الإصلاح نيوز / كتب عيسى المحاسنه
بين “اللايك” والـ”شير” تحددت ملامح الربيع العربي، فخلافاً لكل الحركات النضالية التي سبقت، تمكنت الثورات العربية من احتلال الفضاء الإعلامي الجديد لتصبح أكثر جرأءة، وسرعةً في ضم الناس إليها، وبفضل مواقع التواصل الاجتماعي أصبحت للأرض من مشارقها حتى مغاربها القدرة على معرفة حجم الذل والطغيان الذي كان يتعايش معه المواطن العربي.
لقد أدركت الأنظمة العربية ذلك منذ أول رمق لتحركات الشارع، فحاربت استخدام المواطنين لمثل هذه المواقع كما رأينا في أيام زين العابدين في تونس وتصعّدت إلى أن وصلت الأمور إلى قطع الإنترنت والاتصالات كلياً أبان الثورة في ظل نظام مبارك في مصر.
الأمور تختلف كثيراً في الأردن، على الرغم أن المطالبين بالإصلاح ومن شارك الحراك اغتنموا قوة الفيسبوك والتويتر مذ أن أستهلوا طريقهم، إلا أن الأردن لم ولن يفكر يوماً بأن يقطع الإنترنت أو أن يمنع الناس عن أدوات التعبير الحديثة.
ولكن، لا يمكن أن ننكر يوماً أنّ الشباب الذين يسودون الشوارع طلباً للإصلاح جلهم من جيل الإنترنت والمعلومات، إن كانت الأجيال التي سبقتنا قد تربت على بروباغاندا أحمد سعيد و”تجوع يا سمك”، فإن جيلنا رضع حرية المعلومة ونما على أنغام التواصل “الافتراضي” مذ أن أبصر النور.
لم يكتف الحراك الأردني من الدعوة للمسيرات والمظاهرات عبر الفيسبوك، أو الدعوة إلى الإصلاح عن طريق وسم #ReformJO على تويتر، بالإضافة إلى مقاطع فيديو على اليوتيوب تظهر اعتداءات “الزعران” تارةً ونداءات الحراك تارة أخرى.
وإنما انتقل أخيراً إلى استخدام مواد هزلية على طريق موقع 9GAG الذي يزداد شهرة يوماً بعد يوم في أوساط الشباب الأردني.
موقع 9GAG هذا، لمن لا يعرفه، هو موقع يعرض مواد أو صور مضحكة يمكن للجميع حملها والتصويت عليها بطريقة ديمقراطية حتى تظهر أكثر الصور المضحكة حاصلة على الأصوات في صفحتها الرئيسية، وتزداد التعليقات عليها وتشاركها عبر المواقع الأخرى.
9GAG قائم أساساً على فكرة الميمات أو Meme بالانكليزية، وهو ما يقصد بها “وحدة المعلومات الثقافية” أي بعض الرموز الثقافية التي تنتشر بين مجتمع معين وتنتقل بين أفراده. فقد تكون بعض (النكت) المتداولة على الموقع هذا لا يفهمها إلا من قضى بلوغه ورشده على مثل هذه المواقع وسبق أن ورد من منابع (الثقافة الإنترنتية) من قبل.
ومن الميمات الشهيرة، استخدام شخصية (لماذا لا…؟) للتعبير عن دهشة الامتناع عن قيام بشيء أو رديفها بلغة الدردشة الإنجليزية Y U NO…? ، لم يكن غريباً أن يستعان بهذه الشخصية في سماء عمان يوم الجمعة الماضية، بالحفاظ على حسه الفكاهي و ليعبر مرة أخرى عن ضجر الشارع بعدم تطبيق وعود الإصلاح التي طالما سمعنا عنها مراراً وتكراراً، فقد كان هذا (الميم) باللهجة الأردنية الدارجة (لويش ما عم تصلح؟).
الحراك الأردني عرفناه مبتكراً لشعارات قد تكون هزلية، والأمثلة كثيرة، وما هذا إلا إضافة للإبداعات المضحكة التي أوجدها هذا الحراك، ونحن نعلم، للأسف، أن شر البلية ما يضحك…
لقد سبق أن رفع شعار (الشعب يريد إسقاط النظام) في ثورة تونس ومصر، ولكن لم أجد أحق بشعار (لويش ما عم تصلح) ليعبر عن تطلعات الحراك الأردني، فليصبح شعارنا الأردني بكل امتياز… لويش ما عم تصلح؟