تعرض موزعو الغاز لظلم شديد خلال الأيام الماضية من الجهات الرسمية في وزارة الصناعة والتجارة ومن الناطق الرسمي باسم الحكومة, وقد شاركهم في إيقاع هذا الظلم بعض الأوساط الشعبية من “الموالاة الغازية”, ومن المؤسف أن الغضب الناتج عن هذا الظلم يقع مباشرة على سائقي سيارات التوزيع وعلى العمال “العتالين” الذين يشكلون الحلقة الأخيرة في عملية توزيع الغاز.[/p]تجربتي الشخصية كمواطن “ثلاثي الاسطوانة” وتجربة جيراني مثلاً, تكفي لإقناعنا ببراءة الموزعين وعمالهم من التسبب بالأزمة, فالمنطق الذي تقوم عليه صنعتهم تجعلهم متوثبين ومتحمسين وجاهزين لتلبية الطلب, وهم يحرصون على عدم خسارة أية زبون, ويسمون ذلك “تربية زبائن”, وقد درّبوا آذانهم على التقاط أصوات طالبي الغاز بما فيها الأصوات الخفيضة القادمة من الطوابق العالية, كما درّبوا عيونهم على التقاط الإشارات المختلفة والمعقدة القادمة من بعيد, كما درّبوا اعصابهم على تحمل “ثقالة ظل” الزبائن أحياناً.
في الحي الذي أسكنه يمكن القول أنهم بذلوا جهوداً كبيرة وعملوا حتى ساعة متأخرة من الليل, ولم يبتزوا احداً ولم يطلبوا أية زيادة على السعر رغم ظروف التوزيع الصعبة وخاصة البرد الشديد والمطر أحياناً.
إن أسلوب احتكار السلع وتخزينها في المستودعات يصح فقط في حالة السلعة ذات السعر المتحرك, أما بالنسبة للسلعة ذات السعر المحدد والحساس مثل اسطوانة الغاز, فإن تخزينها لا يمكن أن يكون فعلاً عاقلاً من الناحية التجارية, وفي أسوأ الأحوال يمكن رفع سعر الاسطوانة في حالات فردية متوارية ومؤقتة لا يمكن أن تشكل مطمعاً لتاجر عاقل.
العرب اليوم