هدوء تام وبلا ضجيج، صادق مجلس شورى الإخوان المسلمين بشكل عملي على قرار فك الارتباط التاريخي بين الضفتين، وهو القرار الذي ظلت قيادات في الحركة تعتبر أنه غير دستوري ولا تعترف به عمليا، إلى أن تمت أخيرا المصادقة بشكل عملي على القرار!
ففي الاجتماع الذي عقده المجس يوم الخميس الماضي، تم إقرار تعديلات تفضي إلى فصل التنظيم الإخواني الأردني عن الفلسطيني ليصبح (تنظيم إخوان الشام) وفق التعديل الجديد ملغى تماماً، وبحسب رئيس المجلس الدكتور عبد اللطيف عربيات، في تصريحاته «للدستور»، فإن التعديل يهدف لإعادة الصياغة ليكون التنظيم الإخواني خاصاً بالأردن وحده، فيما تُركت
مسألة انضمام المكاتب الإدارية لـ «إخوان الخليج» طواعية واختيارية لأعضائه في أي من مراكز الإخوان الشامية في الأردن، فلسطين، وسوريا ، فيما قال قيادي بارز في الحركة الإسلامية، إن إخوان الخليج ما زالوا مرتبطين بتنظيم الأردن دون أي تمثيل في مجلس الشورى، موضحا أن التعديل جاء بعد قرار مكتب الإرشاد العالمي للإخوان الذي نص على عدم التداخل بين التنظيم الأردني والفلسطيني (حماس) في مكاتبها الإدارية، ما يعني فك الارتباط المالي والسياسي بين تلك المكاتب.
يعزز هذه الحقائق الجديدة، تصريحات رئيس الدائرة السياسية في الجماعة الدكتور ارحيل الغرايبة الذي يقول إن أهمية التعديل تكمن بكونه يعد قرار فك ارتباط في كل ما يتعلق بالجانب التنظيمي الإخواني الأردني والفلسطيني، فيما اعتبر عضو مجلس شورى الإخوان رئيس الدائرة السياسية في حزب جبهة العمل الإسلامي زكي بني ارشيد أن التعديل يعد بمثابة قوننة لما كان معمولاً به منذ نحو سنتين، حيث لم يكن أي من إخوان فلسطين والخليج أعضاءً في مجلس الشورى، معتبراً أن من شأن ذلك تأكيد استقلالية قرارات الجماعة.
وهكذا، تطوي جماعة الإخوان المسلمين، صفحة طالما شكلت نواة جدل في العلاقة بين قيادات إخوانية، وتؤكد استقلالية التنظيم الإخواني في الأردن عن سواه من تنظيمات الشام الثلاثة التي يتبع لها أعضاء الجماعة في الخليج العربي، لتبدأ مرحلة جديدة في الأطر الإخوانية تقضي بتوزيع مقاعد مجلس الشورى على الأردنيين فقط وبالتساوي والتناسب بين مختلف شعب الجماعة في المملكة، ويصبح التنظيم الإخواني الفلسطيني التوأم منفصلاً في القرار والتمثيل!
دلالة هذه التعديلات لها أكثر من جانب، على غير صعيد، فهي تشير بشكل واضح إلى غلبة تيار «الأردنة» بمعناها الواسع داخل الجماعة، وهو يتساوق مع التوجه الرسمي بالنأي بعيدا عن أي علاقة سياسية بين الضفتين، مما كرسه قرار فك الارتباط، وما تبعه من سلسلة تطبيقات بلغت أوجها فيما سمي «حملة سحب الجنسيات» كما أنه يرد بشكل عملي على أي تقولات تذهب إلى حد الاتهام بوجود تداخلات تبلغ مستوى الاتهام بين إخوان الأردن وحركة حماس، وقد جاءت هذه التعديلات لتضع بشكل عملي حدا لها..
كما تنهي هذه التعديلات أي اتهام للجماعة الأردنية بأن لها ارتباطاتٍ بتنظيمات خارج الوطن، سوى مكتب الإرشاد الذي يكرس أصلا مبدأ استقلالية كل جماعة وفق ظروف القطر الموجودة فيه، علما بأن دور مكتب الإرشاد له دلالة من اسمه: الإرشاد، والمرجعية الدينية فقط، ولا دور له في قرارات الجماعات القطرية، إلا بمدى اتساقها وانسجامها مع «الشريعة».
أردنة تنظيم إخوان الأردن، ربما جاء وفق اعتبارات خاصة بالتنظيم، لكنه في المحصلة يتماهى مع توجهات الدولة، ويحقق مطلبا رسميا طالما كان محط انتقاد؛ بفصل تنظيم حماس عن تنظيم إخوان الأردن بشكل نهائي وقاطع!