من الخطأ، بعد كل ما شهدته الأيام الأخيرة من تطورات خاصة بالأحداث السورية، الاستمرار في استخدام مصطلحات ملطفة لوصف موقف بعض الأنظمة العربية
والإقليمية، فلم يعد هناك أدنى شك في سوء وخبث نيات هذه الأنظمة تجاه استقرار سورية وسيادتها، ومن ثم لا بديل من تسمية الأمور بأسمائها لكشف هذه المواقف على حقيقتها.
إذ إن مجرد طرح اقتراح إرسال قوات عربية إلى سورية أو الجزم بعدم إمكانية حل الأزمة إلا بزيادة التدخل الخارجي يكشفان عن ماهية الأدوار المكلفة بعض الأنظمة
العربية تنفيذها لإنجاح المشروع الأمريكي في المنطقة، وعليه فإن وصف هذه الأدوار بالمشبوهة مثلاً يعني منحها إلى جانب اتهامها بالعمالة حيزاً من البراءة أياً كانت
نسبته.. وهذا ليس معبراً عن حقيقة ما يجري ويتم على أرض الواقع.
وبمراجعة بسيطة لسياسات هذه الأنظمة من القضايا العربية خلال السنوات السابقة، وفي مقدمتها القضية الفلسطينية، فإننا سنجد أنها أنظمة تخطت بالفعل مرحلة إثارة
الشبهات في مشاريعها إلى مرحلة العمالة والتبعية الأمريكية الصهيونية وبفخر شديد…. ووصلت لاحقاً في الأزمة السورية إلى مرحلتها الأخطر المتمثلة بوقاحة التآمر
العلني على سفك الدم العربي.
وحتى هذه العبارة لا تكفي برأي الكثيرين لوصف قذارة ومهانة سياسات هذه الأنظمة مقارنة بما أدت إليه من سفك للدم العربي وتحريض الأجنبي على نهب ثروات بعض
الدول العربية وتسهيل مهمته، وهذا ربما ما يجعل الغضب العربي مخيفاً جداً أحياناً.
فبعض الأنظمة العربية انتقلت إلى مرحلة الوقاحة في التآمر العلني اعتقاداً منها أنها قوية بما يكفي لتجاهل مواقف الشعوب ورغباتها ومشاعرها، بينما هي في الحقيقة بمنزلة
من يحفر قبره بيده ويكتب نهاية مشينة لحياته، فالشعب العربي عبر تاريخه لفظ دائماً الخونة من ساسته، وداس على المتآمرين والمتاجرين بدمه وحقوقه وثرواته.. وهكذا
ستكون نهايتهم.
ربما لم يشهد التاريخ العربي على نكباته وتقلباته السياسية مرحلة كهذه يجاهر فيها نظام سياسي، لا يملك من شرعيته سوى مال نفط وغاز وقواعد أمريكية، بتنفيذه
لمشروع رسمه الكيان الصهيوني وتتولى الولايات المتحدة الأمريكية إخراجه بعدة سيناريوهات، ففي السابق كانت الخيانة بمنزلة معصية من الكبائر ولذلك كانت الأنظمة
العربية التي ترتكبها تتستر بغطاء مصالحها الوطنية وسيادة علاقاتها.. لكن الخيانة اليوم تحولت إلى مجرد رأي وموقف لا يستدعيان من صاحبهما التستر إنما يدفعانه
للمجاهرة بهما…!!.
زياد غصن، – تشرين السورية