مع صعود التنظيمات ا?سلامية ووصول بعضها إلى سدة الحكم أو المشاركة في السلطة خلال ما يجري في المنطقة، بدأت في المقابل حركات يسارية قومية بتحسس الخطر المحدق بها وتلاشي وجودها على الساحة المحلية.
فائتلاف تحت عنوان “الائتلاف اليساري القومي” وضع لبنة الأساس مع بداية العام الحالي ليشكل قوى واحدة تجمعه وتوحده مقابل صعود الحركة الإسلامية.
هذا الائتلاف اليساري القومي مكون من 6 أحزاب معارضة، عدا حزب جبهة العمل الإسلامي، وهي “الحزب الشيوعي وحشد والوحدة الشعبية والبعثين الاشتراكي والتقدمي والحركة القومية”.
ويأتي هذا الائتلاف في ظل تخوف هذه الأحزاب من تصاعد الحركات الإسلامية في المنطقة بشكل عام، واسئثار الحركة الإسلامية في الأردن بفعاليات ومبادرات خارج إطار تنسيقية المعارضة، بل يذهب البعض إلى أكثر ذلك حيث يرون أن الحركة تحاول ركوب موجة المطالبات ا?صلاحية من قبل الحراك الشعبي.
هذا إضافة إلى ما صرحت به مصادر حزبية من داخل الائتلاف بأن الانقسامات التي توسعت داخل اللجنة العليا لتنسيقية المعارضة قد استدعت التوصل إلى ائتلاف يجمع الأحزاب المتوافقة في رؤاها ومواقفها.
إلا أن هذه التباينات داخل تنسيقية المعارضة ليست وليدة الربيع العربي؛ فمنذ تأسيس اللجنة العليا لتنسيقية المعارضة عام 1995 شهدت خلافات عديدة فيما بينها خاصة في مواقفها التي تبدت عامي 1997 و2010 حول المشاركة أو مقاطعة الانتخابات النيابية، إضافة إلى التباينات المختلفة حول المواقف السياسية من القضايا المحلية والاقليمية تجلى آخرها في الموقف مما يحدث في سوريا.
واعتبرت مصادر حزبية بأن هذا الائتلاف يأتي في ظل تراجع الحركات الإسلامية عن مبادئها ومواقفها المعلنة خاصة من القضية الفلسطينية والاتفاقيات الموقعة مع إسرائيل؛ إضافة إلى توجه وإعلان الحركات الإسلامية عدم رفضها للجلوس مع الولايات المتحدة والتحاور معها.
وقد يكن سبب الخلاف داخل التنسيقية وعدم التوافق على آليات ومواقف محددة من القضايا سبب ثانوي كونه ليس وليد اللحظة أو عامل استجد؛ فلطالما كان هنالك تخوف من قبل اليساريين والقوميين من ا?سلام السياسي وصعود الحركات ا?سلامية إلى الحكم وهو تخوف برز عند اليساريين القوميين في ظل تصاعد الحركات ا?سلامية في ظل الربيع العربي ووصولها إلى الحكم.
الحركة الإسلامية بدورها تحفظت على مسمى هذا الائتلاف وحصره “باليساري القومي” متسائلة عن سبب هذه التسمية وفيما إذا سيكون مفتوحاً أمام الإسلاميين أم مقتصراً على اليساريين والقوميين؛ وهو ما استدعى قادة هذا الائتلاف إلى تأكيدهم على أن الائتلاف القومي اليساري لن يكون محصوراً بأحزابهم فقط بل سيكون بابه مفتوحاً أمام كل من يتفق مع رؤية هذا الائتلاف.
إلا أن التسمية “الائتلاف اليساري القومي” تحمل في مضمونها إشارة واضحة على مواجهة تصاعد الحركات ا?سلامية وتشكيل قوى تقابلها.
وفي بقاء التنسيقية ورغم أن أحزاب هذا الائتلاف قد صرحت في أكثر من منبر بأن الائتلاف لن يكون بديلاً عن تنسيقية المعارضة إلا أن المنطق والواقع يذهب إلى إضعاف التنسيقية في ظل توافق الأحزاب اليسارية والقومية فيما بينها على آليات واضحة اتجاه إعلان مواقفها من الحالة السياسية في الأردن؛ وهو أمر قد اتضح في ظل تنظيم فعاليتين للائتلاف خارج إطار التنسيقية أخرها اعتصامها أمام رئاسة الوزراء السبت للمطالبة بقانون انتخاب ديمقراطي يعتمد نظام التمثيل النسبي.
وكانت أحزاب هذا الائتلاف قد عقدت اجتماعاً الأربعاء ناقشت خلاله مسودة ورقتيها السياسية والاقتصادية لتشكيل إطار لها تشمل الرؤية السياسية للمرحلة الحالية والموقف من قانون الانتخاب والتأكيد على اعتماد القائمة النسبية في النظام الانتخابي وفق ما أوصت به مخرجات الحوار الوطني.
كما وتناقشت هذه الأحزاب الرؤية الاقتصادية وضرورة تحقيق الاصلاحات الاقتصادية بوقف سياسة الخصخصة وصولاً إلى تحقيق منهج سياسي اقتصادي إلى جانب ضرورة توسيع الاصلاحات الدستورية.
وفي ظل تشكل هذا الائتلاف اليساري القومي؛ يبقى التساؤل فيما إذا كان هذا الائتلاف قادراً أن يشكل قوة موحدة في المبادئ والأهداف والآليات أمام الحركة الإسلامية ومدى تحقيق أهدافه على أرض الواقع في ظل فشل تنسيقية المعارضة في توحيد هذه الأحزاب على الساحة المحلية؟ ناهيك عن رفع مستوى حضورها الشعبي؟.