يقول الشيخ كمال الخطيب من أُم الفحم «نـَحْـنُ فِـلِزٌ خَاصٌ عَـصِـيٌ على الكَسْر، لا يُـصْـهَـرُ ولا يُقْهَرُ، لا يَغْـرَقُ ولا يُحْرَقُ» وجاءت كلماته في معرض تعليقه على الوثيقة المؤلفة من 27 صفحة والتي أعدها سفراء الإتحاد الأوروبي المعتمدين في إسرائيل يوم 26/12/2011 والتى انتقدوا بها التمييز ضد عرب ال48 والذين بلغت إحصاءاتهم رسمياً حسب الكتاب السنوي لعام 2010 نسبة 20.4% من السكان بإعتبار أن عددهم حالياً ما يزيد عن مليون ونصف المليون: 1.575.575 عربياً يعانون من التمييز ضدهم في التعليم وفرص العمل والخدمات الصحية وغياب الرعاية لمدنهم وقراهم، وعدم إدماجهم في البنية التحتية المدنية حتى أن الكثير من قراهم تفتقر لربطها بشبكات الكهرباء والمياه النظيفة والمدارس والصرف الصحي.
لقد حاول الإسرائيليون في الخمسينات من القرن الماضي نزع الهوية العربية والإسلامية عن الأقلية العربية بعدة وسائل مماثلة لتلك التي إستخدمها أبناء تكساس للْجَـلـَب من الصومال وسيراليون وغامبيا ونيجيريا وتحويلهم الى أدوات إنتاج دونما هوية او لغة أو دين ونجحت هناك التجربة كما يصفها الكاتب أليكس هالي في رائعته « الجذور « حيث يسهب في شرح معاناة الشيخ المسلم « عمر كونتي كونتا».
وتؤيد ما قاله الشيخ كمال الخطيب الوثائق المذهلة التي أوردها المؤرخ هليل كوهين في كتابه (قصة تعامل الأمن الاسرائيلي مع العرب خلال 1948 وحتى 1967 ).
والكتاب الثاني( قصة المتعاونين مع الصهيونية خلال 1917 وحتى 1948 ). وقد نُشر الكتابان في عامي 2008 و2010 ولو تعرض أي شعب آخر لما تعرض له شعب فلسطين لذابت هويته ولتلاشت لغته ولاندثرت منظومة قيمه الاخلاقية تماما كما نجحت هولندا في نزع اللغة والدين والهوية من شعوب مستعمراتها في شرق أسيا خلال أربعين عاماً.
بقي في فلسطين الداخل بعد انتصار الهاغاناة 160 الفاً من العرب، ولكنهم الآن 20.4% من مجموع عدد سكان إسرائيل، ويهددون نتنياهو بأنهم القنبلة السكانية التي ستُفجِّر يهودية الدولة العبرية عما قريب.
لقد بقي العربي في إسرائيل محافظاً على إبائه وكرامته وهويته، لم تحطمه العمليات النفسية التي تعرض لها، ولم تُذله الممارسات الجسدية القسرية التي فرضوها عليه في زنازن السجون، وحافظ على عفة عرضه وشرف أرضه.
ويأتي وزير الخارجية افيجدور ليبرمان ليهاجم السفراء الأوروبيين للدراسة القيمة التي وقعوا عليها الأسبوع الماضي، وليكرر مقترحه عليهم، باعتبارهم متعاطفين مع العرب، فيقول أنه على استعداد، في إطار صفقة صلح شاملة، لتخلي إسرائيل عن سيادتها السياسية في وادي عارة، والطيبة، وباقة الغربية، وأم الفحم للسلطة الوطنية الفلسطينية وبالإضافة لمناطق الكثافة السكانية العربية ذات التماس الجغرافي المباشر للدولة الفلسطينية مقابل قبول العرب بسيادة إسرائيل على جميع المستوطنات في المناطق المحتلة.
لقد أراد سفراء الإتحاد الأوروبي بوثيقتهم الأسبوع الماضي الضغط على إسرائيل لتحسين الظروف المعيشية للعربي هناك، وجاء الرد الفلسطيني أننا لن نركع مهما أساءوا ظروف معيشتنا، وهكذا جاء الجواب من أم الفحم « نـَحْـنُ فِـلِزٌ خَاصٌ عَـصِـيٌ على الكَسْر، لا يُـصْـهَـرُ ولا يُقْهَرُ، لا يَغْـرَقُ ولا يُحْرَقُ».