قبل اندلاع الثورة المصرية كان جراح القلب باسم يوسف ينوي الرحيل عن مصر للعمل في الخارج. لكنه فضل البقاء الآن في مصر. وانشأ موقعا على اليوتيوب يتناول السياسة باسلوب نقدي ساخر. نال هذا الموقع شعبية كبيرة وبقي باسم وسيبقى حتى اتمام مهمته: وهي ان يصبح المواطن المصري على بينة من التلاعب المستمر بمصيره. تريد الكوميدية منى هلا الامر نفسه وكذلك ان تتمكن كأول امرأة مصرية من الوصول الى هوليوود.يجلس باسم يوسف حول طاولة كبيرة ويحيط به عشرات الفتيان والفتيات المنشغلين باجهزة الكومبيوتر المحمولة. امتلأ اللوح الابيض بالافكار والامثلة الشعبية. يعمل باسم وفريقه بجد : الليلة سجلت حلقة من البرنامج.
بعد سقوط حسني مبارك اقنعه احد الاصدقاء بتقديم عرض ساخر يحتوي على النكات السياسية والافلام القصيرة. ” اضحاك الناس ليس الهدف الرئيسي من العرض. نريد ان نظهر للناس انه يتم التلاعب بهم”. يسافر باسم بشكل منتظم الى الولايات المتحدة ، وشاهد العديد من حلقات دايلي شو او العرض اليومي لجون ستيوارت، وهذا ما نلاحظه في برنامج باسم. بعد 17 حلقة على اليوتيوب قبل باسم ان تعرض قناة اون تي في برنامجه.
الليلة سيعود لمرة واحدة لاستعمال الديكور القديم في منزله والذي كان يستخدمه في افلامه القصيرة على اليوتيوب. الرسالة هي ” لم يتغير شيء ابدا. عملية غسل الدماغ مستمرة ” يتوقع باسم ان يكون وقع الحلقة التي سجلت كبيرا وصادما ويقول ” اظهرنا الواقع الموازي للوضع في سوريا, انا لا ارى اي فرق. الاعترافات الكاذبة على سبيل المثال، شاهدنا هذا الاسبوع على التلفزيون شخصين يعترفان بقيامهما باعمال تخريبية في محيط مجلس الوزراء. تبين لاحقا ان هذين الشخصين اعتقلوا لمدة ثلاثة ايام ولسبب آخر”.
لدى باسم قناعة ان ما يسمى ” الحثالة” الذين ينشطون الآن هم نفس الحثالة الذين اثاروا الاضطرابات ايام الثورة. ” يبث التلفزيون الوطني باستمرار صورا لاشخاص يرقصون بالقرب من البقايا المحترقة للمعهد التاريخي في مصر. كيف يعقل انهم لم يستطيعوا العثور عليهم، في وقت هم مثل الدجاج ينشطون لاعتقال المتظاهرين والاعتداء عليهم؟.
ليس لدى باسم ادنى شك من هو المسؤول عن اثارة الاضطرابات ” انا لا اتهم احدا، لكن من يحكم البلاد؟ اذا كانوا يعرفون من هم وراء هذه الجرائم، لما لا يعتقلونهم. اما اذا كانوا لا يعرفون، فالمصيبة اكبر. في كلتا الحالتين ان الجيش هو من يتحمل المسؤولية”.
الحال كما كان في بداية العام، في شهري يناير وفبراير، عندما حاولت السلطة العسكرية تلطيخ سمعة المتظاهرين. ” لن يفاجئني الامر اذا احترق غدا المتحف الوطني المصري، والصقت التهمة بالمتظاهرين” يقول باسم ويضيف ” يحاولون تقليب الرأي العام ضد المتظاهرين . وللاسف فقد نجحوا بذلك الى حد كبير”.
…………….
منى هلا ايضا غير متفائلة. ولدت منى من اب نمساوي وام مصرية وتعمل منذ سن الثالثة عشرة في التمثيل. بدأت بعد الثورة بعرض على اليوتيوب يدعى ” منى توف “، تنتقد في الافلام القصيرة التي تصورها الحكومة المصرية والاعلام وغيرهم. ” نريد ان نظهر ان الحكومات تزرع الكراهية بين العرب. وفي كل ما يصيبنا نضع اللوم على اسرائيل، حتى في قضية سمكة القرش التي هاجمت السياح في شرم الشيخ”.
ليس الجميع راضيا عن منى توف، “الآن خف الانتقاد عما كان عليه في البداية ولكن لا يزال هناك اشخاص لم يتعودوا عليه بعد” تقول منى وتضيف ” الانتقادات تقتصر احيانا على ان قميصي مكشوف كثيرا”. تعتقد منى ان الانتقادات سببها ايضا انها انثى. وتقول باسم يوسف لا يتعرض بالتأكيد الى هذا الكم من الشتائم. ان تخبر امرأة نكات عنهم امر لا يستطيعون تحمله”.
مع ذلك تعتبر منى ان الفكاهة هي الوسيلة الافضل لزيادة الوعي لدى الناس.” اذا جعلت الناس يضحكون على انفسهم تعطيهم بذلك الصدمة الاكبر. نحن العرب نأخذ كل شيء على صعيد شخصي، لذلك عندما تقول: انتم على هذا اوذاك الشكل، يتفاجئون”. تعتقد منى ان الثورة ساعدت قليلا على تثبيت صورة النساء الفنانات. ” الناس رأت اننا شاركنا في الثورة ولم نكن نعيش في عالم آخر”.
حلمها طبعا هو الوصول الى هوليوود. ” انا اعتقد انني المرأة الوحيدة في مصر التي تعمل ككوميدي، والوحيدة التي تطمح ان تصل الى هوليوود”. لكن اولا هناك عمل يجب انجازه في مصر ” الجيش الذي يضرب الناس، العلماء المسلمين الذين يصدرون فتاوى غير صحيحة… هناك مواضيع كافية. نريد ان يدرك الناس انه يتم التلاعب بهم”.
تنظر منى الى الوضع بتشاؤم. ” هناك العديد من الناس الذين لا يريدون ان يفهموا” تقول منى وتضيف ” لا يفهمون ان الناس الموجودين في ميدان التحرير يضحون بانفسهم من اجلهم ومن اجل الناس الذين يجلسون في بيوتهم”. عندما نزلت الى الشارع في يناير الماضي عارضت عائلة والدتها الامر. ” لقد شتموني واتصلوا بي هاتفيا مرات عدة حتى اعود. عندما رحل مبارك، اصبحت فجأة بطلة في نظرهم. الآن انها القصة ذاتها. عندما يحقق المتظاهرون في ميدان التحرير اهدافهم، سيندم من يشتمهم الآن وهو جالس في منزله.