الحراك الشعبي في العاصمة الأردنية عمان لم يكن مفاجئا في ظل الربيع العربي، بل جاء منسجما معه مطلبيا ومختلفا معه في سقف الشعار الذي حصره الأردنيون بالإصلاح وليس الإسقاط.
بيد أن المفاجأة التي صاحبت الحراك الذي نفذ ما يزيد على4600،فعالية احتجاجية منذ انطلاقه في كانون الثاني،2011،،بروز ظاهرة الاعتداء على مسيرات الإصلاح التي بات يطلق عليها مصطلح البلطجة.
الحراك،كان امتدادا لحراك عمالي انطلق في العام،2010،وحقق رقما اعتبر قياسيا حينها بعدد الاحتجاجات العمالية التي بلغت،400،احتجاجا.
ما بدأ عماليا سيس في ظل الربيع العربي، لتعلو أصوات الأردنيين مطالبة بإصلاحات سياسية واقتصادية على رأسها رحيل حكومة سمير الرفاعي الحفيد التي غادرت الدوار الرابع على وقع احتجاجات الشارع، إلى جانب بروز أشكال احتجاجية شعبية مطلبية، اتسم بعضها باستخدام العنف وخاصة فيما يتعلق بملف فصل ودمج البلديات.
رحيل حكومة الرفاعي في الأول من شباط،2011،اعتبر انتصارا للحراك، الذي لم يرضه أن يكون البديل معروف البخيت الذي وصم بعد حكومته الأولى بتزوير الانتخابات ولاحقته تهم الفساد، ليساهم تكليفه في تأجيج الشارع بدلا من تسكينه.
الحراك الميداني في عهد البخيت بلغ أوجه، وظهرت أولى حالات “البلطجة” في مسيرة الحسيني بتاريخ،18-2، المسيرة التي تم فيها الاعتداء على المشاركين بالعصي والحجارة أوقعت إصابات،و شكلت الحكومة في أعقاب الحادثة لجنه تحقيق عما خلصت إليه حتى اليوم،.
حادثة الاعتداء على المسيرة لم تمر بهدوء بين الأوساط السياسية حيث دانت الأحزاب وشخصيات سياسية ونقابية الحادثة وطالبوا الحكومة بإيضاح ما جرى وكشف المتسببين بالاعتداء والجهات التي دفعتهم.
بيد أن ما سجل حادثا مفاجأة في حينه تحول إلى ظاهرة مع تكراره، ففي الرابع والعشرين من آذار انطلق حراك جديد على دوار الداخلية بخيمة اعتصام مفتوح، الاعتصام شكل أزمة سياسية في البلاد لم تشهد لها مثيلا، أعقبها صدام بين قوات الدرك والأمن العام والمعتصمين وقوى المولاة التي نزلت للشارع تأييدا للملك عبد الله الثاني، فض الاعتصام بـ”القوة”،وسقط أول قتيل،-تنازعت المعارضة والموالاة عليه،-،وشكلت الحكومة لجنة تحقيق لا تزال لغاية اليوم تفك خيوط الشيفرة المعقدة للحادثة.
اعتصام،24،آذار ورغم ما أعقبه من جدل حول أهدافه ومن يقف خلفه فتح الباب على مصراعيه لتنطلق المسيرات من كل صوب تحت عناوين مختلفة فكانت،”،جمعة الشعب مصدر السلطات”، “،جمعة سيادة القانون ومحاكمة الفاسدين”، “جمعة كفى”، “جمعة القبضة الأمنية”،”جمعة دعم أحرار الجنوب”،”جمعة اجتثاث الفساد والبلطجة”،”،جمعة لن يرهبنا القمع”،”،جمعة استرداد المال”،”،جمعة لا للمماطلة”،”جمعة لم تفهمونا”،وغيرها من المسميات.
مع استمرار الحراك الشعبي، وقعت مصادمات عنيفة بتاريخ الخامس عشر من نيسان في الزرقاء عندما دخل السلفيون على خط الحراك وطالبو بالإفراج عن أعضاء من تيارهم ، مصادمات استخدمت فيها السكاكين والعصي وأعقب الاعتداء جرحى فضلا عن اعتقالات طالت صفوف التيار السلفي.
