زهير عبد القادر
أمس،قررت ان اذهب الى مكتب البريد لدفع المبلغ المستحق علي لتجديد مدة صندوق بريدي للسنة الجديدة 2012..دخلت المكتب واذا بموظفة واحدة على شباك خدمة المواطنين عيونها تكافح النعاس بقوة…علما ان عدد شبابيك الخدمة هناك أربعة…ففكرت سريعا وقلت في نفسي ان معاملات المواطنين في مكتب البريد لاتستغرق وقتا طويلا وقررت ان اقف في صف قصير وقمت بعملية أحصاء سريعة لمن هم أمامي فوجدتهم ثلاثة رجال ونظرت الى الموظفة الشابة التي تقوم بخدمة المواطنين وتفائلت خيرا رغم أثار النعاس والتعب على وجهها وقلت في نفسي ماهي الا دقائق ويصلني الدور…كنت أراقب من بعيد هذه الشابة التي لاتتجاوز العشرين من عمرها وهي تقوم بعملها متثاقلة وكأنها تجاوزت الستين من العمر…وكانت تحتاج الكثير من الوقت حتى تنظر الى جهاز الكومبيوتر أمامها لتخرج اولا أسم المواطن وتحتاج وقتا أطول لعد الفلوس التي يدفعها…وطبعا تحتاج وقتا للحوار مع المواطن لمعرفة مايريد…ومن ثم تحتاج وقتا لأعطاءه ماتبقى من فلوسه بعد ان كانت تعدها اكثر من مرة…وهكذا الى ان وصلني الدور…ولن افشي سرا عن مدة الوقت الذي أستغرق حتى وصلت الى موظفتنا النشيطة.نظرت الي بنظرة أرهاق وتعب وسألتني بصوت خافت لم أستطع سماعه عما أريد…فأفصحت لها عن رغبتي بدفع المبلغ المستحق علي لتجديد مدة صندوقي البريدي واخبرتها عن أسمي ورقم الصندوق…فوجهت نظرها بتثاقل الى جهاز أمامها وبعد فترة صمت نظرت الي مرة ثانية لتخبرني بقيمة المبلغ بصوت اكثر انخفاضا من قبل…وأقسم لكم انني لم أسمع الا كلمات متقطعة فناولتها خمسين دينارا وأنتظرت الى ان تكرمت وأعطتني ورقة صغيرة رقيقة أسمتها (وصل) وتكرمت علي بالباقي من الخمسين دينارا وودعتها شاكرا…وفي قلبي حسرة على وقت الأخرين الذين كانوا يقفون خلفي في الصف لأنجاز معاملاتهم البريدية.
سألت نفسي اكثر من مرة عن الموظفين الأخرين في البريد وأين أختفوا وتركوا أماكن عملهم فارغة في وقت الدوام الرسمي؟وعن أسباب كسل هذه الشابة العشرينية…أهو الأحباط النفسي بسبب قلة الراتب؟أم هي المشاكل العائلية التي يحملها الموظف معه الى مكتبه؟أم هو الأكتئاب والكأبة والقلق التي تسيطر على شبابنا وثؤتر على طاقاتهم الجسدية والنفسية؟أم هو فعلا قلة النوم؟
في الغرب يعملون ليلا نهارا شبابا وشيوخا من الجنسين ثمان ساعات يوميا دون ملل او كلل…الموظف يعمل بنشاط وحيوية وتراه كآلة مبرمجة وغالبا ما ينهي معاملتك أثناء كلامك معه لا لشيء الا لأنه يحب عمله ويعرف واجبه ويحترم زبائنه ،وقبل كل شيء يقدر الوقت ويعمل بضمير حي يحاسبه ….
كم أتمنى ان يعرف رئيس قسم مكتب البريد نفسه أين يذهب موظفيه أوقات الدوام الرسمي…وأتمنى على صديقتنا موظفة البريد ان تعرف ان وقت المواطن ثمين وقد يكون أهم من ان يقضيه لمشاهدة موظفة كسولة تعمل في مؤسسة تقوم على خدمة المواطنين.صباح الخير.
zuhairjordan@yahoo.com