خلال الأشهر القليلة الماضية تغير الكثير في الأردن، رؤوس كبيرة غابت أو غيبت، ومناصب كبرى حل فيها رجال جدد، رؤساء وزارات ووزراء، وأعيان، ومسؤولون كبار تغيروا، وبقي مجلس النواب، فهل الحديث عن حل مجلس النواب –فعلا- خط أحمر، رغم أن صلاحية الحل بيد الملك فقط؟
بداية ثمة ما يقال بشأن هذا المجلس سلبا وإيجابا، ونبدأ بالإيجاب، فقد أنجز هذا المجلس جملة من الملفات الوطنية، التي كانت تؤرق الأردنيين، بخاصة ما يتعلق بالفساد ولجان التحقيق النيابية، التي أبدع بعض النواب فيها، وأسسوا لسوابق على جانب كبير من الأهمية، وشكلت إضافات نوعية للمجلس، وحظي المجلس بمهمة خطيرة تمثلت بإقرار التعديلات الدستورية، وهي مهمة لا تتاح إلا كل حقبة طويلة من الزمن، وأنجز المجلس مهمته على وجه مرض، كما شهد هذا المجلس جملة من المواقف التي تحسب له، مما شذ عما هو مألوف، منذ بدأ الانتخاب وفق قانون الصوت الواحد…
أما بالنسبة للسلبيات، فقد شهد المجلس جملة من الوقائع والملاسنات والمواقف الغريبة، نحت به منحى غريبا وبعيدا عن حقوق الإنسان، وما استقر في أذهان الناس عن الدور المنحاز للشعب والمواطن، وبدا المجلس أحيانا وكأنه متشدد أكثر من السلطة التنفيذية، التي كانت ليبرالية أكثر منه، كما شذ بعض النواب عما هو مألوف، فخلعوا على بعض أطياف المجتمع صفات غير لائقة ومستهجنة، وإلى هذا وذاك، تم انتخاب المجلس برمته وفق قانون جدلي مختلف عليه، ومشكوك في صلاحيته لفرز نواب يمثلون الوطن حق تمثيل، وهذا ليس ذنب النواب طبعا، بل هو نتاج حقبة تغيرت ملامحها تماما، ففي مثل هذه الأيام اندلعت ثورة الربيع العربي، حيث انتخب هذا المجلس في نهايات العام 2010 ، وقد تغير وجه الوطن العربي كله منذ ذلك الحين، والحقيقة أنه لم يعد ينفع الاستمرار في التعامل مع مخرجات ما قبل ثورة الربيع على كل الأصعدة، ومنها وعلى رأسها: مجلس النواب، وكان واضحا بالطبع مطالبات حراكات الشوارع بحل المجلس، وتغيير الحكومة، وبعض المسؤولين، وبالفعل تمت الاستجابة لتغيير الحكومة والمسؤولين، وبقي المجلس، وقد استمعت أخيرا لتبرير رئيس الحكومة لعدم استساغته مسألة حل المجلس، باعتبار أنه لا يمكنه القبول بانتخاب مجلس نواب وفق قانون مؤقت، على الرغم من أن جل مجالسنا انتخبت وفق قانون مؤقت، وربما يكون مفهوما رأي الرئيس هنا، إلا أن هذا ربما يعقد المشهد كثيرا، ويمد بعمر كثير من الأزمات المرتبطة بإبعاد زمن الانتخابات النيابية المنتظرة..
في المحصلة، لا نرى بأسا من الاستجابة للمنادين بحل المجلس، فلعل في هذا ما يخفف من احتقانات الشارع، ويصرفه عن قطع الطرق الرئيسة، والاعتصامات والمسيرات والاحتجاجات!
الدستور