاردنيين امام ضرورة اعادة ترتيب اولوياتهم .
فقد بات ايجاد المخارج ، من صعوبات الوضع الاقتصادي والمعيشي ، في ظل ازمة الاقتصاد العالمي ، القضية الاكثر الحاحا ، من تسريع عملية الاصلاح السياسي والدستوري ، التي ينشغل بها معظم الطبقة السياسية الاردنية رغم اهمية هذه الاصلاحات .
مواجهة الظروف ، التي اعطت بعدا استثنائيا لزيارة الملك الى واشنطن ، تحتاج، قراءة اكثر واقعية لاحداث الاقليم والعالم ، والابتعاد عن الانفعالية ، في مواجهة المستجدات ، او التهوين من مخاطرها ، اذا لم يتم التعامل معها كما ينبغي ، وحينما يكون عبور المنعطفات الاقليمية والدولية ضرورة ، يفترض البحث عن سبل اجتيازها باقل قدر ممكن من الخسائر .
،
،
،
،
،
،
،
،
،
،
،
،
،
،
،
،