في السادس عشر من تموز اقدم رجل سير على ضرب المعتصمين في ساحة النخيل – رأس العين مستخدما “المنقل” بمساعدة عدد من “البلطجية”، صورة رجل السير الذي اصطلح عليه لاحقا،”،ابو منقل”،أصبحت حديث المعارضة وتناقلتها مواقع التواصل الاجتماعي لتتم المطالبة بالكشف عن هويته ومعاقبته، يومها قرر الحراك الذي اراد لاعتصامه ان يكون مفتوحا تعليقه حفاظا على دماء الأردنيين.
مسلسل الاعتداء من قبل “البلطجية” الذي لم تضع له الحكومة حد لردعهم لم يتوقف بل امتد لمدينة الكرك التي شهدت في الثاني عشر من اب اعتداء بالعصي والحجارة على المشاركين في اعتصام سلمي اقيم في ميدان صلاح الدين.
في الأول من تشرين الأول اندلعت أحداث شغب في بلدة ساكب برعاية “البلطجية” بعد أن رشق مجهولون خيمة الإصلاح بالحجارة.
وأدى الاعتداء إلى وقوع عشرات الإصابات وكسر زجاج سيارة مرافق القيادي المعارض المهندس ليث شبيلات،،وجاءت الأحداث إثر قيام المهندس شبيلات بالحديث عن الإصلاح السياسي.
مشهد الاعتداء على شخصيات سياسية وطنية تكرر بمحاولة الاعتداء على رئيس الوزراء الأسبق احمد عبيدات في السادس عشر من تشرين الاول في سحلوب بعد قيام الاخير بالقاء ندوة في مهرجان لتجمع عدد من عشائر المنطقة.
واتهمت المعارضة حينها، عقب المهرجان الذي أسفرت أحداث الشغب فيه عن وقوع عشرات الإصابات الطفيفة، الأجهزة الأمنية بمسؤوليتها عن وقوع الأحداث، مشيرة إلى رصد حالة،”التغيب الأمني”،أثناء عقد المهرجان.
ورحل الرئيس الثاني البخيت، تحت وقع الاحتجاج الشعبي الذي اتسم باستخدام العنف فيما يتعلق بفصل ودمج البلديات، مصاحبا معه مدير المخابرات العامة محمد الرقاد، ليكلف الملك في السابع عشر من تشرين أول الماضي القاضي عون الخصاونة بتشكيل حكومة جديدة.
لم يسمع الخصاونة خلال المسيرات التي لم تنقطع منذ تكليفه هتافات تطالب برحيله،لكنه سمع هتافات تحتج على طريقة تعينه.
الخصاونة وجد نفسه في أول اختبار حقيقي أمام قضية مقتل الشاب نجم الدين الزعبي، التي صاحبها احتجاجات على الواجهات العشائرية في لواء القطرانة، القضايا التي أجلت من خلال لجان لم تنهيها قفز عنها ليجد نفسه بوجه اعتصام طلاب جامعة الطفيلة التقنية.
وكان أهم اختبار للخصاونة شكلته أحداث المفرق التي جرت في الثالث والعشرين من كانون الأولى2011، حيث إن اختبار المفرق أعاد الإسلاميين إلى ساحة التحرك بعد محاولات الخصاونة إقصائهم عنه اثر حرق مقر حزبهم في الأحداث.
الإسلاميون حملوا الحكومة والأجهزة الأمنية مسؤولية ما أصابهم في المفرق من خلال مؤامرة دبروها بمساعدة العشائر، ملوحين باللجوء إلى القضاء، ومعلنين عن حراك موازي في الشارع يبشر بدخول الخصاونة شتاء حارا.
العام،2011،يغلق أبوابه مسلما الراية لعام جديد، أعلن حراك لواء ذيبان عن افتتاحه بمفاجأة احتجاجية في السادس من الشهر القادم الذكرى لانطلاق الحراك لم يفصح ماهيتها.