الزمن الحالي غير الزمن الماضي عندما كان امتحان الثانوية العامة التوجيهي مسألة عادية عند الاهل وذوي الطلبة , والاستعداد للامتحان كان مسؤولية الطالب وحده دون ارباك للاهل وللاسرة بكل افرادها دون دروس تقوية مكلفة ماليا لذوي الطالب الذي كان يعتمد على نفسه وعلى اساتذته في المدرسة فقط, ومهما قسا المعلم على الطالب وعاقبه عقابا شديدا يصل الى الضرب في بعض الاحيان, فان الاهل يشجعون المعلم على معاقبة الطالب اذا قصر في اداء واجباته الدراسية.
الزمان اختلف والعلم تراجع, والطلبة لا يرغبون في الدراسة والاهل وذوو الطلبة تبدل سلوكهم, فاصبحوا يفزعون للطالب ضد المعلم والمدرسة والوزارة سواء اكان الطالب ظالما ام مظلوما, ويتم تهديد المعلم من قبل الطالب وذويه, على الرغم من ان المعلم اذا عاقب الطالب, فلا مصلحة له الا ان يكون الطالب قد ادى واجباته المدرسية.
ان هذا السلوك من الطلبة وذويهم ادى الى تراجع العملية التعليمية والتربوية لان المدرسة بسبب تصرفات الاهل تراجع دورها التعليمي والتربوي, حتى اصبح بعض الطلبة عاجزين عن الكتابة باللغة العربية, وعاجزين عن حفظ دروسهم اليومية مما استدعى ذويهم الى تكليف معلمين لاعطائهم دروسا خصوصية مكلفة حملتهم اعباء مالية جديدة لم تكن في حساباتهم, وتلك الكلفة هي جراء مواقفهم ضد المدرسة والمعلمين الذين اصبحوا اسرى الخوف من ان يطالبوا الطلبة بحفظ دروسهم ومتابعة واجباتهم المدرسية.
وينسحب خوف المعلمين ايضا على طلبة الثانوية العامة (التوجيهي) الذين هم بامس الحاجة الى دور المعلم في ترسيخ الدروس في اذهانهم, والاولى بان يلبي احتياجاتهم التعليمية على مدار العام الدراسي وحتى في اوقات الفراغ ليكونوا مستعدين للامتحانات, وتكون جميع الاسئلة سهلة لا يشتكون من صعوبتها.
ان ما جرى خلال امتحانات الثانوية العامة التي تجرى حاليا في قاعات الامتحانات في بعض المدن الاردنية من استخدام العنف ضد المراقبين, والحصول على اجوبة الاسئلة بالقوة والتهديد غريب على مجتمعنا وعلى اخلاقنا وعاداتنا, واحترامنا لنظام الامتحانات الذي كان في اوقات سابقة له قدسية وتقدير من قبل الطلبة والاهل, عكس ما يجري في ايامنا هذه.
ان الاحداث والعنف الذي يجري في قاعات الامتحانات بشكل خاص وفي جامعاتنا بشكل عام ادى بالضرورة الى ضعف في العملية التعليمية والتعلمية وانعكس على مخرجات التعليم بصورة ادت الى ترسيخ مفهوم جديد عن التعليم في الاردن, بعد ان كنا نتباهى امام العالم العربي بقوة تعليمنا وبكفاءة خريجينا وتمكنهم من علمهم ومعرفتهم وانفتاح اسواق العمل في الخارج وخاصة دول الخليج العربية الشقيقة التي كانت تفضل المدرسين الاردنيين والعلماء الاردنيين والاطباء والمهندسين ومختلف التخصصات.
وبعد الذي جرى ويجري حاليا من خرق لانظمة وقواعد امتحان الثانوية العامة وتسيب في قاعات الامتحانات.. فانه قد آن الاوان ان تجد الدولة ممثلة بوزارة التربية والتعليم آلية جديدة لامتحانات الثانوية وتضع السبل والوسائل الكفيلة بانهاء حالات التشنج عند الاهل والطالب, ووضع حد للاشاعات والاقاويل عن تسرب الاسئلة وعن الاعتداء على مراقبى الامتحانات ورجال الامن الذين يحرسون هذه القاعات.. فلماذا لا يكون بديل هذا النوع من الامتحانات هو اخذ معدل متوسط لثلاثة صفوف اخيرة يستخرج منها المعدل العام للطالب.. نأمل ذلك?
