إصلاح نيوز/
“احتمال سفرك خارج حدود الوطن، قد تتعرض إلى خسارة مادية تقعدك بالمنزل، تتعرض إلى أزمة صحية ما بين فصلي الربيع والصيف تعبرها بسلام، انتبه إلى المقربين منك لأنهم قد يغدرون بك، قد ترتبط إذا كنت عازبا فهذا العام هو عامك”.
تنشغل وسائل الإعلام المختلفة من مرئي ومسموع ومقروء، بمثل هذه المقولات والآراء التي يصوغها مختصون في مجال الفلك والأبراج، فيضعون توقعاتهم للعام المقبل (2012) للمشاهير، وللعامة من الناس.
هي توقعات، ليس أكثر ولكنها تشكل مادة مقروءة للناس، فيستمرون بمتابعتها، من باب التسلية أولا، ومن ثم ركوب موجة الأمل، وتوقع ما هو أفضل في العام المقبل بمختلف الشؤون الفردية أو العام.
ومع اقتراب الأيام الأخيرة من العام تتساءل وفاء علي (25 عاما)، ماذا يخبئ لها برجها الفلكي في العام المقبل؟؟.
وتعتقد أن مثل هذه الأمور تعنيها كثيرا، خصوصا أنها ترسم توقعات للأيام والأشهر الأفضل بالنسبة لها، معتبرة أن قراءة الأبراج مهمة لها، لأن الفلك يؤثر على الإنسان وحياته بشتى الجوانب، فهو علم قائم، ولا يمكن تجاوزه، “رغم أنني لست مهووسة بمعرفة التفاصيل الدقيقة، لكني متابعة لتوقعات الأبراج في كل عام” كما تقول.
في حين لا تشكل الأبراج لوليد عبدالرحمن (36 عاما)، أي أهمية، لأنه لا يؤمن بها ولا بتكهناتها، إلا أنه إذا توفر له الوقت مع عائلته في عطلة رأس السنة، فقد يتابع ما يقال عن برجه، مما يشعره أحيانا بالتفاؤل.
وتعترف رهام تيسير (27 عاما) أنَّ الأبراج علم قائم بحدّ ذاته، يستند للكثير من الأرقام والحسابات وغيرها، ومرتبط على الدوام وفق متابعتها بأحوال الناس وتأثير الفلك على الأفراد، ولا تعتبر أن متابعتها شهريا وخلال نهاية العام للأبراج أمر فيه نوع من (المغالاة)، لأن حركة النجوم- حسب اعتقادها- تؤثر مباشرة على الإنسان بيومياته، ومن الطبيعي أن يتأثر الفرد في تلك التغيرات الفلكية.
وبعيدا عن التنجيم ومعرفة المستقبل، تقول الطالبة الجامعية نسرين (21 عاما)، إنها تستغرب اهتمام صديقاتها بشكل كبير بعلم الأبراج، مبينة أنهن يتلهفن يوميا لمعرفة ماذا تقول لهن الأبراج، بالإضافة لمتابعتهن آخر تفاصيل العام المقبل، وما تحمله أبراجهن لحياتهن.
وتفسر مثل هذه المتابعات وخاصة من الشباب، بأن الاهتمام بمثل هذه الأمور يجعل البعض يشغل وقته بلا فائدة، حيث إنَّ الكثير ممن يقرأون الأبراج يبالغون في وصف الأحداث، والأشهر الصعبة وغيرها، معتبرة أنَّ السبب في ازدياد الاهتمام بهذه الظاهرة رغبة الكثير من الناس في التعلق بأيّ خبر أو أمل يُقال لهم، والهروب من واقعهم والعيش في الأحلام.
ويبدي أبو محمد (63 عاماً) عدم إيمانه بالأبراج وتوقعاتها، التي يراها أنها لا تمت للواقع بصلة، وهدفها إشغال وقت الأفراد بأشياء غير ضرورية، معتبرا أن الكثير من المتخصصين بالأبراج، ينشرون كتبا ومجلدات عن أيام السنة، لا تنسجم مع الواقع، وتشبع غريزة الفضول والعيش في أرض اللاواقع للفرد فقط.
