نشرت صحيفة المجد الاسبوعية تقريرا مفصلا حول كواليس تجري في حكومة عون الخصاونة وطبيعة علاقتها بالقصر مؤشرة بان هنالك تباينا في المواقف حول عدة من القضايا وتاليا نص التقرير :
اتسعت اخيرا مساحة التباين- كي لا نقول الخلاف – بين تطلعات القصر الملكي وتوجهات حكومة الخصاونة وباتت محل تداول وتحليل لدى الهيئات النيابية والاعلامية والدبلوماسية وصالونات عمان السياسية .
وعلمت” المجد” ان رجال القصر قد ابدوا تذمرهم واستياءهم مما وصفوه بـ ” عناد” الرئيس الخصاونة حتى اصغر الاشياء وحساسيته المفرطة ازاء مطالب القصر حتى لو كانت محقة وضرورية وفي المقابل تشكو الحكومة من التدخلات المستمرة لرجال القصر في صميم شؤونها واختصاصاتها وفقا لما اعتادوا عليه مع الحكومات الاخرى رغم ان الخصاونة كان قد تلقى وعدا جازما من اعلى المراجع بتولي كامل الولاية العامة للحكومة .
وقال مصدر مطلع ومتابع لمسار العلاقة بين القصر والحكومة ان هذا التباين الذي يقترب يوما بعد يوم من خانة الخلاف وربما الاختلاف لا يؤشر على ديمومة حكومة الخصاونة وطول عمرها ولن يكون مفاجئا لجوء الخصاونة ذات يوم الى الاستقالة او قيام القصر بترحيل الحكومة اذا ما بقي ” سوء الفهم ” الراهن يتحكم في العلاقات بين هذين الطرفين .
واعرب المصدر عن قناعته بان القصر الذي فوجئ بضعف حكومة الخصاونة ومحدودية ادائها السياسي والاقتصادي قد باشر فتح نوافذ التشاور مع قطاعات وفعاليات وشخصيات من خارج الصف الحكومي ودوائر الحكم والاستماع الى رؤاها وارائها في مختلف الشؤون والمجالات العامة وهو ما يفسر لقاءات الملك المتكررة خلال الاسابيع الماضية مع مجموعات نخبوية وقيادات حزبية ومسؤولين سابقين، بقصد التداول في واقع الحال الاردني ووسائل تطويره نحو الافضل، والتي كان اخرها اللقاء الملكي امس مع رؤساء الحكومات السابقين رغم ان بعضهم كان مغضوبا عليه ومبعدا عن القصر منذ عدة اعوام .
وعدد المصدر ملفات التباين والخلاف التي برزت حتى الان وباتت ظاهرة للعيان ومشغولة بتصريحات متعارضة من لدن الحكومة والقصر، وقال ان التباين والتعارض لا يتصل بترتيب الاولويات فقط بل يتعلق بجوهر الاهتمامات ايضا فبينما يدفع القصر بالتركيز نحو موضوعات بعينها ومنحها الاولوية والاهتمام تدفع الحكومة بالتركيز على قضايا وموضوعات اخرى مختلفة .
واشار المصدر المطلع والمتابع ان الملف الاقتصادي يتصدر لائحة التباين والاختلاف في التوجهات وحتى وجهات النظر بين القصر والحكومة، فبينما يجهد القصر في اقناع الحكومة بضرورة التركيز على هذا الملف الذي اوشك على بلوغ الخط الاحمر، واصبح يثير الجهات الرسمية والشعبية على حد سواء تغض الحكومة الطرف عن هذا الموضوع الحساس ويقول رئيسها صراحة انه لايفهم كثيرا في العلوم الاقتصادية ولكنه في ذات الوقت يطلق تصريحات ساخنة حول سياسات الخصخصة القديمة ويقدم الوعود والتعهدات لاعادة شراء بعض المؤسسات التي خضعت في السابق للخصخصة ولا يقول لنا من اين سيأتي بالاموال اللازمة لهذا الشراء فيما بلغت المديونية وبعدها عجز موازنة الدولة ارقاما مخيفة وغير مسبوقة.
وقال المصدر ان التباين بين القصر والحكومة قد ظهر جليا في ملف التعامل مع الحركة الاسلامية فبينما اندفعت الحكومة- حتى قبل تشكيلها- في التقارب والتفاهم مع الحركة الاسلامية والتواصل مع حركة حماس ومن ثم اعادة جمعية المركز الاسلامي اليها والدخول في حوار استراتيجي معها… يقف القصر ومعه الدوائر الامنية موقف المتحفظ على هذا الاندفاع الذي يزيد في غرور الحركة الاسلامية واعتدادها بقوتها وشعبيتها حد التلويح بالعمل المليشاوي .
