انتجت النسخة الاردنية من الاخوان المسلمين اطنانا من الحيرة والارتباك السياسي مع نهاية الاسبوع الماضي عندما وجهت رسالتين لا تنقصهما البلاغه لكل من يهمه الامر في البلاد سواء في السلطة او خارجها.
الرسالة الاولى تقول بوضوح بأن قواعد لعبة التعبير السلمي في الشارع تغيرت قليلا خصوصا بعد المغامرة الامنية التي سمحت بحرق مقر الاخوان المسلمين في مدينة المفرق شمالي البلاد قبل نحو عشرة ايام.
وتركت مهمة ابلاغ القوم بالقواعد الجديدة للشيخ زكي بني ارشيد المشاكس الاكبر للسلطات واحد ابرز المزعجين لاوساط القرار.. هنا تحديدا تطوع الرجل لشرح عبارته السابقة التي قال فيها بأن ””المقاربة تغيرت”” بعدما حصل في المفرق.
ووفقا لارشيد ستتطور آليات الحراك والاعتراض وستحصل مفاجآت اعتبارا من السادس من الشهر الجاري بمناسبة الذكرى السنوية لانطلاق الحراك ولم يعد الفيتو مرفوعا ضد الاعتصامات الطويلة او المفتوحة ولا بعض مظاهر العصيان المدني والاهم حسب ارشيد هو ان الاعتصامات قد تنتقل لاحقا لتنظم امام اليوان الملكي وجهاز المخابرات العامة. ويبدو ان ارشيد القيادي المهم في التنظيم الاخواني اليوم يخاطب قواعد الحركة الغاضبة قبل غيرها وهو ينظر لما حصل في المفرق من ضرب للاخوان المسلمين وحرق لمقرهم على اساس انه حادث يشبه حادثة ””سيدي بو زيد”” التونسية ذاهبا فيما يبدو لاقصى مدى وهو يخبر الجمهور بكيفية اختلاف المقاربة.
وفي الوقت الذي تكفل فيه ارشيد بالتبشير بهذه المستجدات بصفته مسؤول التشبيك الابرز مع بقية الحراكات تعهد قادة اخرون في الحركة باظهار النعومة وتقاسم الادوار على جبهات اخرى فقد جلس الشيخ عبد اللطيف عربيات الى مائدة حوار ملكية وتحدث بجوهر المسألة وهي ملف الانتخابات والاصلاح.
وفي غضون ذلك تولى الشيخ ارحيل الغرايبة اعادة احياء التواصل مع عشائر مدينة المفرق وبقية الحراكات العشائرية قبل ان يتوارى الشيخان همام سعيد وحمزة منصور المتهمان عمليا بالتصعيد في شرقي البلاد عن الانظار والاعلام.
وهذه الاجواء مهدت الامر للرسالة الثانية المهمة التي ارسلها الاسلاميون والتي برزت ظهر الجمعة الماضية حيث ظهر بكثافة وقصدا امام الاعلام شباب الاخوان المسلمين مرتدين عصابات خضراء ويتحركون بطريقة منظمة جدا على طريقة الكشافة والمارشات العسكرية واطلقوا هتافات يفهم منها ان القواعد قررت الدفاع بنفسها عن التنظيم وحماية المقرات.
وهذا المشهد وجد بسرعة من يقارنه باستعراضات حركة حماس وحزب الله من خصوم الاخوان المسلمين رغم انه ليس جديدا بمسيرات الاخوان المسلمين وكل ما حصل ان القواعد الشابة رغبت بتكثيفه وتركيز الاضواء عليه وهو ما حصل عمليا في الوقت الذي اضطر فيه مشايخ التنظيم للسماح للشباب بالتعبير عن احتقانهم بسبب اتهامات تبناها بعض الشباب للقيادة بعنوان الخضوع والخنوع وعدم الرد على اهانة ما حصل في المفرق.
حتى الشيخ عربيات لم يستطع التبرؤ من الاستعراض الشبابي فخرج للاعلام منتقدا من يحاولون زرع الفتنة بين العشائر والتيار ورافضا للمبالغة في الحديث عن استعراض عسكري للاخوان المسلمين.
كذلك فعل الشيخ ارشيد الذي طالب من يسيئون قصدا فهم الاشياء تفسير الاستعراض الشبابي كما يريدون ثم اشار لاحقا لان شباب الاخوان المسلمين محتقنون ومن حقهم حماية انفسهم ما دامت الدولة لا توفر لهم الحماية.
وهذه التعليقات وغيرها لا تعكس في الواقع الا الضغوط التي تعرضت لها مؤسسات الاخوان الداخلية من قبل القواعد الشابة بعد حادثة المفرق، حيث يقول المشايخ ضمنيا للنظام السياسي بأن القواعد الشابة التي تحركت وسط العاصمة بطريقة المارشات او الكشافة على حد تعبير الشيخ علي ابو السكر قد تخرج عن السيطرة.