وعلى الرغم من اختلاف آراء الأفراد في الحصول على آخر المستجدات لأبراجهم في العام المقبل، تقول اختصاصية علم الفلك والأبراج فردوس عبد الرحمن، إن حمّى الأبراج تجتاح الكثيرين مع استقبال العام الجديد، لمعرفة توقعات الأبراج وتنبؤاتها في العام الجديد.
وترى أن الفضول يدفع الكثيرين لمعرفة ما سيحدث قبل بدء الحدث، منهم من يبدي تفاؤله، ومنهم لا يعرف ماذا تحمل له الأيام المقبلة إن كان خيرا أم شرا، فينشط كل من هبّ ودبّ للإدلاء بدلوه في قراءة الحظ، وما تقوله الأبراج، وكل حسب ما يتصوّره أو ينسجه له خياله من تصوّرات، يضيف إليها عنصر التشويق، ليؤكّد التصديق لهذا القول، وإن كان لا أساس له من الصحة.
وتؤكد عبد الرحمن، أنّ علم الفلك، قائم من أقدم العصور، وعمل به علماء العرب القدماء والفراعنة والإغريق والبابليون وكهنة المعابد، لكنها تعتبر أن لهذا العلم أسسا وقواعد تبنى على حسابات رياضيّة، لأنّ لكل كوكب حركة دوران معيّنة ومحسوبة، وفترة مكوث في البرج، تعتمد على دورة الشمس والقمر وما تشكله من زوايا مع الكواكب الأخرى وحسب البيوت الاثني عشر.
وتوضح أن لكل كوكب موقعا وزمنا، ولكل برج 30 درجة، و12 بيتا، وحسب هذا التوزيع يتمّ تحليل الزاوية ويكون التوقع، وللعلم أنه لا يتشابه اثنان حتى بين التوائم، لأن لكل مولود ساعة ولادة، واسما مختلفا، وما بين دقيقة وأخرى تختلف الدرجات بين كوكب وآخر.
لذلك ترى أن عملية التوقع ليست اعتباطيّة نرسمها كما نشاء، بل خرائط ورسومات هندسية صادرة عن مؤسسات فلكيّة متخصصة، ولكل فلكي متخصّص تحليل قد يختلف عن الآخر، مشددة على أهمية أن لا يصدق المواطن كل ما يكتب أو يقال إلا من أصحاب العلم.
كما يبين اختصاصي علم النفس الدكتور خليل أبو زناد أن اهتمام الأفراد وتعلّقهم بالأبراج يعود إلى ثقافة المجتمع، وحاجة الفرد إلى المعرفة، وقد تكون تلك التوقعات أقرب إلى الأوهام من الحقيقة.
ويدعو الأفراد أن يكونوا حذرين في الاستماع إلى التوقعات، لأنها ليست حقيقية خصوصا في الأمور السلبية، وعليهم عدم الاتكال على تلك التوقعات، مبينا أن تلك التوقعات لغاية الآن لم تتأكد إن كانت حقيقية أم لا، وهل جميعها مرتبطة بعلم الفلك أم عبارة عن تكهنات لا ترتبط بعلم فلكي.
ويشير أستاذ علم الاجتماع في الجامعة الأردنية د.حسين الخزاعي إلى أن الإنسان دائما يحب أن يعرف المستقبل، وأن يتوقع ما تحمله الأيام المقبلة له، والإعلام بدأ يستفيد من تلك الظاهرة، لا بل يساهم في تشجيعها.
ويقول الخزاعي إن المستقبل بالنسبة لبعض الأفراد يرتبط بالفلك، لذا يلجأ البعض للاستماع إلى الأمنيات من خلال توقعات الأبراج، وكسر الروتين أحيانا، وهي حق مشروع، لكن على الفرد أن يكون حذرا في التعلق بالأوهام، ولا يكرّس وقته للاهتمام بذلك، لأن مثل هذه الأمور تؤثر على نفسيته وحياته الشخصية.