واضاف المصدر ان القصر ومعه الدوائر الامنية لا يمانع في التفاهم والتعاون مع الحركة الاسلامية باعتبارها جزءا من النسيج الوطني والحراك الشعبي ولكنه تفاهم قائم على شروط والتزامات محددة يتعين ان تؤديها وتنهض بها الحركة الاسلامية بوصفها جماعة سياسية ضمن اطار الدولة وتحت سيادة القانون، وليست دولة في الدولة او مؤسسة فوق القانون،مؤكدا( المصدر) ان الخصاونة قد اشتكى لبعض المقربين من ان هذه الحركة قد احرجته امام المراجع العليا والراي العام معا نظرا لانها لا تتجاوب مع توجهات الحكومة او تراعي ظروفها رغم كل المودة والثقة وحسن النية التي اولتها الحكومة لهذه الحركة .
واوضح المصدر ان الملف الخلافي الثالث بين القصر والحكومة هو ملف الانتخابات النيابية فبينما يرغب القصر في الاسراع بصك قانون انتخابي جديد واجراء انتخابات نيابية خلال العام الحالي وتذليل اية عوائق امام هذا الاستحقاق ترى الحكومة ضرورة تاجيل هذا الاستحقاق الى العام المقبل (2013) واعادة الجدل حول قانون الانتخابات مجددا. رغم كل تمخض في وقت سابق عن لجنة الحوار الوطني التي اشبعت هذا الموضوع بحثا وجدلا على مدى عدة اشهر علاوة على ما قدمته عدة هيئات حزبية ونقابية وقانونية من اجتهادات ومشاريع بهذا الخصوص.
وكشف المصدر” للمجد ” عن حلقة نقاش انعقدت بهذا الشأن بين القصر والحكومة اخيرا حيث فهم القصر بعدها ان رئيس الحكومة قد غير موقفه من موعد الانتخابات واستجاب لوجهة نظر القصر ولكن الرجل ما زال متمسكا بموقفه المتمثل في التاجيل الى العام المقبل وقد ظهر ذلك جليا يوم الجمعة الماضي حين قال الخصاونة خلال حفل العشاء الذي اقامه تكريما للجنة الحوار الوطني ان ضمانة الملك للجنة الحوار الوطني برعاية مخرجاتها ليست دستورية وان اللجنة ليس لها صفة تمثيلية وانه لا يوجد مصدر قانوني يلزم الحكومة الاخذ بتوصيات لجنة الحوار الوطني وهو ما يعني عودة الامور الى المربع الاول علاوة على دق الماء في الاناء .
وعلمت ” المجد ” ان هذا التصريح قد اثار استياء لجنة الحوار واستهجانها وخيبة املها بعد ان كانت قد عملت لاكثر من ثلاثة اشهر في حقل الاصلاح السياسي والتشريعي، وكان لها دور مهم في تهدئة الشارع الذي كان ثائرا آنذاك لانه راهن على انها ستقدم له قانون انتخابات عصريا علاوة على انها اجترحت افكارا اصلاحية مهمة وهي الان قيد التنفيذ مثل انشاء هيئة عليا مستقلة لادارة العملية الانتخابية وانشاء محكمة دستورية وقد اخذت حكومة الخصاونة بها كلها باستثناء قانون الانتخابات الذي يعتزم الخصاونة طيه وتقديم بديل له قريب الشبه بقانون انتخابات عام 1989 مع بعض التعديلات والتحسينات .
وفي الختام، قال المصدر المطلع” للمجد ” ان ملف الخلاف الرابع بين القصر والحكومة يتعلق بموضوع الفساد فرغم اتفاق الطرفين على ضرورة محاربة الفساد ومحاكمة الحيتان والقطط السمان الا ان تباينا واسعا قد طرا بين الطرفين حول طرائق ووسائل التنفيذ فبينما اراد القصر لهذه العملية ان تبقى قيد الانضباط الاعلامي والضبط القانوني والقضائي كي لا تثير بلبلة تؤذي سمعة الاقتصاد الاردني وتخيف المستثمرين العرب والاجانب باعتبار البلد مغارة لصوص… عمدت الحكومة الى توسيع فتحة البيكار واطلاق التصريحات الشعبوية ذات اليمين وذات اليسار وافساح المجال امام تشكيل لجان تحقيقية نيابية متعددة الى جانب هيئة مكافحة الفساد وهيئات القضاء والادعاء العام وهو الامر الذي ادى الى الكثير من الارتباك وتضارب الاختصاصات، واظهار النظام كما لو انه يحاكم نفسه!!