المنهج العادل في التعامل مع أصحاب المسؤولية أن يقال للمحسن أحسنت وللمسيء أسأت; ولذلك فإنّ من المروءة والشجاعة قول الحق والبحث عن الحقيقة, ووصف الأمور بمسمياتها الحقيقية, هذا هو موقف “المعارضة” السياسية من وجهة نظر الفكر الإسلامي, ولا يجوز اتخاذ موقف المعارضة الدائمة للحق والباطل على السواء, وتأتي تسمية المعارضة في الفكر السياسي الحديث من باب المعارضة على الجملة في المنهج العام, أو أغلبية السياسات العامة, ولا يعني ذلك عدم اتفاق المعارضة مع من هم في سدّة القرار في بعض المسائل, أو في بعض الملفات أو في بعض المواقف, إذ إن المعارضة الدائمة تصبح عدمية, كما أنّ الموالاة الدائمة تصبح عبثية أيضاً.
ومن هذا المنطلق فإنّنا نشد على يد الحكومة في سعيها الجدّي والحثيث على انتزاع الولاية الدستورية للحكومة, كما ينصّ الدستور على ذلك, إذ ينبغي للحكومة أن تبسط مسؤولياتها على كل جوانب الدولة بلا استثناء; السياسية والاقتصادية والأمنية والعسكرية, والخارجية والداخلية, ولا يجوز أن تصبح الحكومة عبارة عن كبار موظفين, بل إنّ رئيس الحكومة رجل الدولة الذي يتحمّل المسؤولية الكاملة عن كل شأن صغير أو كبير يتعلق بالأردن الدولة, ولذلك سواءً كنّا نتفق أو نختلف مع رئيس الحكومة فمن المصلحة أن يتم دعمه في تحقيق هذا المبدأ الدستوري المهمّ.
ولذلك فإنّنا نشد على يد الرئيس في المضيّ الحاسم والجازم في محاربة الفساد ومحاسبة الفاسدين, وأن يتم المضيّ في هذا المشوار الشاق والمتعب, مهما كانت النتائج, وفي هذا المجال ينبغي تجلية الحقيقة الراسخة, بأنّ محاسبة الفاسدين تؤدي إلى ترسيخ دولة القانون والمؤسسات, التي تعد البيئة السلمية والصحيحة لتشجيع الاستثمار وضرب المستثمرين, وليس كما يقول بعضهم إنّ محاسبة الفساد يؤدي إلى طرد الاستثمار والمستثمرين من الأردن; ممّا يؤدي إلى ضعف الاقتصاد, بما يشكل دعوة صريحة للتغاضي عن الفساد, ويفتح المجال للمفسدين لممارسة السرقة والرشوة ومخالفة الدستور والخروج على القانون من أجل مصالحهم الشخصية المتقزمة.
كما يجب تشجيع الرئيس على فتح ملفات الخصخصة في الشركات الكبرى, مثل: الفوسفات والبوتاس والإسمنت والاتصالات; لأنّه يشوبها بعض الشبه والعيوب والنواقص التي يجب أن تستدرك وتصحح, لأنّ الحق قديم ولا يزول ولا يتحول إلى باطل ولذلك يجب الرجوع إليه, أمّا إذا كان هناك ظلم وافتراء على حق الأمّة, فيجب العودة عن الظلم وتصحيح الخطأ, وهو الأولى وهذا موقف عادل وجريء.
ومن المهمّ والواجب أيضاً دعم الحكومة والتعاون معها في صياغة قانون انتخابات ملائم, ينتقل بالأردن من مرحلة إلى مرحلة, من مرحلة التفتيت والتشويه ونشر البغضاء والقطيعة في النسيج الاجتماعي إلى ما يعزز الوحدة ويحافظ على النسيج الاجتماعي عن طريق قانون (القائمة) الذي يكرس التنافس بين البرامج السياسية والقوائم الحزبية, من أجل إخراج مجلس نواب سياسي قادر على القيام بمهامه الدستورية من تشريع ورقابة.
وعلى الحكومة أن تشرع ببرنامجها الإصلاحي, دون توقف وأن تعيد الحقوق إلى أصحابها, وأن تصلح المخالفات القانونية والدستورية دون التفات إلى أقوال العيّابين الذين ينتقدون الأمر ونقيضه دون رادع من ضمير أو ضابط من فكر.
العرب اليوم